إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



بيان الجبهة العربية المشاركة في الثورة الفلسطينية حول الغارة الإسرائيلية على بيروت
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1973، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 9، ط 1، ص 120-122 "

بيان الجبهة العربية المشاركة في الثورة الفلسطينية حول الإغارة الإسرائيلية الأخيرة على بيروت وسياسة النظام اللبناني.(1)
بيروت، 16/4/1973 (المحرر، بيروت، 17/4/1973)

     عقدت الامانة العامة للجبهة العربية المشاركة في الثورة الفلسطينية اجتماعاً استثنائياً نهار السبت الواقع في 14 نيسان [ ابريل ] 1973 ، ناقشت فيه تقريرين قدمهما ممثلا منظمة التحرير الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية حول العدوان الإسرائيلي الاخير على العاصمة اللبنانية : مقدماته ووقائعة ونتائجه ومضاعفاته. ومن خلال النقاش تأكدت للامانة العامة للجبهة المشاركة في الثورة الفلسطينية الحقائق الرئيسية التالية :
     أولا - ان الغارة الإسرائيلية الاخيرة على بيروت تشكل تصعيد خطيرا للحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل ضد الثورة الفلسطينية بصفتها حلقة الصمود الرئيسية في وجه المخطط الصهيوني الهادف تركيع المنطقة العربية وفرض الاستسلام على شعوبها . فبعد ان نفذ الحكم الاردني بالنيابة عن إسرائيل وبتخطيط من الولايات المتحدة الاميركية، مهمتة في ذبح خيرة مقاتلي المقاومة وحجر الشعب الفلسطيني ضمن سجن كبير، بدأت إسرائيل تتوجه نحو اكمال المهمة بنفسها من خلال تسديد ضربات مباشرة لقوي الثورة الفلسطينية في أماكن تواجدها الرئيسية على امتداد المناطق العربية المحيطة بالارض المحتلة. وكان الهدف من ذلك، وما يزال، مزدوجا: تصفية المزيد من مقاتلي الشعب الفلسطيني وإستنزاف قواه ومحاولة ارهابية من ناحية، ثم اجبار الانظمة العربية - من ناحية ثانية - على ممارسة سياسة تضييق متصاعدة ضد نشاط حركة المقاومة يراد لها أن تنتهي بنزع سلاح الشعب الفلسطيني وتصفية حقه في القتال من أجل تحرير كامل ترابه الوطني .

     وقد كان نصيب الساحة اللبنانية من هذا المخطط سلسة عمليات متصاعدة شهدها العام الماضي بشكل خاص، اضطرت معها الثورة الفلسطينية الى الدخول في مواجهات عنيقة مع القوات الغازية ضمن ظروف في غاية الصعوبة. وكانت غارة الكوماندوس الإسرائيلي الاخيرة على بيروت والتى استشهد خلالها القادة الثلاثة أبو يوسف وكمال ناصر وكمال عدوان وعدد من رفاقهم الابطال، حلقة جديدة في سلسة المواجهات المذكورة أتت تكشف مدى ضراة الحرب التي تخوضها دفاعاَ عن وجودها ومن اجل حماية مواقع صمودها المستمر.

     ثانياً - الولايات المتحدة الاميريكية التي وقفت دائما وراء كل مخطط لتصفية المقاومة، اسرائيلياً كان أم رجعياً، قد انتقلت هي أيضاً خلال الغارة الإسرائيلية الأخيرة على بيروت من موقف الدعم للقوى التي تتولى ضرب المقاومة إلى موقف المشاركة المباشرة تخطيطاً وتنفيذاً في حملة التصفية المتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني وطلائعه المسلحة . وقد كانت وقائع هذه المشاركة أوضح من أن تخفى إذ فضحتها بيانات حركة المقاومة الفلسطينية والاحزاب والقوى الوطنية والتقدمية اللبنانية حين قدمت الادلة القاطعة على دور جهاز المخابرات المركزية في لبنان في التمهيد للغارة الاسرائيلية وتوفير الامكانات اللازمة لنجاحها والمساعدة فى تغطيتها. وهو دور توجته واشنطن بشن حرب اعلامية عنيفة ضد المقاومة بعد العملية مباشرة وصلت إلى حد مطالبة الدول العربية باغلاق الاذاعات الفلسطينية واسكات كل صوت يرتفع ضد سياسة الولايات المتحدة ومواقفها ومصالحها في المنطقة. ان انتقال اميركا إلى موقع المشاركة المباشرة في الغارات الإسرائيلية ضد المقاومة الفلسطينية يأتي منسجماً تماماً مع تصاعد ضغوطها على الانظمة العربية من اجل فرض الاستسلام الكامل للشروط الاسرائيلية واستعادة المواقع الرئيسية التي خسرها الاستعمار في العالم العربي خلال مرحلة النهوض الوطني والمد الجماهيري الذي رافقه .

     ثالثاً - ان الوقائع التي رافقت الغارة الاخيرة أتت تكشف استمرار السلطة اللبنانية في اعتماد سياسة الامتناع امتناعاً مطلقاً عن أي رد على الاعتداءات الإسرائيلية أياً كان حجمها ومهما بلغ توغلها داخل الأراضي اللبنانية . وهي سياسية جعلت إسرائيل قادرة على توجيه ضرباتها ساعة تشاء وفي المكان الذي تريد : من الاجتياح المتكرر لمنطقة الجنوب الذي أصبح أمراً عادياً ويومياً، إلى دخول القرى وتدمير المنازل وقتل المواطنين بحجة مطاردة الفدائيين ، إلى إقامة الحواجز داخل الارض اللبنانية وتفتيش المارة والتدقيق في الهويات ، إلى شق الطرقات وإقامة مراكز ثابتة للمراقبة والحراسة، إلى تنفيذ عمليات الاغتيال الفردي، إلى قصف المخيمات بالطيران، إلى تنظيم حملات الانزال ليس فقط


(1) تلا السيد جنبلاط ، الامين العام للجبهة ، هذا البيان في مؤتمر صحافي عقد لهذا الغرض

<1>