إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الانشقاق









1

1. النساوة الانشقاقية (النفسية)

ويتميز اضطراب النساوة النفسية، بعدم قدرة مفاجئ على استدعاء معلومات شخصية مهمة، من دون سبب عضوي. وتحدث النساوة خللاً كبيراً، إلى درجة لا يمكن فهْمها في إطار النسيان الطبيعي؛ ومن دون سفر إلى مكان آخر، واتخاذ هوية جديدة، كما في الشِّراد النفسي. وليست النساوة عرضاً، ضمن اضطراب تعدد الشخصية. وليس سببها، كذلك، تأثيرات فسيولوجية مباشرة، لمادة ذات مفعول نفسي، أو لحالة مرَضية جسمانية. كما أن الأعراض تسبب انزعاجاً مهماً، أو خللاً في الأداء، الوظيفي أو الاجتماعي.

واضطراب النساوة الانشقاقية (النفسية) على أربعة أنواع. هي:

أ. نساوة لفترة محدودة: وهو أكثر الأنواع شيوعاً. إذ يُحدث فشلاً في استدعاء كل الأحداث، التي وقعت، خلال فترة معينة من الزمن. وهي، عادة، ساعات قليلة، تتبع حادثاً مزعجاً جداً. مثل شخص نجا من حادث سيارة، كانت تقلّه مع أسْرته، التي هلكت جميعها. فقد يعجز عن تذكّر ما حدث، حتى يومَين بعد الحادث، على الرغم من أنه يتذكر ما قبله وما بعده.

ب. نساوة انتقائية: إذ يكون الفشل في استدعاء بعض الأحداث، التي وقعت خلال فترة معينة، مع تذكر بعضها الآخر.

ج. نساوة كاملة: وهي أقلّ الأنواع انتشاراً. يفشل معها الشخص في استدعاء كل ما يتعلق بحياته.

د. نساوة مستمرة: وفيها لا يستطيع الشخص استدعاء الأحداث التالية لوقت معين، بما في ذلك الوقت الحاضر.

وخلال نوبة النساوة، يكون الارتباك واضطراب الاهتداء، والجدال غير الهادف. وعندما تكون فترة النساوة في الماضي، فإن الشخص، عادة، يعي اختلال الاستدعاء لديه. وقد تصاحب النساوة بعدم تمايز تجاه اختلال الذاكرة أو انعصاب التابع لحادثه.

يلاحظ اضطراب النساوة النفسية، غالباً، في المراهقة وبداية الرشد. ونادراً ما يبدأ في كبار السن. وبدايته مفاجئة. وكذلك الشفاء منه، ولكن مع انتكاسات قليلة. في بعض الحالات، خاصة إذا وجد مكسب ثانوي، فإن الحالة قد تظل لوقت طويل. ومن المهم استرجاع الذكريات المفقودة إلى دائرة الشعور، بسرعة، ما أمكن. وإلا فإن الذكريات المكبوتة، ستكون نواة في اللاشعور، لإنتاج نوبات نساوة، مستقبلاً. والإعاقة، التي تنشأ عن النساوة، متفاوتة من الخفيفة إلى الشديدة، طبقاً لمدة النوبة، وأهمية الأحداث المنسية، بالنسبة إلى وظيفة الشخص، وعلاقاته الاجتماعية. ولكن، نظراً إلى أن الشفاء سريع، في أغلب الحالات، فإن الإعاقة، تكون، عادة، طفيفة.

ويجب أن يميز من الاضطراب العقلي المعرفي، الذي يكون خلل الذاكرة فيه للأحداث القريبة، أكثر من الأحداث البعيدة. وليس بسبب التعرض لصدمة نفسية. وتختفي النساوة فيه ببطء شديد، إذا حدث تحسّن، وعودة الذاكرة أمر نادر. علاوة على نقص الانتباه، واضطرابات الوجدان، التي غالبـاً ما تكون مصاحبة للاضطراب العقلي المعرفي. كما يجب تمييزه من الانسمام بمادة، الذي تصاحبه غشيات (Blackouts)، مع فشل في استدعاء الأحداث، التي وقعت خلال فترة الانسمام. ولكن تعاطي المادة، والفشل في عودة كاملة للذاكرة يميزانه من النساوة الانشقاقية.

واضطراب النساوة الكحولية، تختل فيه الذاكرة القريبة، وهذا النوع من النساوة، لا يحدث في النساوة النفسية؛ إضافة إلى تبلّد الوجدان، والفبركة، ونقص الوعي بخلل الذاكرة. وكذلك النساوة التابعة لارتجاج المخ، التي تميز بأنها اضطراب في الاستدعاء، يكون محدوداً بفترة (Circumscribed). وترجع النساوة، غالباً، إلى الوراء، شاملة الفترة الزمنية، التي سبقت إصابة الرأس؛ بينما في النساوة النفسية، يكون اضطراب الاستدعاء، غالباً، متقدماً أو لاحقاً للإصابة. ويمكن تمييز النساوة الراجعة، التي تتبع إصابة الرأس، من الحالات النادرة من النساوة النفسية الراجعة، باستخدام التنويم، أو الفحص تحت تأثير حقن الأميتال.

كما أن التحسن الفجائي للذكريات المفقودة، يشير إلى الأساس النفسي للاضطراب. كما يجب تمييز النساوة الانشقاقية من الصرع، الذي يبدأ فيه خلل الذاكرة فجأة، ويصاحبه شذوذات حركية، أثناء النوبة. وتكرار تخطيط الدماغ الكهربائي، يشير إلى شذوذات، كذلك. وهناك من يدَّعون النساوة. ويصعب تمييزهم من النساوة الانشقاقية، ولكن التنويم، وحقن الأميتال، قد تفيد في التمييز بينهما.

وتُعَدّ النساوة الانشقاقية، أكثر الاضطرابات الانشقاقية انتشاراً. ويزداد انتشارها، أثناء الكوارث الطبيعية والحروب. وتستشري في فترة المراهقة، خاصة بين الإناث.

الأسباب

تحدث نوبات النساوة الانشقاقية تلقائياً. ولكن التاريخ المفصل، الدقيق، يكشف عن صدمات عاطفية مرسبة، مثل الكوارث الطبيعية. وقد تعمل نزعة (حب أو عدوان)، لا يستطيع المريض التعامل معها، كعامل مرسب. وأحياناً، تترسب بصدمة خفيفة للرأس، لا تحدث تأثيراً فسيولوجياً. كما يمكن أن ترسبها النوبات المحدثة كهربائياً.

دينامياً، ينشق وعي المريض، كطريقة للتعامل مع الصراع الانفعالي. ويصاحب ذلك كبت النزعات المزعجة، في دائرة الشعور والإنكار، إذ يتجاهل بعض الواقع من العقل الواعي.

علاج اضطراب النساوة الانشقاقية

الحقن الوريدي للصوديوم أميتال، في جلسات تفريغ نفسي، قد يفيد المريض في استعادة الذاكرة. والتنويم قد يفعل الشيء نفسه. ولدى رجوع الذاكرة، يُعالج المريض، نفسياً، لمساعدته على التعامل مع انفعالاته المنشقة.