إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / الطبقة الاجتماعية









الارتباط بالجماعة Sociability

الطبقة الاجتماعية Social Class

على الرغم من أن مصطلح الطبقة يُعَد واحداً من أكثر المصطلحات شيوعاً في علم الاجتماع، إلاّ أنه لا يوجد اتفاق واضح حول تعريفه. فعلماء الاجتماع يستخدمون المصطلح للإشارة إلى الاختلافات الاجتماعية الاقتصادية، بين الجماعات والأفراد التي تخلق صوراً للتفاوت بينهم في الرفاهية المادية والقوة. وتُعد الطبقة بمفهومها العلمي إحدى نتاجات الفكر الماركسي. وعلى الرغم من أن وجهة نظر ماركس في موضوع الطبقة جاءت مبعثرة في مؤلفاته، إلا أنه حددها بأنها: تَجَمّع من الأشخاص يُنجز عملاً واحداً في إطار عملية إنتاجية واحدة، وتختلف باختلاف وضعها الاقتصادي وموقعها من عملية الإنتاج. وتتحدد الطبقة في ضوء مهامها في عمليات الإنتاج، ومن ثَم، يرتبط وجود الطبقات بمراحل تاريخية معينة من تطور الإنتاج.

ووفقاً لتصور ماركس، فإن المتغير الأساسي لنشوء الطبقة هو المِلْكية، أما المتغير الوسيط فهو تقسيم العمل. إضافة إلى ذلك رأى ماركس أن الطبقة لا يتم تشكلها بصورة نهائية إلاّ بوجود الوعي الذاتي بها، والذي لا يمكن أن يوجد إلا من طريق الأيديولوجية الطبقية. لكن الجدير بالملاحظة أنه لم يولِ اهتماماً كبيراً بوضع تحديد دقيق للطبقات، وإنما عُد الأهم من ذلك هو توضيح حقيقة الانقسام الطبقي في المجتمعات الإنسانية، بوجه عام، وفي المجتمع الرأسمالي، بوجه خاص.

أولى لينين قضية الطبقات الاجتماعية اهتماماً كبيراً، فذهب إلى أنها مجموعات كبيرة من الناس تختلف عن بعضها في المركز الذي تشغله في نظام تاريخي محدد للإنتاج الاجتماعي، وفي علاقاتهم مع وسائل الإنتاج، وفي دورهم في التنظيم الاجتماعي للعمل؛ ومن ثَم، في القدر والطريقة التي تستحوذ بها على نصيبها من الثروة الاجتماعية، التي تقع تحت تصرفها. فالطبقات، إذاً، هي مجموعات من الناس تستطيع إحداها أن تستحوذ على الأخرى نتيجة اختلاف المراكز، التي تحتلها في نظام محدد للإنتاج الاجتماعي. وهذا يوضح أن ما طرحه لينين لمفهوم الطبقة يُعد تأكيداً لما توصل إليه ماركس، من ارتباط الطبقة بالنمط التاريخي للإنتاج وبعملية تقسيم العمل الاجتماعي. كما أن لينين فسر الطبقة كما تصورها ماركس، مؤكداً على فكرة استغلال طبقة لأخرى. وفي هذا يُلاحظ أن أي تعريف للطبقة الاجتماعية يستلزم التمييز بين القوى الاجتماعية والعلاقات الاجتماعية، من ناحية، وبين الفوارق الاجتماعية التي تعتمد على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، من ناحية أخرى.

يرى داهرندوف Dahrendof أن الغموض الذي يحدث بين علماء الاجتماع، فيما يتعلق بدراسة الطبقة، يرجع إلى الخلط بين مفهومي: الطبقة Class، والشريحة Stratum؛ ويعني بالشريحة الاجتماعية فئة من الناس تشغل وضعاً متشابهاً في هرم الترتيب الطبقي، الذي يتميز بخصائص وسمات موقفية، مثل الدخل والمنزِلة Prestige وأسلوب الحياة. كما يرى أن الشريحة فئة وصفية، في حين أن الطبقة فئة تحليلية تُعبّر عن تجمعات تظهر بفعل ظروف بنائية خاصة. وأياً كانت التفرقة التي يضعها داهرندوف بين الطبقة والشريحة الاجتماعية؛ فإنه يضيف إلى التعريف الماركسي بُعدين، هما: المنزِلة الاجتماعية وأسلوب الحياة، اللذين تختلف على أساسهما الطبقات بعضها عن بعض، إضافة إلى أن تجمع كل طبقة يكون على أساس المصلحة المشتركة.

على هذا، فإن تعريف الطبقة من وجهة النظر الماركسية يقوم على:

1. وجود جماعة من الناس تتشابه من حيث الموقع الذي تشغله، في نسق الإنتاج الاقتصادي والاجتماعي.

2. التشابه في الدخل والمنزلة الاجتماعية وأسلوب الحياة.

3. التشابه من حيث نصيب الطبقة في ملكية وسائل الإنتاج.

ولكن ماكس فيبر أوضح تعدد أبعاد تحديد الطبقة الاجتماعية، وعدم قصورها على البعد الاقتصادي وحده. فقد أضاف إلى التعريف الماركسي للطبقة ـ والذي يعتمد على التشابه في الوضع الاقتصادي ـ بعدين آخرين، هما: المكانة Status والقوة Power. ويرى أن كلاً من الطبقة والمكانة والقوة يتداخل مع الآخر. ويُعرّف الطبقة بأنها "أية جماعة من الأشخاص يشغلون المكانة الطبقية" نفسها وفي هذا يميز بين الطبقة المالكة، التي تتحدد مكانة الأعضاء فيها على أساس التمايز في توزيع الملكية، وبين الطبقة المُكتَسَبة، التي يتحدد وضعها الطبقي من طريق مدى استغلالها للفرص المتاحة، وعلى أساس مجموعة المكانات الطبقية لأفرادها.

يتبين من التحليل السابق، أن النظرية التكاملية للطبقات ترتكز على تصور مفهوم المكانة الذي وضعه ماكس فيبر. كما تقوم هذه النظرية على تعدد أبعاد التدرج الطبقي، وعلى التساند المتبادل بين مكونات الطبقة. وانطلاقاً من تصورات النظرية التكاملية يتحدد مفهوم الطبقة في ضوء خصائصها؛ فهي مفتوحة من الناحية القانونية؛ ولكنها شبه مغلقة واقعياُ، وهي متعددة الأبعاد من حيث أنها تتحدد في ضوء متغيرات الدخل والمهنة والتعليم والمنزلة الاجتماعية وأسلوب الحياة والقرابة ومحل الإقامة.

ولمصطلح الطبقة استخدامان أساسيان في علم الاجتماع، يشتركان في النظرة إلى الطبقات بوصفها تجمعات اقتصادية ذات ترتيب هرمي في نسق معين؛ بمعنى أن الطبقات ليست كيانات منفردة وإنما تتحدد بعلاقة كل منها بالأخرى:

الاستخدام الأول: الطبقات بوصفها تكوينات تلعب دوراً فعلياً فيما يحدث من تطورات في المجتمع والتاريخ، والتي يتفاوت الوعي بوجودها من جانب الأفراد أو العائلات، التي تؤلف هذه الطبقات.

الاستخدام الثاني: الطبقات بوصفها فئات Categories، والتي يميز بينها علماء الاجتماع على أساس المعايير الاقتصادية، مثل الدخل والمهنة وغيرها.

وبناءً على ما سبق، يمكن تعريف الطبقة الاجتماعية بوصفها "مجموعة من الناس تتشابه قيمهم الاجتماعية من خلال المكانة الاجتماعية، التي يشغلونها في نسق التدرج الطبقي، ويتحدد وضعهم الطبقي في ضوء متغيرات الدخل والقوة والمهنة وأسلوب الحياة والوعي الاجتماعي وتقييم أعضاء المجتمع لهم".