إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / مواجهة مشكلة المخدرات، بين الواقع والمستقبل




نبات الأفيون (الخشخاش)
نبات الكوكا
نبات القنب (الحشيش)
بعض أنواع المخدرات التخليقية

أنواع المخدرات
مرتكزات الحد من انتشار المخدرات




المبحث الثالث: المرتكزات الأساسية للحد من انتشار المخدرات

المبحث الثالث: المرتكزات الأساسية للحد من انتشار المخدرات

      أوضحت البحوث والدراسات، التي تعرضت لجهود مكافحة المخدرات المحلية والإقليمية والدولية، وكذلك المؤتمرات والندوات، التي عُقدت، في ذلك المجال، أن جهود المكافحة لا تخرج عن محورين اثنين:

المحور الأول: جانب العرض.

المحور الثاني: جانب الطلب.

      وكما سبق فإن جهود المكافحة تنظر إلى المخدرات على افتراض أنها سلعة كسائر السلع يخضع التعامل فيها للعوامل التي تحكم العلاقة بين العرض والطلب، ومن ثم يؤكد خبراء المكافحة أنه إذا قل الطلب على المواد المخدرة فسوف يصيبها الكساد، ومن ثم يدعون إلى عدم الاقتصار، في مقاومتها، على المكافحة في جبهة العرض فحسب، بل لابد من جهود تبذل، كذلك، في جبهة الطلب (انظر شكل مرتكزات الحد من انتشار المخدرات)

      وتخلص كافة البحوث والدراسات إلى التوصية بتبني إستراتيجية محددة لمواجهة الانتشار الوبائي للمواد المخدرة، تقوم على محورين أساسيين وعدد من المرتكزات الأساسية، وتتلخص فيما يلي:

المحور الأول: مواجهة العرض

      أي تكثيف جهود المكافحة الأمنية، من خلال الأجهزة الوطنية المعنية، والأنشطة الأمنية الرامية إلى منع التهريب، أو إنتاج المخدرات وترويجها داخل المجتمع. إضافة إلى دور التشريعات والاتفاقيات الدولية، والإقليمية، والثنائية، في هذا المجال.

      ويعتمد هذا المحور على عدد من المرتكزات الأساسية، أو الأساليب، وهي:

1. المكافحة الأمنية

ويعتمد التخطيط الأساسي لهذه المكافحة على مطاردة المخدر، وتعقبه، في داخل الدولة، وعلى حدودها. وقد سبق ذكر الأجهزة الوطنية المعنية بمكافحة المخدرات. ففي جمهورية مصر العربية، على سبيل المثال، تضطلع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالدور المحوري لتنظيم هذه الجهود، وهي تقوم بعملها، من خلال التنسيق مع عدد من الأجهزة الأخرى بالدولة، والمعنية، كذلك، بهذا الدور، مثل قوات حرس الحدود (وزارة الدفاع)، ومصلحة الجمارك (وزارة المالية)، والإدارة المركزية للشؤون الصيدلية (وزارة الصحة)، والإدارة العامة للدفاع الاجتماعي (وزارة الشؤون الاجتماعية)، كما تتعاون مع عدد من الأجهزة المتخصصة في وزارة الداخلية، مثل قوات الأمن المركزي، وأكاديمية الشرطة (قطاع كلاب الأمن والحراسة)، ومصلحة الموانئ، ومصلحة الأمن العام (المكتب المركزي للشرطة الجنائية الدولية "انتربول")، والإدارة العامة لشرطة المسطحات المائية. كما يدخل في اختصاصها، كذلك، التنسيق مع الأجهزة المعنية بمكافحة المخدرات في هيئة الأمم المتحدة، مثل الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، وصندوق الأمم المتحدة للرقابة على تعاطي المخدرات، وشعبة المخدرات، وكذلك التنسيق مع منظمة الشرطة الجنائية الدولية (انتربول).

وتنشر الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بجمهورية مصر العربية تقريراً سنوياً، تسجل فيه أوجه نشاطها المختلفة، سواء فيما يتعلق بالنشاطات المحلية، أو بالمشاركة في المؤتمرات، والندوات الدولية، كما تنشر تحليلاً لأحكام القضاء المصري في قضايا المخدرات، إضافة إلى قوائم بإحصاءات مفصلة عن المضبوطات من المخدرات بأنواعها المختلفة، على مر العام. وجدير بالذكر أن التقارير السنوية للإدارة العامة لمكافحة المخدرات، لم تتوقف عن الصدور، منذ التقرير الأول، الذي أصدره "مكتب المخابرات العامة للمخدرات" عن نشاطه في سنة إنشائه 1929، (وهو المكتب الذي تطور فيما بعد ليصبح إدارة عامة). وهي بذلك تكوِّن مكتبة عربية مختارة عن الجهود المتصلة للدولة في مجال مكافحة العرض، ومرجعاً مهماً لكافة البحوث والدراسات المعنية بمشكلة المخدرات.

كما تجدر الإشارة إلى أن الجهود، التي تقوم بها الإدارة، تشمل: ضبط المخدرات على المستوى المحلي، والضبط بالتعاون مع إدارات المكافحة بعدد من الدول، وملاحقة الهاربين من الأحكام القضائية الخاصة بالتهريب والاتجار، على المستوى المحلي والدولي، وحصر ثروات عدد من كبار التجار والمهربين، وتقديم نتائج الحصر للجهات القضائية المختصة، والمشاركة في دراسة وإعداد مجموعة من الاتفاقيات الدولية، والمشاركة في عدد من المؤتمرات الخاصة بالمكافحة، وتبادل المعلومات مع الأجهزة الدولية المعنية بالنشاط المجرَّم حول المخدرات.

ويذكر كذلك أن جهاز المكافحة، سواء في شكله الحاضر كإدارة عامة، أو القديم كمكتب المخابرات العامة للمواد المخدرة، يُعد من أقدم الأجهزة المتخصصة في المكافحة، على المستوى الدولي (1929)، وقد أكسبه تاريخه الطويل (69 عاماً) قدراً من الخبرة والمهارة قلما يتوافر لغيره، من الأجهزة المماثلة، مما جعله مرجعاً مهماً في هذا المجال.

2. التشريع

على الرغم من أن الاتجاه العام في مكافحة المخدرات، ينظر إليها كسلعة، إلاّ أنه لا يجب إغفال أنها ظاهرة إجرامية تضر بالمجتمع وتستوجب توقيع العقاب الذي يحقق عنصري القمع، والردع في المجتمع. وقد اتجهت المجتمعات الإنسانية إلى استخدام القانون كوسيلة، أو مرتكز أساسي لمكافحة المخدرات، ويرجع ذلك إلى بدايات القرن التاسع عشر، وتراوحت العقوبات، المقررة في كل قانون، بين الغرامة المالية، العقاب البدني، حتى وصلت إلى الإعدام، والأشغال الشاقة المؤبدة، عقاباً لتهريب المخدرات، أو زراعتها، أو الاتجار فيها. وهناك كمية هائلة من الدراسات الجادة، التي تناولت دور التشريعات الخاصة بمكافحة المخدرات، في عدد من الدول العربية والأوروبية.

وتأكيداً لأهمية دور التشريع في مكافحة جريمة المخدرات، جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون المصري لمكافحة المخدرات الرقم (122) لسنة 1989 ما نصه:

"وإذا كانت هذه المجابهة تتسع لتشمل جهوداً في ميادين شتى، منها الثقافي والديني والتعليمي والاقتصادي والصحي والأمني، فانه يبقى التشريع ميداناً من أهم ميادين هذه المجابهة، حيث يقدم تأثيم الأفعال المتصلة بهذا النشاط والعقاب عليها، بدوره كقوة الردع الأساسية في درء هذا الخطر" .

ومع أن الهدف الأساسي من التشريع الخاص بمكافحة جرائم المخدرات، في أي مجتمع، يقوم على فلسفة مكافحة (العرض)، وذلك بمكافحة، أو تأثيم، أفعال التهريب، والجلب، والاتجار، والزراعة، والتصنيع للمواد المخدرة، فإن جانباً مهماً من مواد هذا القانون في كل مجتمع يجب كذلك أن تتناول جانب (الطلب ممثلاً في تجريم الحيازة والإحراز والشراء بقصد التعاطي.  

3. الاتفاقيات الدولية والإقليمية

وتأتي الاتفاقيات الدولية والثنائية بما تقننه من إجراءات، وما تنشئه من أجهزة، كآلية ثالثة تستخدمها الدولة الحديثة في تصديها لمكافحة (عرض) المخدرات، وقد بدأت فاعلية هذه الاتفاقيات تظهر بوضوح، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وإنشاء عصبة الأمم.

تهدف هذه الاتفاقيات إلى رسم شبكة من العلاقات القانونية، تحدد مسارات المساعدات المتبادلة، أو التعاون المشترك، فيما بين الدول أعضاء هذه الاتفاقيات، لزيادة تمكين هذه الدول من التغلب على مشكلة المخدرات، سواء بزيادة ودعم كفاءة المكافحة، داخل أراضيها (المعونات والخبرات المتبادلة والمعلومات)، أو بالتعاون مع الغير على التصدي لها في أبعادها الدولية (مراقبة الهاربين وتسليمهم، تبادل المعلومات... الخ).

المحور الثاني: مواجهة الطلب

      ينطوي المحور الثاني، في إستراتيجية مواجهة المخدرات، على ثلاثة مرتكزات أساسية، وهي: الوقاية والعلاج وإعادة التأهيل والاستيعاب. والهدف الأساسي من تفعيل هذه المرتكزات هو خفض الطلب على المخدرات بكافة أنواعها، ولكي تحقق سياسات خفض الطلب أهدافها، يفرق أهل الاختصاص بين جانبين لمفهوم الطلب.

1. طبيعة الطلب

ويقصد بها الأنماط السائدة للتعاطي في المجتمع، وقد عرفت منظمة الصحة العالمية (نمط التعاطي) بأنه مجموعة من العناصر الآتية:

  • أنواع المخدرات المتعاطاة.
  • الكمية المتعاطاة (الجرعة في المرة الواحدة).
  • التكرار: أي عدد مرات التعاطي في اليوم/ الأسبوع/ الشهر.
  • المدة التي انقضت منذ بدء التعاطي.
  • طريقة التعاطي: البلع/ التدخين/ الحقن/ الاستنشاق.
  • الإفراد أو التجميع (هل الشخص يتعاطى نوعاً واحداً من المخدر، أم يتعاطى كذلك أنواعاً أخرى؟).

2. وظيفة الطلب

ويقصد بها الدوافع والأسباب والغايات، التي تدفع الشخص نحو تعاطي هذا المخدر، أو ذاك. فقد يكون الدافع هو التوتر من موقف ما، والغرض من التعاطي هو التغلب على هذا التوتر، وقد يكون الدافع هو الشعور بآلام جسمانية، والغرض من التعاطي هو تسكينها، وقد يكون الدافع هو مجرد الشعور بالملل والسأم ويكون الغرض من التعاطي هو الترويح عن النفس... الخ.

"وجدير بالذكر أنه لا يمكن التصدي لوضع برامج خفض الطلب، وتشغيلها بكفاءة من دون معرفة مسبقة بأنواع الطلب، ووظائفه السائدة، في المجتمع الذي تُصمم له هذه البرامج".

وإذا كانت أحكام الاتفاقيات الدولية الرئيسية الثلاث هي العمود الفقري لأي برنامج وطني لتخفيض العرض، فإن الأمر يختلف بالنسبة لسياسات خفض الطلب، حيث ينبغي أن تستهدف هذه السياسات خفض الطلب على جميع المواد التي يساء استعمالها، ولا سيما المشروبات الكحولية والتبغ والمذيبات العضوية... الخ، وتتجسد هذه الفلسفة في النهج الذي تتبعه منظمة الصحة العالمية تجاه هذه المشكلة.

وقد شدد المؤتمر الدولي، المعني بإساءة استعمال العقاقير، المعقود عام 1987، واجتماع القمة الوزاري العالمي لخفض الطلب على المخدرات، المعقود في لندن عام 1990، على الأهمية الحاسمة لخفض الطلب، وفي عام 1990 عندما اعتمدت الجمعية العامة برنامج العمل العالمي، وضعت خفض الطلب على رأس القضايا، التي طلبت إلى لجنة المخدرات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي النظر فيها، وإصدار توصيات بشأنها، كما طالبت الجمعية العامة الحكومات بضرورة اعتماد وتنفيذ إستراتيجيات وطنية منسقة لخفض الطلب.

3. أساليب مواجهة الطلب

أ. الوقاية

الحكمة الخالدة القائلة "بأن الوقاية خير من العلاجهي المفهوم الأساسي لهذا المرتكز الرامي لمكافحة المخدرات. فكل إنفاق تقدمه الدولة من أجل الوقاية من خطر المخدرات، يوفر الكثير من نفقات علاج الإدمان.

وتتفق منشورات منظمة الصحة العالمية، وهيئة الأمم المتحدة، على تحديد ثلاثة مستويات للوقاية.

(1) وقاية من المستوى الأول

أو ما يسمونه بالوقاية الأولية، وهي مجموع الإجراءات التي تستهدف منع التعاطي أصلاً، مثل كل أنواع التوعية وإجراءات مكافحة العرض.

ولكي تحقق الوقاية الأولية ثمارها، ينبغي مراعاة الإجابة على ثلاث مسائل مهمة:

(أ) إلى من توجه جهود الوقاية الأولية؟

وترجع أهمية هذا السؤال إلى عدد من الأسباب، أهمها: أن ما يصلح لمخاطبة الشباب يختلف عما يلزم لإقناع الكبار. ولترشيد نفقات البرامج، ولتحديد صيغة التقويم الملائمة، ولأن التوجه إلى الجماعات الخطأ يثير لديها حب الاستطلاع. ومن ثم فإن من الواجب توجيه خطاب التوعية إلى أكثر الجماعات تعرضاً لاحتمالات التعاطي، وهو ما يعرف (بالجماعات الهشة)، ويمكن تحديدها بالبحوث الميدانية، والتي غالباً ما تتسم بالانهيار الأسري، ووجود تاريخ للإدمان أو التعاطي بالأسرة، وضعف الوازع الديني وتدخين السجائر قبل بلوغ سن 12 سنة... الخ. ومحصلة ذلك أن يُراعى، في إعداد برامج التوعية الهادفة إلى الوقاية الأولية، أن توجيهها إلى الجماعات الهشة، ومعنى ذلك أنه لا يجوز استخدام وسائل الإعلام الجماهيرية، كالتليفزيون والراديو، لتنفيذ هذه البرامج، وإلاّ كنا نعمل على نشر الداء من حيث أردنا أن نقي الناس منه. ويتصل بذلك مضمون الخطاب في هذه الحالة (الوقاية الأولية) وينبغي أن تراعى الاعتبارات الآتية:

ـ التركيز في الحديث على مخدر واحد دون غيره.

ـ التركيز على المثيرات النفسية.

ـ حداثة البيانات والمعلومات.

(ب) كيف توجه جهود التوعية؟ ما الأسلوب الأمثل؟

للإجابة عن هذا التساؤل يراعى ما يلي:

ـ الالتزام بالأسلوب التربوي المتكامل بدلاً من التلقين، أي تقديم المعلومة مع السياق الذي يحدد معناها أو قيمتها.

ـ الالتزام بالحقيقة من دون مبالغة.

ـ تجنب الخوض في التفاصيل الدقيقة.

ـ تناول موضوع المخدرات كجزء من كل.

(ج) العناية بالحالات تحت الإكلينيكية

يلجأ بعض الأفراد إلى المخدرات، بهدف العلاج، لا بهدف الترويح، إمّا لأن أعراض المرض لم تتبلور بالنسبة لهم، وبالتالي لم يتقرر لهم العلاج الطبي اللازم والمشروع، وإمّا أن تكون أعراض متبلورة فعلاً، ولكنهم لا يذهبون إلى الطبيب لأسباب اقتصادية أو اجتماعية، وتسمى هذه الحالات بالحالات تحت الإكلينيكية. ومن ثم فإن توفير الخدمات الطبية، ذات الكفاءة المعقولة، لأكبر عدد من المواطنين، في أرجاء المجتمع، من شأنه أن يقلل حتماً من عدد المتعاطين، بما يساوي النسبة التي أقدمت على التعاطي أساساً بهدف التداوي لا بهدف الترويح، ومن ثم يُعد هذا الطريق واحداً، من الطرق الأساسية، التي تدخل تحت عنوان إجراءات الوقاية الأولية من التعاطي.

(2) وقاية من المستوى الثاني

ويقصد بها التدخل العلاجي المبكر، بحيث يمكن وقف التمادي في التعاطي لدى الشخص، الذي لا يزال في بدايته، لكي لا يصل إلى مرحلة الإدمان. والمشكلة هنا، في كيفية التقاط هذا الشخص ليكون هدفاً لإجراءات بعينها تدفعه، أو تساعده، على التراجع عن التعاطي، في وقت معقول. وفي هذا الصدد توجد وسيلتان للعثور على حالات التعاطي المبكر:

الأولى: من خلال العيادات المدرسية وتوجيه الأسئلة غير المباشرة للطلبة، والملاحظة الشخصية لأولياء الأمور والمدرسين.

الثانية: من خلال الشبان المتقدمين للالتحاق بالكليات العسكرية، والجامعات، والفرق الرياضية، حيث يجرى لهم فحص لعينات من السوائل البيولوجية.

وفي الحالتين يتوقف الأمر على وجود نظام علاجي محدد، يلتقط هؤلاء المتعاطين البكر، ليخضعهم لبرامج توعية وعلاج مباشرة.

(3) وقاية من المستوى الثالث

والمقصود بها، وقاية المدمن من مزيد من التدهور الطبي، أو الطبي ـ النفسي، أو السلوكي، للحالة. ويخضع هذا المدمن لبرنامج علاج مكثف، ضد أعراض الانسحاب من المخدر، وإعادة التأهيل للوقاية من العودة إلى الإدمان، ووقاية المجتمع من النتائج المترتبة، على مزيد من تردي الحالة.

ب. العلاج

يتسع معنى العلاج هنا ليشمل مفهوم العلاج الدوائي، والعلاج النفسي، والعلاج الاجتماعي. ومن دون توفر ذلك، لا يجوز عقلاً، ولا عدلاً، أن يتحدث أحد عن عدم جدوى علاج المدمنين. وجدير بالذكر أن الاتفاقيات الدولية، الخاصة بمكافحة المخدرات والمواد النفسية، تلزم أطرافها بضرورة توفير أسباب العلاج للمدمنين، بالمعنى الطبي النفسي الاجتماعي المتكامل، من دون إخلال بنظم العقاب لديها.

ج. الرعاية اللاحقة

بعد إخضاع المدمن لبرنامج العلاج المتكامل الثلاثي الأبعاد، ينتقل بعد ذلك إلى مرحلة (الرعاية اللاحقة)، التي تنقسم إلى قسمين هما:

(1) إعادة التأهيل

ويقصد به إعادة التأهيل المهني، أي العودة بالمدمن الناقه إلى مستوى مقبول من الأداء المهني، سواء كان ذلك في إطار مهنته، التي كان يمتهنها قبل الإدمان، أو في إطار مهنة جديدة. وتتضمن إجراءات إعادة التأهيل ثلاثة عناصر هي: الإرشاد المهني، وقياس الاستعدادات المهنية، والتوجيه أو التدريب المهني.

(2) إعادة الاستيعاب الاجتماعي

وهي الخطوة الأخيرة، والمكملة لإجراءات الرعاية اللاحقة، التي تتناول المدمن الناقه. فالهدف الأخير لإجراءات إعادة الاستيعاب هو إعادة المدمن الناقه إلى القيام بأدواره الاجتماعية التي كان يؤديها قبل إدمانه، أو ما يقرب من ذلك. ولا يجوز النظر إلى عملية إعادة الاستيعاب هذه باستخفاف، على أساس أنها تتم، بصورة تلقائية، فهذا من شأنه أن يساعد على زيادة فرص الانتكاس، أي رجوع المدمن إلى ما كان عليه قبل أن يتلقى الجرعات الطبية والنفسية من العلاج.

      وختاماً لمحور خفض الطلب، ثمة مجموعة من المبادئ التوجيهية، التي يمكن أن تساهم في تفعيل المرتكزات الأساسية الثلاثة لهذا المحور (الوقاية، والعلاج، والرعاية اللاحقة)، وتتلخص فيما يلي:

  1. المعرفة بالحالة الحقيقية لإساءة استعمال العقاقير المخدرة.
  2. تشجيع برامج الوقاية من المخدرات وتوعية مستعمليها المحتملين بمخاطرها والمشاكل المقترنة بها.
  3. أن تكون البرامج التربوية المصممة لاستخدام وسائل الإعلام، في حملات الوقاية من المخدرات، مصممة بدقة حتى لا تعطي نتائج عكسية.
  4. أن تكيف برامج العلاج وإعادة التأهيل حسب الأحوال والظروف الخاصة بكل بلد. والبرنامج الواحد قد لا يكون فاعلاً بالنسبة لجميع المتعاطين داخل البلد الواحد. كما أن نقل نظام العلاج من ثقافة إلى أخرى لا يكون ناجحاً دائماً.
  5. توفير التدريب المناسب للموظفين المسؤولين عن أنشطة خفض الطلب في مجالات الوقاية والعلاج، وإعادة التأهيل. كذا أصحاب المهن، الذين يواجهون مشاكل تعاطي المخدرات في أنشطتهم مثل الأطباء، والصيادلة، والمعلمين، والموجهين الاجتماعيين، لضمان اكتسابهم المعرفة بالكشف المبكر عن تعاطي المخدرات.
  6. تعزيز شعور المجتمع المحلي بأهمية الربط بين الخدمات التربوية، وخدمات العلاج عن طريق إشراك المنظمات غير الحكومية ذات الدراية الفنية في برامج خفض الطلب.
  7. التعاون الإقليمي والدولي في مجال تبادل الخبرات الفنية والقانونية والتدريب والبحث ونظم المعلومات.