إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / مكانة اجتماعية









الخيال

مكانة اجتماعية

Social Status

تشير المكانة الاجتماعية، بشكل عام، إلى المنزلة العالية والسمعة الحسنة التي ينسبها الناس إلى مراكز اجتماعية، ومهن معينة داخل المجتمع. وقد أدرك ماكس فيبر أنه من الممكن تحديد شكل ما من أشكال التدرج، في جماعات المكانة داخل المجتمع، وهو الشكل الذي يجب أن يكون مستقلاً تماماً عن أشكال التدرجات الطبقية، ومن ثم يكون من المتوقع أن تتمايز أساليب المعيشة لدى جماعات كل مكانة، بما فيها ما تمارسه من أنماط السلوك وأنساق المعتقدات، وأنماط التفضيل والاستهلاك. وتتضمن المكانة التوقعات المتبادلة للسلوك، بين الذين يشغلون الأوضاع المختلفة في البناء، أو النسق الاجتماعي.

ويرى فيبر أن نظام الطائفة الاجتماعية المغلقة، يمثل شكلاً لجماعات المكانة وليس للطبقات الاجتماعية، ومن ثم فالأمر الحاسم هنا هو النظر إلى المكانة الاجتماعية، بوصفها تمثل المنزلة العالية التي تُنسب للمركز الاجتماعي، والتي لا يلزم بالضرورة أن تتطابق مع إدراك كل عضو من أعضاء الجماعة لنفسه.

وتتضمن المكانة الوضع الذي يشغله الفرد أو الجماعة، في ضوء توزيع الهيبة في النسق، أو توزيع الحقوق والالتزامات والقوة والسلطة، كأن نقول: مكانة عليا ومكانة دنيا. وقد أوضح العلماء والفلاسفة أن هناك علاقة بين استمرار المجتمع وتباين القوة والامتيازات بين الناس. وفي ضوء هذا يتحدد مصطلح المكانة بأنه وضع الفرد في المجتمع، وأنه مجموع الحقوق والالتزامات. أما الدور، فهو الجانب السلوكي لتنفيذ هذه الحقوق والالتزامات.

ولقد رأى فيبر أن أهم خاصية للمكانة الاجتماعية أنها تتكون من خلال التفاعل الاجتماعي؛ فالمكانة الاجتماعية تشير إلى مدى الهيبة أو الاحترام أو الشرف، الذي يناله الفرد من الآخرين؛ أي أن المكانة تتحدد أساساً من خلال إدراك الناس وتصوراتهم لبعضهم. فالذين يشغلون المكانة الاجتماعية نفسها، يميلون إلى وضع أنفسهم عند نقطة معينة من السلم الطبقي.

وهناك أسباب عديدة تحدد المكانة الاجتماعية، من بينها الأصل الأسري، والجذور العرقية، والحسب والنسب، والتعليم والملكية. وتضم جماعات المكانة Status group الأشخاص الذين حققوا مستوى من الهيبة الاجتماعية، على أساس المعايير القائمة والفاعلة في الجماعة الأكثر اتساعاً التي ينتمون إليها.

ويعتقد ماكس فيبر أن الطبقة الاقتصادية تحتل أهمية خاصة؛ لأنها تبدو في نظر الناس سبباً في تحديد المكانة الاجتماعية، ذلك أن جمع المال أو خسارته أيسر بكثير من اكتساب المكانة أو فقدها. وربما لهذا السبب نجد أن ذوي المكانات المتميزة يفضلون دائماً فصل المكانة عن الطبقة. بمعنى أن المكانة تعكس أساساً الأصول الأسرية والتعليمية والثقافية، وهي الأصول، التي يصعب فقدها على المدى القصير، بعكس الأساس الاقتصادي. لذا اعتقد فيبر أن العلاقات الطبقية تتحدد من خلال التفاعل بين الأفراد المتباينين اقتصادياً في إطار السوق؛ بينما تتحدد المكانة الاجتماعية من خلال التفاعل بين الأفراد المتساويين اجتماعياً واقتصادياً.

كما أنه من الضروري التمييز بين الطبقة والمكانة، على الرغم من الصلة الوثيقة بينهما؛ فالأفراد قد يحتلون مكانات عليا، بينما يحتلون أوضاعاً طبقية أدنى. وهذا التفاوت يساعد على فهم ديناميات التغيير الاجتماعي.

ويرى علماء الاجتماع الوظيفيون أن المكانة الاجتماعية، وما يرتبط بها من هيبة واحترام، هي أكثر أنماط التدرج الاجتماعي عمومية وشيوعاً؛ لأن الكائنات الإنسانية تسعى دائماً إلى إشباع ذواتها من خلال ما تناله من تقدير واعتراف متبادل. أما المكافآت الاقتصادية -بعد حد معين- لا تكتسب أهميتها في نظر الناس لذاتها، بل بوصفها مؤشراً يرمز إلى المكانة الاجتماعية العالية. ومن هنا وافق العلماء الوظيفيون على رأي فيبر على أن التدرج هو مظهر أساسي من مظاهر المجتمع الحديث.

إن المكانة الاجتماعية ببساطة هي الوضع الذي يشغله الفرد في مجتمع أو جماعة ما. ولما كان كل فرد لا يقتصر انتماؤه إلى جماعة واحدة فقط، فإن مكانته تختلف وفقاً لنوع الجماعة التي ينتمي إليها، إذ قد يشغل مكانة معينة في جماعة ما غير تلك، التي يشغلها في جماعة أخرى.

ويتضمن مفهوم المكانة تصور الأعلى Higher والأدنى Lower. إن هذين المفهومين يستخدمان لتحديد مكانة شخص ما، في نسق المراتب الاجتماعية. ومثال ذلك أن الرقيب في الجيش له مرتبة أرقى من الجندي، أو المهندس في المصنع له مرتبة أرقى من الموظف الفني. ولذلك يبدو المظهر الكلي للمراتب كما لو كان نسقاً للمكانة. وهذا التصور يركز على فكرة المرتبة Rank. وتحتم المكانات الاجتماعية على شاغلها حقوقاً وواجبات يجب أن يمتثلوا لها جميعاً. ومثال ذلك الحقوق والواجبات المرتبطة بمكانات الآباء والأبناء والأمهات، والعمال والموظفين.

ويجب التمييز بين المكانة المكتسبة Achieved Status،  والمكانة الموروثة Ascribed Status؛ فالمكانة المكتسبة هي التي يصل إليها الفرد بجهوده، والتي تتميز في أغلب الأحيان بالمنافسة واستخدام القدرات الخاصة والمعرفة والمهارة. وبناءً على ذلك تعد كثير من المكانات المهنية مكتسبة، كالطبيب أو المحامي مثلاً. وتتعرض المكانة المكتسبة للمنافسة، طالما أنها تعتمد على معايير تستند إلى القدرات الشخصية أكثر من استنادها إلى عوامل متصلة بالمولد، (كالجنس والأسرة، والعنصر والسلالة). أما المكانة الموروثة، فهي مكانة غير قائمة على قدرة خاصة أو مهارة أو جهد أو إنجاز فردي، وإنما تقوم على وضع موروث في المجتمع.

والمكانة الموروثة إما أن تُكتسب عند المولد، أو بطريقة تلقائية؛ أي عندما يصل الفرد إلى سن معينة. وتوجد مكانات كثيرة موروثة في المجتمع، كمكانة الجنس، والسن، والعنصر، والسلالة. كما أن المكانات المهنية في نسق الطبقة المغلقة تُورث أيضاً.

ويعد الدور الاجتماعي المظهر الدينامي السلوكي للمكانة الاجتماعية، أو الطريقة التي ينجز بها الفرد مستلزمات المكانة، أو ما يجب أن يقوم به من سلوك وفعل، ويتمتع به من امتيازات أو حقوق. ويمكن أن يساعدنا تصور الدور الاجتماعي في إدراك العلاقات الاجتماعية، كجزء من البناء الاجتماعي للمجتمع، حيث يُعرف الدور بأنه نمط السلـوك A pattern of behavior مرتبط بمكانة اجتماعية محددة، ومثال ذلك دور الأب أو الموظف أو المدرس، إذ تحدد الأدوار في الواجبات والحقوق، من طريق المكانة الاجتماعية.

كما تُعد الأدوار مكملة أو متبادلة Reciprocal؛ فدور الرئيس يتمم أو يكمل دور المرؤوس، ودور المدرس يكمل دور الطالب، ودور الوالدين في البيت مكمل لدور المدرسين في المدرسة، ودور رجل الأمن مكمل لدور القوات المسلحة. وكلما تحددت الأدوار بوضوح، تأكد التآزر والاتساق في سلوك الأفراد والجماعات.

ولذا كانت الأدوار ذات صلة وثيقة بتقسيم العمل في المجتمع؛ فالمسؤولية محددة لكل شخص، وكلما تعقدت المجتمعات ازدادت وتباينت الأدوار فيها، وتعددت من ثم المراكز الاجتماعية؛ ففي بنية العلاقات القرابية توجد مراكز كثيرة، أو مكانات متعددة، مثل مكانة الأب، والأم، والابن، والبنت. وهذه المكانات كلها هي أحكام ومقاييس أخلاقية واجتماعية تحدد السلوك الاجتماعي اليومي للفرد داخل المجتمع، أو الأسرة، أو الجماعة التي يعيش فيها.