إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الإحباط









الشعور بالإحباط وتحمله

الشعور بالإحباط وتحمله

     من النادر أو ربما من المستحيل، في هذه الحياة، أن يتمكن الإنسان من تحقيق الإشباع الكامل لجميع حاجاته، في كل الأحوال، أو حتى يجد نفسه دائماً في ظروف تسمح له بذلك، ولهذا يتعرض معظم الأفراد ـ صغاراً وكباراً ـ لمواقف إحباطية، ولكن بدرجات متفاوتة، تختلف باختلاف أهدافهم وتوقعاتهم وظروفهم، واحتياجاتهم ورغباتهم وخبراتهم، وقدراتهم الجسمية والعقلية، وخصائصهم وسماتهم الشخصية، كما تختلف باختلاف الكيفية، التي يدركون بها ما يمرون به من مواقف، لا يتمكنون فيها من إشباع بعض احتياجاتهم .

     والإحباطات تتكرر في كثير من المواقف، التي يتعرض لها الناس، إذ لا يمكنهم جميعاً تحقيق أهدافهم وإشباع حاجاتهم في وقت واحد.

     ولدى كل إنسان درجة معينة من القدرة على تحمل الإحباط، وتختلف هذه الدرجة من شخص إلى آخر، ولدى الشخص نفسه من موقف إلى آخر ومن ظرف إلى آخر. إلا أن استجابة الإنسان للإحباط قد تتحدد بناء على مجموعة من العوامل، تشمل: مستوى عتبة الإحباط، شدة الرغبة في الهدف، وقوة العائق، وعدم وجود هدف بديل، وخبرات الإحباط السابقة، والسمات الشخصية، والتنشئة الاجتماعية.

     ويعد مستوى عتبة الإحباط Frustration Threshold أهم هذه العوامل، فعتبة الإحباط هي، التي تحدد شدة العائق، وشدة الرغبة في الهدف، كما أنها تعكس الخبرات السابقة للإحباط. ويختلف مستوى عتبة الإحباط من شخص إلى آخر، فقد تكون منخفضة عند البعض، ومتوسطة أو عالية عند البعض الآخر. وذو العتبة المنخفضة قد يشعر بالإحباط بسرعة، في مواقف عديدة قد لا تكون محبطة لغيره، كما قد تضعف قدرته على تحمل مشاعر الإحباط، ولهذا يلجأ ـ غالباً ـ إلى الحيل النفسية الدفاعية؛ لتخفيف هذه المشاعر، وقد تطول هذه الحيل معه. أما ذو العتبة المتوسطة أو العالية فلا يحس بالإحباط إلا في المواقف، التي يشتد فيها العائق، ولديه قدرة على تحمل مشاعر الإحباط وتخطيها بسهولة، ولا تمنعه من مواجهة العوائق مباشرة، ونادراً ما يلجأ إلى الحيل النفسية الدفاعية، بل يحسن من استجاباته ويعدل أهدافه؛ ليتمكن من تحقيقها أو يتخلى عنها.

     ويؤدى التفاعل بين معطيات الإنسان الفطرية وظروف التنشئة الاجتماعية، خاصة في مرحلة الطفولة، دوراً مهماً في تحديد مستوى عتبة الإحباط، فكل شخص لديه درجة ما من الاستعداد الفطري للشعور بالإحباط. إلا أن الظروف البيئية، التي يعيش فيها الإنسان قد تنمي هذا الاستعداد أو لا تنميه. ففي الظروف البيئية السيئة، التي يشعر الفرد فيها بالقسوة والحرمان والنبذ، ينمو استعداده للشعور بالإحباط، وتنخفض عتبة الإحباط لديه، فيشعر بالإحباط بسرعة، وتضعف قدرته على تحمله. أما في الظروف البيئية الحسنة، التي يشعر الفرد فيها بالأمن والتقبل، ويحقق إشباعاً لمعظم حاجاته النفسية والجسمية والاجتماعية، فإنه يضعف عنده الاستعداد للشعور بالإحباط، وترتفع عتبة الإحباط لديه، فلا يشعر به إلا في المواقف الصعبة، وتزيد قدرته على تحمله ومواجهته بأساليب إيجابية فاعلة.

     ويمكن تفسير اختلاف الأفراد في تحمل الإحباط، في ضوء العوامل التالية:

  1. أهمية الهدف لدى الفرد: فالإخفاق في تحقيق هدف وثيق الصلة بحاجة حقيقية للفرد، أشد وقعاً عليه مما لو كان الهدف هامشياً، لا يمس حاجة ضرورية. كما أن تحمل موقف إحباطي، بالنسبة لهدف ثانوي أو هامشي، أسهل من تحمل موقف إحباطي، بالنسبة لهدف أساسي وحيوي.
  2. تصور الفرد للعوامل المسببة للإحباط: إذ يختلف الموقف الإحباطي، الذي يشعر الفرد أنه نتيجة لقوى خارجية، عن الموقف، الذي يشعر فيه أنه نتيجة لتصرفاته الشخصية أو صراعاته الداخلية. ففي حالة إرجاع سبب الإحباط إلى قوى خارجية يكون الفرد أقل شعوراً بالذنب تجاه الإحباط، ومن ثم يكون أكثر قدرة على تحمله بسهولة.
  3. العوامل الشخصية المؤقتة: تختلف قدرة الفرد على تحل الإحباط تبعاً للظروف المختلفة. فقدرة الفرد على تحمل الإحباط في حالة التعب أضعف منها في حالة الراحة. كما أن الشخص، الذي لا يعاني قلقاً أو هماً أو غير ذلك من المشكلات، يكون – في الغالب ـ أكثر قدرة على تحمل الإحباط مما لو كان يعاني مما سبق.

     ويمكن للفرد زيادة قدرته على تحمل الإحباط، ومن ثم تجنب الاضطراب السلوكي من خلال تقليل الآثار السلبية، وزيادة الآثار الإيجابية للإحباط في ضوء ما يلي:

  1. تفهم الفرد وإدراكه للعلاقة بينه وبين المشكلة أو الموقف المحيط به، وتحليل السلوك، الذي يقوم به ونتيجته في ضوء الأهداف التي يسعى إليها.
  2. تنظيم الفرد لسلوكه مع مراعاة التقدير الدقيق لدرجة وفاعلية المهارات الشخصية، التي يقدمها لمواجهة الموقف، وتقدير قيمة الوقت اللازم لتحقيق حل مرضي. فتحديد الفترة الزمنية المسموح بها لإشباع الحاجة أو حل المشكلة، قد يغير من درجة تحمل الإحباط.
  3. المرونة في تفسير المعنى الشخصي للإحباط وتقويمه، ويمكن تحقيق ذلك من خلال التأني وإعادة النظر بين آن وآخر، وبالتالي يستطيع الفرد أن يفكر ويتأمل، ويحدد الأهداف والأشياء المهمة من غير المهمة.
  4. المرونة في اختبار الطرق المناسبة للوصول إلى الهدف، مما يساعد على اكتشاف وسائل بديلة ممكنة التحقيق.
  5. القدرة على تمييز الأفعال المساعدة، التي يمكن أن تسهم في التغلب على الموقف المحبط، الذي يعترض الهدف.

     والشعور بالإحباط قد يكون أكثر إيلاماً وأشد وطأة على النفس في حالات معينة، من بينها:

  1. إذا أدرك الفرد أن الأهداف والدوافع المعاق إشباعها مهمة أو ضرورية وحيوية، ولا غنى له عنها ويستحيل استبدالها أو تعويضها. فالقيمة، التي يضيفها الفرد على دوافعه وأهدافه، تزيد من تأزمه النفسي كلما كانت هذه القيمة عالية.
  2. إذا أدرك الفرد أن العقبات أو العوائق، التي تحول دون إشباع دوافعه أو تحقيق أهدافه، شديدة ومستعصية، فالألم النفسي يزيد إذا شعر الفرد باستحالة تجاوز العائق، أو التغيير في الوضع القائم.
  3. إذا اقترب الفرد من تحقيق هدفه، ثم نشأت عقبة ما وحالت دون بلوغه.
  4. إذا فشل الفرد في تجاوز العقبة أو العائق، الذي يعترض بلوغ غايته أو تحقيق هدفه على الرغم من المحاولات المتكررة والجهد المتواصل.