إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الأُسْرة









* مراحل حياة الأُسرة

مراحل حياة الأُسرة

1. المرحلة الأولى: هي مرحلة الزواج وتكوّن الأُسرة. تبدأ باختيار الزوجين كل منهما للآخر، بعد معرفة كل منهما للآخر. وقد يُبنى الاختيار على صورة فتى الأحلام، وفتاة الأحلام، التي يرسمها كل من الولد والبنت، في مراحل حياتهما السابقة، وذلك من خلال تعاملاته مع المحيطين به في حياته اليومية، إذ يقابل أناساً، يرتاح إليهم، فترتسم بعض ملامحهم داخله، مرتبطة بالطيبة والرقة والحنان والعطف ومساعدة الآخرين، أو الشجاعة والإقدام والمهارة، وغير ذلك من الصفات المرغوب فيها. ثم تنسى المواقف، التي حدث فيها التعامل مع الشخص، ولكن يبقى بعض ملامحه. وتتكامل تلك الملامح معاً، بمرور السنوات، مكوّنة خطوطاً عريضة لملامح فارس الأحلام أو فتاة الأحلام. وقد تكون الخطوط واضحة الملامح إلى درجة أن ترى البنت صورة فارس الأحلام في خيالها، وعندما يتقدم لها شاب لخطبتها، فإنها تبحث فيه عن صورة فارس أحلامها. وقد لوحظ أن أغلب صور فارس الأحلام لدى الفتيات، تشبه والدها إلى حدّ كبير، مع بعض التعديلات النابعة من لا شعور الفتاة. وفي غمرة الحماس للصورة الخارجية، التي تتطابق مع صورة فارس الأحلام، غالباً ما تندفع البنت، من دون دراسة لشخصية العريس المتقدم، في الموافقة وإتمام الزواج. ولا أنسى تلك السيدة، التي حضرت إلى العيادة، في حالة اكتئاب نفسي شديد، وكراهية للحياة، مع إحباط ويأس من حياتها الزوجية، ونقص شهية للطعام، واختلال النوم. وعند البحث عن أسباب تعاستها واكتئابها، لوحظ أن عدم توافقها الزوجي، من جميع الوجوه، وسوء معاملة الزوج لها، هما السبب. وهي متزوجة منذ ست سنوات، ولديها طفلان. وعندما سألتها عن اختيارها زوجها، كيف تم؟ أجابت بأنه عندما تقدم لطلب يدها، جاءت جلسته تحت صورة والدها، المكبرة، والمعلقة في حجرة الاستقبال، وكان والدها قد توفاه الله منذ عامين، ولاحظت أن هناك شبهاً كبيراً في الملامح بينهما، فوافقت، من الفور دون تردد. وما أن تزوجته، حتى ظهرت طباعه السيئة، وسوء معاملته، وضربه المبرح لها. فظلت تتحمله، خوفاً من الطلاق، حتى أصابها اكتئاب، وانفجرت من داخلها بفعل تراكم الإحباطات اليومية.

وأحياناً يتم الاختيار من خلال التعامل اليومي وتعود رؤية الشخص، فتتم الألفة وترفع الحشمة بينهما، فيشعران بالارتياح، كل منهما للآخر. وهنا تكون الصداقة قد سبقت مشاعر الحب، ولم تتأتَّ الصداقة، إلا من خلال إعجاب كل منهما بأداء الآخر، ودوره، وطريقة تعامله، فيتم إسقاط مشاعر الحب عليه، ثم يكون الاختيار للزواج. وهو اختيار أكثر واقعية ونضجاً، من النوع السابق، المرتبط بفتى أو فتاة الأحلام.

وأحياناً، يكون للإغراءات المادية والإمكانات الدور الأكبر في الاختيار، من دون قناعة داخلية بملاءمة هذا الشخص لتلك الفتاة. وهنا يكون الزواج أشبه بصفقة مادية، تجارية، تحسب على أساس المكسب والخسارة. وإذا لم يتغير هذا المبدأ، سريعاً، إلى مشاعر متبادلة، محورها المودة والرحمة، فإن مصير هذا الزواج الفشل، سواء كان معلناً بالطلاق، أو غير معلن في صورة عيشة سيئة، ظاهرها الزواج، وباطنها العذاب، لكل من الطرفين، أو لأحدهما، مع معاناة الأولاد جفاف نبع الحنان والحب، المفترض تدفقه عليهم من دفء الأُسرة العاطفي.

وقد يكون الاختيار، أحياناً، مُرتباً من قِبل الأُسرة (أو الأُسرتين)، يخضع فيه العروسان لرغبة الأهل، من دون النظر إلى مدى قبول كل منهما للآخر. وهذا الزواج غالباً ما يشبه بالبطيخة، فإما أن تكون حمراء، حلوة الطعم، وإما أن تكون فاسدة، لا طعم لها. فإذا كانت حلوة، استقامت الحياة، وطابت لكلا الطرفين. وإذا كانت فاسدة، فما حيلتهما؟! لا شك أنهما سيحاولان التحمل ومجاهدة كل منهما لنفسه، بغية الاستمرار والمحافظة على الشكل، والاستمرار في إرضاء الكبار والأُسرتين. ولكن ما لا ينبع من الداخل، وما يتم من قهر النفس على ما لا تريده، خاصة في الحياة الزوجية، هو نوع من التعذيب، يصعب استمراره، فيقع المحتوم، ويحدث الطلاق. ويكون الضحايا هم الأبناء، ضحايا لاختيار مفروض ومرتب، ولم يُبنَ على فهْم وإرادة حرة من الطرفين.

وبعد الاختيار، يتمم الزواج، غالباً، بعد فترة خطبة وعقد القران، الذي يتم فيه إعلان الزواج وتوثيقه، مدنياً حفظاً لحقوق الطرفين والأبناء. وتستمر هذه المرحلة إلى أن يولد الطفل الأول.

2. المرحلة الثانية من عمر الأسرة: وتبدأ بولادة الطفل الأول. وتتميز هذه المرحلة برعاية الأبناء، وتوجيه الاهتمام إليهم، والانشغال بتربيتهم، وبناء مستقبلهم، مع جعل الأُسرة مستقرة، مادياً، لمواجهة مطالب الأبناء. وقد تعاني الأُسرة في هذه المرحلة، وجود طفل معوق، أو تمرد أبنائها المراهقين، أو إدمان أحدهم، أو انحراف سلوكه.

3. المرحلة الثالثة: وتبدأ عندما يترك الأبناء بيت الأُسرة، ويبدءون في الاعتماد على أنفسهم، أو ينشغلون عن الوالدين، بالدراسة الجامعية، أو العمل، أو بالأصدقاء. ويأخذ الوالدان في إعادة ترتيب حياتهما من جديد، فيسعى كل منهما إلى البحث عن معنى لحياته، ويجدّ في البحث عن اهتمامات جديدة، أو يبدأ صداقات جديدة. وأحياناً يعيد أحدهما، أو كلاهما، اختياراته من جديد، بحثاً عن معان جديدة للحياة. وقد تأخذ تلك الاختيارات صورة الأزمة، ويطلق عليها أزمة منتصف العمر، ويهيئ لحدوث هذه الأزمة، ولا سيما لدى الزوج، الروتين اليومي، المتكرر منذ سنوات، مع الاستقرار المادي، وعدم وجود أهداف جديدة، يبغي تحقيقها في مسيرة حياته، وزوجته قد وصلت إلى سن اليأس، وفقدت الكثير من مظاهر أنوثتها وجاذبيتها، فأصبحت مثيراً غير كافٍ لتحريك الغريزة الجنسية، تلك التي خبت جذوتها، بفعل تقدمه في السن، وأصبح يحتاج إلى مثير أقوى، تجسده فتاة حسناء، صغيرة السن. وهكذا ترتبك نواحي حياته المختلفة. وعندما تشعر الزوجة بتغير زوجها، تثور، بدورها، وتصبح عصبية. فيترك لها البيت إلى زواج جديد، أو إلى إقامة منفردة، باحثاً عن نفسه وهويته من جديد، من خلال صداقات، أو علاقات عاطفية، أو عزلة واكتئاب. ولذا، فإن من واجب الزوجة، في هذه المرحلة، أن تحافظ على هدوئها، وأن تبدو طبيعية في تعاملها، وألاّ تثور، أو تفقد تواصلها مع زوجها، لأن هذا يساعده على اجتياز الأزمة، بأقل الخسائر للأسرة. أما ثورتها وعصبيتها فستدفعانه إلى الارتباط بأخرى ارتباطاً متسرعاً، لا يحسب حسابه جيداً. وهي في خضم ثورتها ستعمل على كسب أولادها في صفها، وذلك بأن تجعلهم يكرهون والدهم. الأمر الذي قد يحطمهم، نفسياً، ويلقي بهم في هوة الإدمان أو الاكتئاب. وهو هدم لكل ما بنته يداها، في سنوات عمرها السابقة.

4. المرحلة الرابعة: وهي المرحلة الأخيرة للأُسرة. إذا كبر الوالدان، وضعفت صحتهما، أو توفي أحدهما. وتكوّنت بدلاً من أُسرة الأصل هذه، أُسَر صغيرة للأبناء. كما يقتسم الأبناء الميراث بينهم، أو يحملون لواء الأُسرة الأصلية، لاستكمال مسيرة الأُسرة الممتدة.