إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الأسرة المعيشية









الارتباط بالجماعة Sociability

الأسرة المعيشية House Hold

    واجه تحديد مفهوم "الأسرة"، بشكل عام، صعوبة بالغة؛ نظراً لأنها تجمع بين سمات بيولوجية عامة لدى البشر، وسمات أخرى عديدة (ثقافية ـ اجتماعية ... إلخ). فنجد، على سبيل المثال، "ماكيفر" يُعرّف الأسرة بأنها جماعة تقوم على أساس العلاقات الجنسية المستمرة على نحو يسمح بإنجاب الأطفال ورعايتهم. إن هذه المحاولة تتجاهل الجوانب الثقافية الكامنة في الأسرة؛ لأنها اهتمت فقط بالجوانب البيولوجية. وتحدث علماء الاجتماع في الوقت الحاضر عن التحول الذي طرأ على نظام الأسرة، حيث تتجه إلى أن تصبح الأسرة نوعاً من الرابطة أو التفاعل المستمر بين بعض الأشخاص، أو ما يُسمى بالمرافقة Companionship، وهذه النظرة تغفل أهمية الأسرة كجماعة إنسانية. في حين يرى "روبرت لوي" أن الأسرة هي الوحدة الاجتماعية القائمة على الزواج، أي أنه يجعل من الأسرة ظاهرة ثقافية خالصة. ويرى كل من بيلز وهوجير الأسرة بوصفها جماعة اجتماعية تربط بين أعضائها روابط القرابة. وهكذا نلاحظ أن أي تعريف مقبول للأسرة يجب أن يأخذ في اعتباره كلاً من الجانبين الثقافي والبيولوجي، كما يراعي الخصائص النظامية والشخصية، على حد سواء.

    وتشير الأسرة المعيشية، أو العائلية، إلى نسق أسري يعيش في نطاقه أجيال متعددة في عائلة واحدة، أو وحدة معيشية واحدة Household . ويتأسس الحنين إلى الأسرة العائلية بشكل أكبر على الأساطير، كما هو الحال في المجتمعات الغربية.

    ويُنظر للأسرة تقليدياً على أنها وحدة ذات وظائف متعددة، ولاسيما التنفيس المشروع عن الرغبة الجنسية للطرفين، والتناسل، والتنشئة الاجتماعية للأطفال، والإنتاج في بعض الحالات. وفي هذا الصدد يرى "بارسونز" أن التصنيع نتج عنه تغيران مهمان، هما: هيمنة الأسرة النووية، وزوال الأسرة العائلية. ومن ثَم، تآكل الوظائف المتعددة للأسرة. فقد أُسقطت وظائف الرعاية الصحية والتنشئة والإنتاج عن كاهل الأسرة، وأوكلت إلى المؤسسات العامة. ويرى "بارسونز" أن الأم داخل الأسرة تقوم بأدوار بالغة الأهمية في التربية، ويقوم الرجال بأدوار العمل الآلي. ويُنظر إلى الأدوار بين الزوجين على أنها أقرب إلى التكامل منها إلى عدم التكافؤ، وربما تنزع إلى مزيد من التكافؤ للأسرة المتوازنة، حيث يقوم الرجل بالمساعدة في إدارة شؤون الأسرة. أما تباين الأدوار بين الزوجين ـ ذلك التباين الذي يرتبط باتساع شبكة القرابة ـ فيُقال إنه في سبيله إلى الاختفاء، حيث تتطور بدلاً منه الأدوار المشتركة بين الزوجين، والتي تتسم بالتحضر والجِدة.

    وعلى هذا يُقصد بالأسرة، بشكل عام، أنها نظام اجتماعي له صفة الاستمرار، وتقوم على علاقات بيولوجية واجتماعية هدفها إنجاب الأطفال وتربيتهم، إلى جانب أداء بقية الوظائف المختلفة. والأسرة وسيط أساسي ينقل إلى الأطفال مختلف القيم، التي تُوجد في المجتمع والخاصة بمختلف جوانب الحياة الاجتماعية. والأسرة، كغيرها من النظم الاجتماعية، تؤثر وتتأثر بالتغيرات السائدة في المجتمع. هذا عن مفهوم الأسرة بشكل عام، أما مفهوم "الأسرة المعيشية" فيُعد من المفاهيم التي أثارت جدلاً ونقاشاً كبيرين بين المهتمين بدراسة سوسيولوجيا العلاقات الاجتماعية، وإن كان هناك اتفاق عام بين علماء الاجتماع على أن الأسرة المعيشية تشتمل على حياة الأفراد المرتبطين بصلات القرابة، ويقيمون في بيت واحد، ويعيشون في حياة مشتركة. غير أن "أرشي مافيجي" رأى أن هناك ثلاثة عناصر أساسية في تحديد مفهوم الأسرة المعيشية، هي:

1. وجود علاقات تطوعية ولكنها مُلزمة.

2. وجود حد أدنى من قرابة الدم.

3. المعيشة المشتركة بين أفراد الأسرة.

    لذا، تضمن التراث السوسيولوجي عدداً من المصطلحات والمفاهيم، التي ترتبط بتحديد مفهوم "الأسرة المعيشية"، مثل: الميزانية المشتركة، والموارد المشتركة، والدخل المشترك، والاستهلاك المشترك، والمطبخ المشترك. وهذا ما يوضح أن الأسرة المعيشية وحدة إنتاج واستهلاك عائلي. وفي إطار ذلك، أشار "أحمد زايد" إلى أن "الأسرة المعيشية" هي الوحدة الإنتاجية المكتفية ذاتياً، والتي تستهلك معظم إنتاجها في داخلها، دون أن يُباع جزء منه في السوق، ومن دون أن تحتاج إلى شراء أي سلع أو خدمات خارج نطاقها. ويتفق هذا مع ما ذهب إليه "محمد عودة" من أن الأسرة المعيشية هي التي تقوم بإنتاج القيم الاستعمالية Use values، بواسطة أفراد الأسرة الممتدة من أجل سد احتياجاتها الأساسية، باستخدام وسائل إنتاجية بالغة القدم في عملية الإنتاج الزراعي. غير أن "راي بوش" أكد على أن الأسرة المعيشية تتألف من أسرة نووية، تتكون من الوالدين والأبناء، وقد ينشأ أبناء جدد، وآباء من الجيل السابق وأقارب آخرين، ثم تتسع لتضم الأسرة الممتدة التي تشمل الأبناء المتزوجين وزوجاتهم وأبنائهم. كما أنها تمثل وحدة إنتاجية، كما تنظم الإنتاج على نحو مستقل إلى حد كبير، في الوقت الذي توجه جزءاً كبيراً من إنتاجها الزراعي للأسواق. ونظراً لتباين بناء الأسرة المعيشية من مكان إلى آخر، ومن مجتمع إلى آخر، فإن الأسرة المعيشية هي الوحدة العائلية، سواء كانت أسرة نووية أو ممتدة تتكون من مجموعة من الأفراد تربطهم صلات دم، ويعيشون حياة مشتركة في الإنتاج والاستهلاك. ويُعد رب الأسرة هو العائل لكل أفراد الأسرة، سواء كان أباً أو أماً أو أكبر الأبناء. كما يُشترط وجود حد أدنى من التعاون والمشاركة، في بعض القرارات الأسرية المهمة.