إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

   



رسالة إلى الأمين العام من نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية
العراق تتعلق بقرارات مجلس الأمن في شأن العراق والكويت
"الأمم المتحدة، سلسلة الكتب الزرقاء، مج 9، ص187 - 188"

رسالة موجهة إلى الأمين العام من نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية
العراق تتعلق بقرارات مجلس الأمن بشأن العراق والكويت

S/21503،

13 آب/ أغسطس 1990

بناء على تعليمات من حكومتي، لي الشرف أن أرفق لسيادتكم نص رسالة السيد طارق عزيز نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية العراق.

سأكون ممتنا لو تفضلتم بتأمين توزيع الرسالة ومرفقها كوثيقة من وثائق مجلس الأمن.

(توقيع) عبد الأمير الأنباري
السفير
الممثل الدائم

المرفق
رسالة مؤرخة 13 آب/ أغسطس 1990 وموجهة إلى الأمين العام من نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية العراق

لا يخفي عليكم أن مجلس الأمن قد اتخذ خلال أيام معدودة سلسلة من القرارات الظالمة ضد العراق بسرعة لم يسبق لها مثيل في تاريخ المنظمة الدولية.

       لقد قفز مجلس الأمن في أول قرار اتخذه إلى مرحلة الاستناد إلى أحكام الفصل السابع من الميثاق ومن دون أن يعطي لنفسه الوقت الكافي لاستيعاب الموقف ومعرفة حقائقه من الأطراف المعنية وبتجاهل مطلق لموقف العراق وإيضاحاته. وقفز المجلس بعد ذلك وفي مدة لا تتجاوز أياما قلائل إلى مرحلة اعتماد قرار بالعقوبات الإلزامية الشاملة، وبتجاهل مطلق مرة أخرى لموقف العراق وإيضاحاته. إن مثل هذا التصرف لم يحصل في تاريخ مجلس الأمن مما يجعل القرارات المتخذة ضد العراق ظالمة ولا تنسجم مع أبسط المفاهيم الإجرائية التي سار بها عمل المجلس في الماضي.

       إن ما حصل حتى الآن في مجلس الأمن ما كان له أن يتم لولا وسائل الضغط والتضليل التي مارستها الولايات المتحدة على عدد من أعضاء المجلس للتصويت على القرارات المذكورة. وبذلك تسعى لأن تكرس نفسها كمتحكم في العالم ومصيره. إن هذه القرارات الظالمة وذات الغرض المسبق من بعض دول المجلس والتي عملت الولايات المتحدة على فرضها تبدأ عصرا مشؤوما في تاريخ المنظمة الدولية، هو عصر فرض القياسات المزدوجة والأحكام الانتقائية بالقوة والإرهاب وبالوسائل الأخرى.

       إن الولايات المتحدة هي أكثر دولة في العالم خرقت ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة والقانون الدولي، وبالأخص في منطقتنا. لقد استخدمت الولايات المتحدة العصا الغليظة في التعامل مع القضايا الدولية وفرضت إرادتها الظالمة بقوة السلاح والإرهاب والحملات الإعلامية المضللة. ولا نجد حاجة للتدليل على ذلك بالأمثلة من السجل الأسود للولايات المتحدة في مجلس الأمن المعروف للمجتمع الدولي والذي ذكره بعض المنصفين من أعضاء المجلس في جلساته حديثا.

       إننا نجد فيما اتخذه مجلس الأمن ظلما فادحا، وتنكرا لحقائق التاريخ و أحداث المجتمع الدولي المعاصرة.

       وفي هذا الشأن لدينا تعليق مهم. فقد نص قرار مجلس الأمن 661 (1990)، الظالم والمتسرع من بين ما نص عليه، على عدم شمول العقوبات المجحفة الإمدادات المخصصة بالتحديد للأغراض الطبية والمواد الغذائية المقدمة في ظروف إنسانية.

       غير أن الولايات المتحدة عمدت أول ما عمدت إلى منع وصول هذه المواد بقصد تجويع شعب العراق وإرهابه، وهو الشعب الأبي، صانع الحضارات عبر التاريخ والذي يرفض الذل والخضوع. كما حرضت الولايات المتحدة عددا من الدول الأخرى لكي تحذو حذوها. كما عمدت إلى فرض الحصار على صادرات العراق ووارداته منصِّبة نفسها شرطيا للعالم. وإن تلاعبها بالألفاظ والمسميات لا يغير من هذه الحقيقة.

       إن العراق يدعو المجتمع الدولي إلى رفض هذه الأعمال العدوانية واللاإنسانية وعدم السماح للولايات المتحدة بانتهاك الحياة الإنسانية بهذا الشكل الفظ.

       ومن ناحية أخرى لا بد أن نقول إن عملية المقاطعة نفسها تستهدف من الناحية العملية تجويع الشعب العراقي. وهو أمر لن يغير من موقفه وصموده. إذ كيف يمكن للشعب العراقي أن يحصل على الغذاء والمواد الطبية في حالة قطع مورده الرئيسي من النفط؟ إن الانسجام مع الموقف الإنساني الصحيح إذا كان مجلس الأمن يفكر تفكيرا إنسانيا سليما هو السماح بإطلاق نسبة معينة من تصدير النفط على أقل تقدير تكفي لتأمين الحاجات الإنسانية الطبيعية وفي مقدمتها الغذاء والدواء.

       ومن الضروري الإشارة إلى أن الولايات المتحدة سعت بكل الوسائل إلى حمل بعض الدول على غلق أنابيب البترول التي تنقل النفط العراقي برغم أن هذه الأنابيب هي استثمارات عراقية سبقت الأحداث الأخيرة وبرغم أن قرار الغلق لا يدخل بأي شكل في نطاق ما قرره مجلس الأمن وإنما جرى اللجوء إليه بدفع وتحريض من الولايات المتحدة.

       وختاما لابد أن أقول لكم يا سيادة الأمين العام ومن خلالكم للمجتمع الدولي بأسره بأن شعب العراق والأمة العربية وكل شعوب العالم الحرة المعتزة بسيادتها واستقلالها سترفض بكل الوسائل الشرعية محاولات الولايات المتحدة لبسط سيطرتها على العالم بالقوة والإرهاب والتضليل.

(توقيع) طارق عزيز
نائب رئيس الوزراء
ووزير خارجية العراق


<1>