إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



الملحق الرقم (3)

مناصحة الملك عبدالعزيز لفيصل الدّويش(*)

          من عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل، إلى جناب الأخ المكرم الأفخم، فيصل الدّويش ـ سلمه الله تعالى ـ آمين. بعد مزيد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام، خطك وصل، وما عرفت، كان معلوماً، خصوصاً امتثالكم لأمر الله، أنتم والشيخ. هذا أمر من عنوان سعادتكم، ولا، والله، نرى فيه حقاً غير ذلك، وليس هناك من أحد، يدعي أنه مطيع الله، إلاّ الذي تظهر عليه إشارات الحق والخير، بتقديم العلم وأهله. وأنت، يا أخي، لا تهتم لأحد في هذا الأمر. الأول: يكون عندك معلوماً، أن صاحب الحق منصور ـ إن شاء الله ـ وما قمت به تريد به النجاة عند ربك، وامتثال أمر علماء المسلمين. الثاني: اذكر وصاياي لك دائماً، كلمّا قابلتك. واعرف أن من أحبك في دين الله، تراه ما ينصحك إلاّ بقوله قدّم الشريعة، واسأل أهل العلم وعاضدْهم، وانصحْ أهل الجهل وادقمهم (أي: اردعهم وعاقبهم). وترى هؤلاء الناس، الذين يقومون تبع كل ناعق، ترى فيهم أمرَين، الأول: حروة (أي: توقُّع) أن الله يسلط بعضهم على بعض، في حياتهم، لأن هذي من عادة الله، يكفي المسلمين الشر، ويرده على أهله. والثاني: حجة يوم القيامة على من ساعدهم، ويتبرأ بعضهم من بعض. ولا يقطع عقلك، يا فيصل، يا أخي، أن على الإسلام وأهله، أضر من أهل الجهل والبدع، إذا صاروا في قلب المجتمع. أما من قبلي أنا، فصحيح أنك أخي، وتعرف مقامك عندي. ولكن ذلك يحتمل ديناً ودنيا. لكن إذا أردت أن تعرف قلبي وقالبي، وما أنا عليه، وما أنا فاعله، فمثل ما عرفتك، سابقاً ولاحقاً، فأنا خادم لأهل العلم، والله بحوله وقوّته ـ إن شاء الله ـ لأُمضي ما قالوا، وأحب من أحبوا، وأبغض من أبغضوا، وأمضي أمرهم على نفسي وعيالي ومن أحب. وأنت ـ إن شاء الله ـ اغدُ (أي: صِرْ) مثل ما قال راعي المثل، إذا كان الذي بيني وبين الله عامراً، فعسى الذي بيني وبين العالمين خراب. أيضاً يكون عندك معلوم، إذا كان الله معك، فمن تخاف؟ فإذا كان عليك، فمن ترجو، أيضاً؟ اعرف وصية أهل الخير بعضهم لبعض، والاقتداء بقول الرسول ـ ـ من اتخذ رضى الله بسخط الناس، رضي الله عليه، وأرضى عليه الناس. ومن اتخذ رضى الناس بسخط الله، سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس. اتق وجهه، يكفك الوجوه. فأما من جهة ما ذكرت، فنحن جاعلوه على ال بال. نصايح المشايخ واصلتكم، وخطنا واصلكم، وأهل الهُجَر عرّفناهم. ومن طرف الربع (القوم)، الذين ظهروا من كم، ما جاءونا. لكن يذكر لنا ابن أخي ابن نهير، أنهم في مبايض يدورون (أي: يبحثون) لهم بيوتاً. وأنا عرفت أهل مبايض من رأسي، وكتبت لهم خط، أنهم ما يستلفونهم (أي: يستقبلونهم)، لا هم، ولا غيرهم. ومن قبل العزيز، فحنا مخلينه في بريدة مريضاً، وقايل يبي (أي يريد) يجي (أي: يأتي) لنا. ولكن تعرف ما يخلي (أي: يترك) طبعه. أما من قبل الربع، الذين هم عندنا، فكثروا الهرج على الناس، ويقولون ما قيل، كذباً علينا. ونحن نشهد الله على حب ولاية المسلمين وعلمائهم، وجواب من هذا كثير، أتلى (أي: آخِر) ما جوني وقالوا: حنّا (أي: نحن) مير نبي (أي: نريد) المشايخ يقومون علينا الحجة، إن مكذوب علينا. ونبيهم (أي: نريدهم) يرضون علينا. وجمعت المشايخ لأجل أتحرّى (أي: استقصي) الذي بخواطرهم. ولما جمعتهم وقلت هؤلاء هذا جوابهم، لعلكم تتكلمون معهم، لأنك تعرف طبعي. ولما ذكرت ذلك للمشايخ، تأثروا وقالوا لا يأتونا، ولا يكلمونا، نحن، من فضل الله، ما عندنا رأي يخالف رأي المشايخ الذين عندهم، فمن رضوا عنه رضينا عنه، ومن غضبوا عليه غضبنا عليه. هذي مقالة المشايخ. هذا ما لزم تعريفه، بلِّغ السلام الشيخ والعيال، ومنا سيدي الوالد، والإخوان، والعيال يسلّمون، ودمتم محروسين.

16/ شوال/ 1339هـ = (1921)

ــــــــــــــــــــــــ


(*) عبدالعزيز بن عبد المحسن التويجري، "لسراة الليل هتف الصباح"، ص 401 ـ 404.