إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



بيان السيد كمال جنبلاط، رئيس الحزب التقدمى الاشتراكى، حول الاعتداء الإسرائيلى على بيروت
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1973، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 9، ط 1، ص 113-115"

بيان السيد كمال جنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، حول الاعتداء الإسرائيلي الأخير على بيروت والسياسة الدفاعية اللبنانية.(1)
بيروت، 13/4/1973 (الأنباء، بيروت، 20/4/1973)

         أيها الاخوان،
         اظهرت الاحداث الاخيرة الواقع التالى:
         اولا- ان السلطة القائمة لا تعتمد في اي حال التصدي لرد اي عدوان إسرائيلي، صغير او كبير على ارض لبنان، وحياة ابنائه وممتلكاتهم. وان الحكومة اقدمت على ذلك احياناً على الحدود الجنوبية، فيكون ذلك - على ندرته- خدعة وتستراُ. فالفصائل الإسرائيلية لا تزال تخترق حدود لبنان باستمرار ، وتقوم بمهمات المراقبة والتفتيش والاعتقال والعدوان . واذا تحركت الدولة مرة في غضون سنة ونيف، فيكون تظاهراً لا اكثر في رد عدوان كبير يصعب تغطيته، ولا تلبث ان تطوي ذيوله محادثات لجنة الهدنة والاتفاقات الضمنية المسبقة واللاحقة .

         ثانياً- ان السلطة اللبنانية غير مستعدة للدفاع عن فصائل الثورة الفلسطنية وقاداتها فى مواجهة الغارات الإسرائيلية، حتى ولو حصلت هذه الغارات على العاصمة وضواحيها، فهي تراقب وتنتظر ولا تتدخل ، كأن هنالك تواطئوا مبدئيًا وفعلياً بين السلطة الحاكمة وبين قادة إسرائيل في سعيهم لتقويض اركان الثورة الفلسطينية على الارض العربية في كل مكان لجأ إليه الفلسطينيون ، بعد ان اتم الحكم الأردني المجرم مهمته في ذلك على الارض الاردنية. فالطرق والوسائل تبدو مختلفة ولكن الغاية هي واحدة ويتم كل ذلك طبعاً بمعرفة دوائر المخابرات الامريكية ومراقتبها والمشاركة في التخطيط، بوصف إسرائيل اصبحت واقعاً وفعلا الولاية الواحدة والخمسين للولايات الامريكية في الشرق، وبسبب قلق الإدارة الاميركية على مصادر الطاقة النفطية واعتبار إسرائيل قاعدة التحرك العسكري والسياسي لحماية المصالح الاميركية في الشرق العربي ونتيجة تخلف الدول العربية عن اتخاذ موقف موحد وحازم في مواجهة العدوان الإسرائيلي ، وفي التصدى للدعم الاميركي لإسرائيل والمصالح الاقتصادية والمالية والنفطية الاميركية، وعدم تمكن دول المواجهة العربية من توحيد قياداتها السياسية والعسكرية وطاقاتها الاقتصادية واستخدام قدراتها الهائلة في التأثير على اقتصاد ومالية العالم والدعاوة ووسائل الإعلام فيه.

         وقد برهن الواقع الاخير لغارة الكوماندوس الإسرائيلي على بيروت ، ان السلطة لم تأمر الجيش اللبناني بالرد على الانزال الإسرائيلي ، مع العلم ان لدى جيوش العالم باسرها - ومن ضمنها الجيش اللبناني - خطة تتضمن اوراق مهمة دائمة فى الرد الفوري على كل اعتداء يجري على الارض اللبنانية consigne de defense permanente دون العودة إلى القيادة السياسية، والاكتفاء باعلامها بالرد فيما بعد وطلب الاوامر اللاحقة من القيادة السياسية، لان واجب الدفاع عن النفس وضرورات الدفاع الملحة تقضي بسرعة التحرك وبالرد البديهي. وكذلك لم يأمر رئيس الحكومة وزير الداخلية قوى الامن، الموجودة على مسافة خمسين متراً من مكان الاغتيالات التى تمت، بالتوجه إلى مكان الحادث ، وثكنة سيار الدرك تتضمن بضع مئات من الضباط والانفار وعشرات المصفحات كان باستطاعة ماية نفر وضابط منهم، لو تحركوا مع ثلاث مصفحات ان يقضوا على تسلل الإسرائيليين إلى قلب العاصمة وإلى ضواحيها، وان يطوقوهم ويأسروهم ويقضوا على مخططهم الإجرامي في المنطقة المذكورة.

         رابعاً - ان تذرع السلطة في عدم الرد على الغارة الإسرائيلية الصغيرة والمحدودة التي وقعت على بيروت وبعض ضواحيها، هو انه مهما ضؤل العدوان الإسرائيلي وانحصرت مهمته او صغر حجمه، فإن السلطة اللبنانية تخشى ردود الفعل الإسرائيلية في الثار لنجاح الجيش في كبح عدوانها. وهذا منطق تخاذلي عجيب غريب يؤكد مستوي الجبن والذل الذي وصلت إليه السلطة اللبنانية الحاكمة وتخاذلها عن القيام بواجبها البديهي في الدفاع عن كل مواطن وعن كل شبر من كيان لبنان وارضه واهله . كما ان هذا المنطق الحكومي العجيب يجعل كل مواطن وكل قاطن في لنيان معرضاً إلى الخطف والقتل والاعتقال الموقت وتدمير الممتلكات ، مهما كان حجم الغارة الإسرئيلية او قوة عصابة التنفيذ من الصغر ، ولو كانت لا تزيد عن خمسة انفار ، وهذا المنطق


(1) تلا السيد جنبلاط هذا البيان في مؤتمر صحافي عقده باسم الاحزاب الوطنية والتقدمي في لبنان .

<1>