إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) الجمهورية العربية المتحدة
" المشاريع الوحدوية العربية 1913 - 1989، يوسف خوري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 2، 1990، ص 336 - 377 "

ودكتاتوريتهم وإرهابهم.

ولما لم يستجب الحاكمون لنداءات وطلبات الإصلاح، فقد هب الجيش لتقويم ما انحرف إليه نظام الحكم في ظل الوحدة. وقد وجد الا معدى من اللجوء إلى القوة في هذا السبيل. ومن هنا كانت انتفاضة 28 ايلول، وكانت طلائع الفجر تبشر بانتصار الثورة التي حمل الجيش لواءها في سبيل صون قدسية الوحدة.

ووقفت القيادة العربية الثورية العليا أمام المسؤولين، ووضعت تحت أنظارهم أخطاء الحكم الفادحة في خطوطها الرئيسية:

1 - إضعاف الجيش العربي في سوريا وتصفيته الجماعية ومحاولة إذلاله.

2 - الحكم البوليسي الخانق الذي يهدد حرية الإنسان وكرامته، ويزج بالناس في السجون ويتحكم في الأرزاق ويفسد الأخلاق والذمم.

3 - الاعتماد في الحكم على العناصر الهزيلة، التي تحقق للحاكمين التسلط فى فرديتهم تسلطا كاملا، ينحني أمامه ضعاف الأنفس المهزولة.

عرض الجيش أمام المسؤولين هذه المآسي التي عم أثرها وشمل الشعب كله ضباطاً وصف ضباط وجنوداً ومواطنين في مختلف مرافق الحياة العامة. كلهم فقدت من قلوبهم الطمأنينة إزاء تصرفات الحاكمين الارتجالية، وسياستهم الاعتباطية التي تصدر بعامل المفاجأة ولا تستوحى من دراسة واعية فاهمة لمصالح الدولة وأغراض الأمة. وانما كانت تصدر لغرض الدعاية والدجل السياسي، وبخاصة، حين استمرأ الحاكمون الاستهتار بالمبادئ القانونية والقواعد الدستورية، وأقاموا مهزلة الاتحاد القومي، ونصبوا مجلس الأمة، واستتروا باسمه، وشرعوا من ورائه، كأنه لم يكن شيئاً مذكوراً. وما كان ذلك غريباً عن منطق الحاكمين، فالأمة كلها في منطقهم لم تكن شيئاً مذكوراً.

ولقد حرص رجال القيادة العربية الثورية العليا على الوصول إلى الإصلاح، ولو كلفهم ذلك حياتهم، إذ استرخصوها في سبيل أن يروا المسؤولين يصلحون ما أفسدوا. وقد كان في يد الحكام حتى اللحظة الأخيرة، ان يقدموا على هذا الإصلاح، لو خلصت نيتهم وسلمت طويتهم.

وليست قصة البلاغ رقم 9 من بلاغات القيادة الثورية إلا مثالا على حسن نية يعبر عنها رجال القيادة، تمسكا بمبادئ الوحدة. هم قاموا بحركة ثورية. مع ذلك، وبعد نجاح ثورتهم. أرادوا فسح المجال لإصلاح الأوضاع، وهم يعرفون ان هذا العرش قد يكلفهم حياتهم، إذا تظاهر المسؤولون بقبولهم مطالب القيادة الثورية.

وقد فضل رجال القيادة مع ذلك ان يؤمنوا الإصلاح، وان يسمعوا الاستجابة السريعة عليه، ولو قام بين الاحتمالات ان

<95>