إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



رسالة الرئيس سليمان فرنجية رئيس لبنان، إلى ليونيد بريجنيف، حول الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان
المصدر: الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 10، ط 1، ص 235 - 236"

رسالة الرئيس سليمان فرنجية رئيس الجمهورية اللبنانية،
الى السيد ليونيد بريجنيف الامين العام للجنة المركزية
للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي، حول الاعتداءات
الاسرائيلية علي لبنان.

بيت الدين *،28/6/1974

 

(المحرر، بيروت، 13/7/1974)

         سيادة الامين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي، السيد ليونيد بريجنيف - موسكو.
         في الوقت الذي تجتمعون فيه وفخامة الرئيس ريتشارد نيكسون، رئيس الولايات المتحدة الاميركية، لمعالجة قضايا عالمية بالغة الأهمية، ارى من واجبي ان ألفتكم إلى مأساة نعيشها ومن شأنها ان تهدد السلام على ارضنا، وان تنعكس على المساعي التي قمتم بها في سبيل سلم مبني على العدل.

         لقد شكلت منطقة الشرق الاوسط، طيلة سنوات، نقطة من النقاط الحارة الاساسية التي تهدد السلم العالمي. وبعد الجهود التي بذلت، ولا سيما من قبل الدولتين الكبريين وما سجلته من نتائج ايجابية من اجل فصل القوات على جبهتي سيناء والجولان، لا تزال تبرز دواعي تخوف على السلام، منشأها تصعيد اسرائيل سياستها العدوانية ضد لبنان، كأن تلك الجهود انما أتاحت لها الفرصة لاستفراد لبنان والشعب الفلسطيني المقيم على ارضه.

         ان ما يجري اليوم في لبنان لا بد ان ينعكس على هذه المنطقة بكاملها. وربما كان من طبيعة هذا البلد، ومن القواعد الثابتة في تاريخه، ان تتأثر المنطقة بما يجري فيه، ولا حاجة الى التأكيد على ما بين جميع قضايا هذه البقعة من العالم من وثيق الترابط.

         لقد ظلت اسرائيل تدعي، مدة من الزمن، انها تضرب لبنان لتحمله على ممارسة ضغط فعال على الفدائيين الفلسطينيين. ثم ادعت انها تضرب لبنان لعدم امكانه ممارسة الضغط المطلوب منه. واليوم، نراها تتهم لبنان بتشجيع الاعمال التي قامت بها جماعة من الفدائيين في قلب اسرائيل، وكلما حصلت عملية، سارعت اسرائيل الى اعلان مسؤولية لبنان عنها.

         ان سياسة لبنان السلمية واقع دولي مشهود به. ويوم استقبل لبنان المشردين من ابناء فلسطين الذين لجأوا اليه بفعل العدوان الصهيوني، كان يقوم بواجب تفرضه الاعتبارات الانسانية والاخوية، لكنه، في الوقت نفسه، كان يساعد الامم المتحدة، كدولة تنتمي الى هيئة الامم، ورغم ضيق رقعتنا الجغرافية وامكاناتنا الاقتصادية على تأدية ما تعتبره هذه البيئة واجباً مترتباً عليها.

         ان تذرع اسرائيل بما يقوم به اشخاص فلسطينيون لتبرير اعمالها الوحشية، هو تذرع مردود. وكيف تجوز المقارنة بين ما يقوم به شبان يقاسون ظلم اسرائيل وتشريدها لهم وتنكيلها المستمر بهم واغتصابها لحقوقهم، وبين ما تقدم عليه دولة، بقواها النظامية، فتنتهك حرمة القانون بتعديها على سيادة الدول وتخرق جميع القواعد الاخلاقية والانسانية بقتل المئات من الاطفال والنساء والشيوخ والمرضى، مما يذكر بفظائع النازية التي ستظل لطخة في تاريخ البشرية.

         ان اسرائيل لا تكتفي بتشريد الشعب الفلسطيني، وباستمرار محاولاتها لطمس شخصيته ومحو معالمها من الناحية القانونية، بل تكيل الضربات العنيفة، وتعتمد الاساليب البربرية لتدمير هذا الشعب تدميراً فعلياً، مستغلة كل ابطاء، من قبل الدول، في الاعتراف بحقوق الفلسطينيين الوطنية كاملة.

         ان لبنان ليس بمسؤول عن جريمة تشريد الشعب الفلسطيني ومنعه من ممارسة حقه المشروع والمعترف به بالعودة الى بلاده. وكذلك ليس لبنان بمسؤول عن أعمال المقاومة الفلسطينية، فالمقاومة ملازمة لكل احتلال غاشم واغتصاب حقوق، وتاريخ المقاومات يشهد بان العنف لا يزيدها إلا قوة واتساعاً.

         ان منطق القوة والاستهتار بالاعراف والقوانين الدولية والتنكر للقواعد والقيم الاخلاقية، لا يمكن ان يكون اساساً للاستقرار وللسلام العادل اللذين ينشدهما كل حريص على السلام في هذه المنطقة، وفي العالم.

         ولبنان، من موقع الامانة لمبادئه ولرسالته السلمية، يتطلع، مع العالم، باهتمام كبير الى نتائج المباحثات التي تجرونها الآن في موسكو، والتي اعتقد ان من ضمنها سياسة اسرائيل المتصاعدة في عدوانها، وما تحمله من موت ودمار ومن اخطار تصيب أمن لبنان وسيادته وتهدد السلام في سائر المنطقة.


* المقر الصيفي لرئاسة الجمهورية اللبنانية.

<1>