إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اجتماعية ونفسية / المشاركة الاجتماعية









3

3. المشاركة: الاجتماعية والسياسية

      تُعَدّ المشاركة في الحياة السياسية، هي العصب الحيوي لممارسة الديموقراطية وقوامها الأساسي؛ والتعبير العملي الصريح لسيادة قِيم الحرية والعدالة والمساواة في المجتمع؛ فضلاً عن كونها مؤشراً قوياً إلى مدى تخلّف المجتمع ونظامه السياسي أو تطوُّرهما؛ وما يعنيه ذلك من اقتران وثيق بينها وبين جهود التنمية. ونظراً إلى أهمية المشاركة، في المجتمع الديموقراطي، اهتم علماء السياسة بالإشارة إلى ظاهرة غير المشاركين، أو غير المبالين بشؤون المجتمع، والذين سمّاهم الباحثون المشاهدين Spectators، أيْ قليلي الانغماس في الحياة السياسية؛ واللامبالين Apathetics، أيْ الذين تخلوا عن العملية السياسية. وأكد علماء السياسة أن هؤلاء، يمثلون أشد الظواهر خطراً على المجتمع الحديث.

          يرى علماء الاجتماع والسياسة، أن هناك درجات متعددة للمشاركة: الاجتماعية والسياسية:

أ. تقلد منصب سياسي أو إداري.

ب. السعي نحو منصب سياسي أو إداري.

ج. العضوية الناشطة في التنظيم السياسي.

د. العضوية في التنظيم السياسي.

هـ. العضوية الناشطة في التنظيم شبه السياسي.

و. العضوية العادية في التنظيم شبه السياسي.

ز. المشاركة في الاجتماعات العامة.

ح. المشاركة في المناقشات السياسية غير الرسمية.

ط. الاهتمام العام بالسياسة.

ي. التصويت.

      إن تقلد منصب سياسي أو إداري، يقع على رأس الهرم، بمعنى أنه يمثل أقصى درجات المشاركة. ثم يأخذ مستوى المشاركة في الهبوط والتناقص، إلى أن يصل إلى أسفل القاعدة، وهو التصويت، لكونه أدنى مستوى من صوَر المشاركة: السياسية والاجتماعية ووجوهها.

      في ضوء ذلك، تصبح المشاركة هي حجر الزاوية في النظام الديموقراطي؛ فالنمو الديموقراطي وتطوُّره رهن بتوسيع نطاق حقوق التصويت وحقوق المرشحين، وتوسيع نطاق المساهمة في تحقيق الأهداف السياسية، وجعلها حقوقاً يتمتع بها كلّ إنسان. وتُعَدّ المشاركة هي الوسيلة الأساسية إلى تحقيق الإجماع أو نمو المعارضة؛ كما تسهم في تعميق الشعور بالمسؤولية لدى الحاكم والمحكوم؛ إضافة إلى إنها تمثل أسلوباً دفاعياً ضد الظلم والطغيان. ومعنى ذلك كلّه، أن المشاركة ذات أهمية بالغة للحكام والمحكومين، وتنظيمات المجتمع، ووسائل الاتصال بين الجماعات المختلفة؛ ما يؤدي إلى تخفيف حدّة الصراعات.

          هكذا، تتضح الأهمية الكبرى، التي تحتلها عملية المشاركة الاجتماعية، ولا سيما إذا كانت على المستوى القومي العام؛ فهي لا تقتصر على مجال دون آخر. وهي رهينة بالوعي والإدراك، المقترنَين بمتغيرات عديدة في المجتمع، مثل: قضايا الإنتاج والتنمية والتوزيع وبناء القوة، وقضايا الحرية والديموقراطية.

          وقد أكد لين Lane عدداً من الحاجات والدوافع: الشعورية واللا شعورية، التي يمكن أن تشبعها المشاركة في الحياة: الاجتماعية والسياسية، وتتضمن الحاجات: الاقتصادية والمادية، والصداقة، والعاطفة، والتخفيف من حدّة التوترات النفسية، والحاجة إلى فهْم العالم، وإشباع الحاجة إلى ممارسة القوة على الآخرين، ثم الدفاع عن تقدير الذات والعمل على تحسينها.

          بناء على ذلك، أكد بعض الباحثين ضرورة جعل المشاركة جزءاً أساسياً من فلسفة التعليم؛ وأن يدعم المبدأ، الذي يذهب إلى أن هناك أهمية، يجب أن توجه إلى الجوانب الإنسانية للتنمية؛ والحاجة إلى إستراتيجية شاملة للتعبئة، وإلى طرح شعارات، يمكن أن تتحقق، في ضوء الاقتناع بها، وتعبيرها عن حاجات فعلية.