إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الأثر النفسي لتطبيق الحدود الشرعية









دور العِقاب في تقويم السلوك الخاطئ

دور العِقاب في تقويم السلوك الخاطئ

     لِمَ وكيف يتجنّب الفرد سلوكاً ما، على الرغم مما قد يجلِبه هذا السلوك من لَذّة، أو يحقّقه من فائدة له ( ظاهراً )؟

     يمرّ التجنب لسلوك ما بخطوات ثلاث، هي:

أولاً: المعرفة على المستوى العقلي.

ثانياً: الموقف الداخلي أو الاتجاهات.

ثالثاً: سلوك التجنب.

أولاً: المعرفة على المستوى العقلي

     وهي أن يدرك الفرد أن هذا السلوك خاطئ، ونتائجه سيّئة، وعواقبه وخيمة. وهـذه مرحلة سطحية، لا تكفي لِردْع الإنسان عن إتيان سلوك ما، خاصة إذا كان هذا السلوك يحقق إشباعاً للَذّة بصورة مباشرة، أو فائدة للفرد. وليس أَدَلّ على ذلك من أن كثيرين من المدخّنين يعرفون أضرار التدخين، ولكنهم لم يُقلِعوا عنه، على الرغم مما هو مكتوب على علب السجائر، من أن التدخين ضارّ جداً بالصحة، وبما تأكد من علاقة وثيقة بين التدخين وأمراض جسمانية مُهلِكة، أهمها سرطان الرئة، ومع ذلك لم تكْفِ هذه المعرفة ليمتنع المدخّن عن التدخين. لذلك، كان لا بدّ من خطوة ثانية، تكون أعمق من المعرفة، ليتجنّب الإنسان سلوكاً ما. وهكذا، يأتي دور الجانب الانفعالي ( أو العاطفي )، أو ما يسمى بالاتجاهات الداخلية للفرد.

ثانياً: الموقف الداخلي أو الاتجاهات

     وهي تنبُع من الجهاز القيَمي، الذي يتكّون داخل الإنسان منذ طفولته المبكرة، ويكتمل نموّه ببلوغ الإنسان سِنّ الرشد. ويتكوّن هذا الجهاز من خلال ما يتلقّاه الطفل من قِيم وأخلاقيات المُحيطِين به، خاصة الأم، التي تلقّنه الخطأ والصواب، ليس على مستوى الألفاظ فقط، ولكن على مستوى الفعل والقدوة. فيكُون التشجيع عند فعل الصواب، والنهيُ والزجْر والعِقاب عند فعل الخطأ، أول حدوثه. ولا شك أن الأم والمحيطين بها، يجسِّدون قِيم المجتمع الذي يعيشون فيه، فلا تلبث تلك القِيم أن تترسخ في ذِهن الصغير من خلالهم. وكلما اتّسقت سلوكيات القائمين على التربية، مع المعايير الاجتماعية السائدة ومع الجانب المعرفي، الذي يُلَقّن للصغير، ترسّخت القِيم، وأصبحت تؤدّي دورها بِيُسر وسلاسة في تعديل سلوك الفرد وضَبْطه. وتوجّه الاتجاهات سلوك الفرد في المواقف المختلفة طِبقاً لميولها، وبصِبغة انفعالية، مما يعطي السلوك قوة دافعة، مَنْشَؤها ذاتي ( أي نابع من ذات الفرد دون ارتباط بالواقع الموضوعي )، بمعنى أنه يتصرف بتأثير الاتجاهات أكثر من تأثّره بموضوعية الأشياء. ويمكن أن نُعرّف الاتجاهات بأنها المَيل الداخلي نحو الأشياء، وهي تُكتسب من البيئة، دون مراجعة لها أو البحث في منطقيتها. وليس سهلاً على الفرد أن يُميّز بين اتجاهاته أو معتقَداته أو آرائه الخاصة، لأنها جميعاً تنبُع من جهاز القِيم لديه. ولكن الاتجاه هو الأقرب إلى الموقف التنفيذي في السلوكيات؛ فالمعتقَد داخلي، والرأي منطق انفعالي، ( أو منطق فقط )، بينما الاتجاه هو الخطوة التي تسبق السلوك. ونظراً إلى أهمية الاتجاهات في السيطرة على السلوك أكثر من المعرفة العقلية، فإن البحث سوف يُفَصّل ما يمكن أن يؤثر فيها، وهو:  

1. معتقَدات الفرد الدِّينية.

2. القِيم السائدة في المجتمع الذي يعيش فيه.

3. وجود القدوة التي تجسّد صورة القِيم.

4. قوة البناء النفسي.

5. سَعة إدراك الفرد ومَدى اطّلاعه.

6. نتائج (عواقب) السلوكيات المختلفة.

1. دور المعتقدات الدينية

يُعَدّ التأثير الديني أحد العوامل المهمة في الاتجاه نحو سلوك ما، وذلك لِمَا يرتبط به من أصول عميقة في نفْس الفرد، غُرست فيه من صِغره. كما أن المعتقَدات هي الجذور الأساسية للاتجاهات داخل الأفراد، ومن ثَمّ، كان الإيمان العميق بالله، وما يتبع ذلك من إيمان بالغيبيات، يهيِّئ الفرد لقبول أوامر الدِّين، وتجنّب نَواهِيه، خاصة إذا ارتبط فعل الأوامر بالثواب ( أي بدخول الجنة ورضا الله، الخالق الرازق )، وارتبط إتيان النواهي بالعِقاب ( أي بدخول النار وعدم رضا الله )، مع التذكير بذلك، من خلال التربية المرتبطة بالقدوة، والمواعظ المتكررة، التي يحضّ عليها الدين. قال تعالى: ] وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ[ (الذاريات: 55). مما يدعم الاتجاه الداخلي للأفراد.

2. القِيم السائدة في المجتمع الذي يعيش فيه الفرد

تنمّي قِيم المجتمع اتجاهات معينة دون أخرى، فإذا عاش فرد في مجتمع من اللصوص، فسوف يكتشف أنّ مَن يسرق أكثر، يصبح، في نظر هذا المجتمع، هو النجم والبطل. ومن ثَمّ، فإن نتائج سلوك السرقة من قِبل هذا المجتمع، سوف تبارِك هذا السلوك وتدعمه. ولذلك، ينمو مثل هذا الاتجاه لدى الفرد، ويصبح اتجاهاً نامياً لدى الآخرين، فيَنْحون مَنْحَى هذا الفرد، كي ينالوا المكانة نفسها بين أفراد مجتمَع اللصوص. أمّا إذا عاش لصٌّ في مجتمَع الشرفاء، فإنه سوف يُصبح شاذّاً بينهم، ويَدِينون تصرّفه، بل ينال العِقاب المتفق عليه في مجتمَع الشرفاء، فيكُون عِبرة لغيره من أفراد المجتمع، الذين يتخيلون النتائج التي سوف يجلِبها عليهم سلوك السرقة من عِقاب وضرر، فيجتنبونه. لذلك، كانت القِيم السائدة في مجتمع ما مُدَعِّمة لاتجاهات دون أخرى، طِبقاً لِمَا تعطيه من تعزيز أو ازدراء السلوك لدى الأفراد.

3.  القدوة التي تجسّد صورة السلوك

لا يستطيع الطفل تجريد المبادئ ( أي فَهْم المبادئ المجرَّدة، مثل: العدل والخير والصدق )، في مرحلة اكتسابها، وذلك خلال الفترة من سِنّ السادسة وحتى البلوغ. ولكن يمكنه أن يتمثّلها عِياناً في فرد ما، تتوافر فيه تلك المبادئ أو المُثل. فيصبح هذا الفرد هو القدوة، وقد يكُون شخصاً حقيقياً، يعايشه الطفل، كالأب أو المدرّس أو أحد الأقارب، أو شخصية من التاريخ، وذلك من خلال نَعْت التاريخ لصفاته وسِيرته، مثل رسول الله ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ كقدوة للمسلمين، كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك في قوله تعالى: ] لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا[ (الأحزاب: 21)، أو أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أو غيرهما ممَّن صنعوا التاريخ، وأثّروا في البشرية بشكل أو بآخر. وتجسيد القدوة يسهّل للطفل تقمّص سلوكياتها، من طريق التوحّد معها.

4. قوة البناء النفسي

ويُقصد بقوة البناء النفسي تكامل الذات، من حيث قيامها بوظائفها العقلية بصورة متّسقة، بما فيها الفهْم على المستوى المعرفي للعالم الخارجي، ومطابَقته برصيد الخبرة المختزَنة في الذاكرة  والمرتبط بالوجدان، دون سطحية انفعالية، تقلب الشخص من النقيض إلى النقيض، بغير قناعة منطقية كافية. وذلك يرجع إلى ضَعف الذات، كما يرجع إلى زيف جهاز القِيم لدى الأشخاص القابلين للإيحاء وتغيير اتجاهاتهم.

5. سَعة إدراك الفرد ومَدى اطّلاعه

إن مقدار الفَهْم للواقع، ووضوح حقائقه في عقل الفرد يؤثران في اتجاهاته. ومن ثَمّ، فإن نقص الفَهْم للأمور، يكوّن لدى الفرد اتجاهات خاطئة دون أن يَعِي. وكثيراً ما لوحظ أن هذا هو الحال لدى بعض المتعصبين لاتجاهات معيَّنة، وضد آراء لا تتفق مع آرائهم.

6. العواقب المترتبة على السلوك

تشمَل ما يترتب على السلوك من مكافآت، أو ما يناله الفرد من عِقاب. فإذا كُوفِئ الفرد على سلوك ما، فسوف تدعم المكافأة ذلك السلوك، سواء كانت مادية أو معنوية، في صورة استحسان الآخرين لما قام به الفرد. وكذلك إذا عُوقِب الفرد على سلوك ما، فإن العِقاب يطفئ السلوك، ويجعل الفرد يتجنّبه، خوفاً من تكرار العِقاب، خاصة إذا كان للعِقاب جزء مادي وجزء معنوي، كما في تطبيق الحدود، إذْ إنها تكُون مُعلَنة، فيتحقق منها الإيذاء البدني والإيذاء المعنوي، الذي يهزّ صورة الفرد أمام ذاته وأمام الآخرين.

ثالثاً: سلوك التجنّب

     وهو أن يتصرف الفرد بصورة تُبعِده عن السلوك غير المرغوب فيه، فيجنّب نفسه ما يترتب على هذا السلوك من نتائج.

     ويختلف سلوك الإنسان، في دوافعه، عن سلوك الحيوان، إذْ يكمُن خلْف سلوك الحيوان الدافع الغريزي، أساساً. بينما يكمُن خلْف سلوك الإنسان جهاز القِيم، الذي في تفاعله مع الغرائز، يهذبها بما يتناسب وقِيم المجتمع. وإذا شذّت الغرائز، وَجَبَ العِقاب من جهاز القِيم، الذي هو مُمثّل لقِيم المجتمع وأخلاقياته داخل الفرد، حيث الشعور بالذنْب، والاعتراف بالخطأ، وطلبُ العِقاب. وكثيراً ما يحدث أن يعترف شخص بجريمته طالباً العِقاب، أو عِقاب النفس لاإرادياً أو الانتحار عقب الجريمة. ويتضح ذلك من حالة سيدة متزوجة، في الثلاثينيات من عمرها، ولديها طفلان في الخامسة عشرة والثانية عشرة من عمريهما، ومتزوجة برجل ذي منصب كبير، مشغول طوال اليوم، إلا من ساعتين عند الظهر، يتناول غداءه خلالهما، وينام قليلاً، ثم يرجع إلى عمله، فيعود منه عند منتصف الليل، لينام بعد تناول العشاء. وفي يوم الإجازة، إمّا أن يستريح، أو يخرج لقضاء بعض شؤونه. شعرت هذه السيدة بالفراغ العاطفي، وجمعَتْها المصادفة برَجل أعطاها رقم هاتفه، وتبادلا المكالمات الهاتفية، ثم طلب منها أن تقابله، وتقابلا مرتين في مكان عام. ثم طلب منها أن يلتقيا في مكان خاص (شقّته)، وأخذ يُلِحّ عليها. في هذه الأثناء، كانت قد اشتدت عليها الكوابيس، التي فحواها أنها تعاني ورماً سرطانياً قاتلاً، وهي في صدد إجراء جراحة لاستئصاله، مع معاناة شديدة أثناء الكابوس، إلى درجة جعلتها تتجنب النوم لعدة أيام خوفاً من هذا الكابوس. وعندما كان يباغتها النوم، دون إرادة منها، تستيقظ فَزِعَة من الكابوس نفسه. وفي الحقيقة لم يكُنْ هذا الكابوس سوى الشعور بالذنْب ومعاقبة النفس، إذْ بدأت الكوابيس مع بداية علاقتها بهذا الرجل، والذي أصدر العِقاب هنا، هو جهاز القِيم لدى هذه السيدة، الذي نشأ داخلها بتأثير تربيتها وقِيم أُسرتها، وهو ما يمكِن أن يُطلق عليه "الضمير"، وهذا العِقاب يتمّ على مستوى لاشعوري.

     وإذا لم يوجد لدى الإنسان السلطة الداخلية، لتردعه وتقوّم سلوكه وتصرفاته، كان لا بدّ من أن تتولى السلطة الخارجية، وهي سلطة المجتمع، تقويم سلوكيات الفرد، حفاظاً على الفرد والأُسرة والمجتمع، فتضع عقوبات للمجاوزين لحدودهم، إذا لم يَرِدْ فيها نَصٌّ قرآنيٌّ. وهذه العقوبات هي الحدود الشرعية، في المجتمعات الإسلامية.

تطبيق الجزاء في الحدود الشرعية

     لكي يطبَّق الجزاء في الحدود الشرعية، يُراعَى أن يكُون الشخص، مقترِف الإثم أو المخالفة، المجاوز للحدِّ، مكلفاً، أي مسؤولاً عن تصرفه، في ضوء الآتي:

  1. العقل : أي أن يكُون الشخص عاقلاً، ويؤدِّي عقله وظائفه بصورة سَوِيَّة، من خلال سلامة القوى الإدراكية والإرادة، إذْ إن سلامة القوى الإدراكية تُتِيح الفَهْم الصحيح للعالَم من حوله. فإذا كانت مُختلّة، بما يجعله يدرك أشياءَ ليست حقيقية أو غير موجودة، فإن تمييزه سوف يختلّ، ويأخذ عقله قرارات خاطئة، طِبقاً للمُعطَيات الخاطئة. وإذا كانت الإرادة مسلوبة بضلالات المرض العقلي، وهي الأفكار الخاطئة الثابتة، التي لا يمكِن تصحيحها بالحجة والمنطق، ولا تتناسب مع ثقافة الشخص وبيئته، فإن تصرفاته سوف تكُون تحت سيطرة تلك الإرادة المَرضية. ومن ثَمّ، فهو لا يحاسب على تلك التصرفات، حتى لو كانت مجاوزة للحدود الشرعية. وهي مستمدة من سُنَّة المصطفى ـ r. فقد ورد في سنن أبي داود، في باب الحدود، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: ] رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثلاثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يَفِيقَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِم[ (صحيح البخاري وسنن أبي داود).
  2. البلوغ: يُقصد به، من الناحية النفسية، القُدرة على فَهْم الأمور المجرّدة، وتمثّل أحكام الشرع الحكيم، واكتمال العقل. ويُلاحظ أن طفولة الإنسان ليست كطفولة الحيوانات، إذْ إِنه يحتاج إلى عام كاملٍ من الزمن حتى يَستَوِي واقفاً، ثم يحتاج إلى عامين آخرين حتى يستطيع الجَرْي، بينما صغير الحيوان، في خلال ساعات قليلة، يستطيع الوقوف والجَرْي. ويلزم الطفل وقت طويل حتى يَصِل إلى البلوغ ( من الحادية عشرة حتى السابعة عشرة من عمره )، ولا يُعَدّ راشداً، إلاّ إذا بلغ الواحدة والعشرين من عمره. والرشد يُقصد به اكتمال العقل، وحُسْن التصرف، لقوله سبحانه وتعالى: ] وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ ءَانَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ... [(النساء: 6)  وهذه ميزة حَبَا الله بها الإنسان، حتى يكتسب قَدْراً كبيراً من الخبرات، التي تُيَسِّر له سُبُل العيش، وتحمُّل المسؤولية وأداء الأمانة، التي أَعَدّه الله لها، كما جاء في قوله تعالى: ]إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا[ (الأحزاب: 72).

     ومن سمات الحدود الشرعية، العَلانِيَة في تطبيقها، لأنها تحقِّق الردع للآخرين، إذْ يكُون ذلك أمامهم مؤكداً جِدّيّة الالتزام بإقامة الحدود، وفيه العِبرة والعظة لِمَن تُسوِّل له نفسه ارتكاب أيٍّ من المخالفات الشرعية.

     والحدود، في الاصطلاح، هي العقوبات المقدَّرة شرعاً. والحدّ، في اللغة، هو الفصل بين شيئين، حتى لا يختلط أحدهما بالآخر، أو يتعدّى أحدهما على الآخر. وأصل الحدِّ، هو المنع. ويُطلق على المعاصي، لقوله تعالى: ] تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا[ (البقرة: 187) و]وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [.(الطلاق: 1)

     ويُطلق الحدُّ على جرائم الحدود وعقوباتها، فيُقال: ارتكب الجاني حدّاً، وعقوبته، حدّاً. وعندما يُطلق الحدُّ على الجريمة، فذلك يعني تعريف الجريمة بعقوبتها، أي أنها جريمة ذات عقوبة مقدَّرة، شرعاً، فتسمى الجريمة بالحدِّ، من باب المجاز.