إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



الملحق الرقم (15)

كلمة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود
في الحفلة، التي أقامتها الملكة إليزابيث الثانية
لندن، 9/5/1967(1)


بسم الله الرحمن الرحيم

صاحبة الجلالة
         اسمحوا لي أن أتقدم إلى جلالتكم بعظيم الشكر والامتنان، لما تفضلتم به من عبارات كريمة، لا تصدر إلاّ عن خلق كريم. إن هذه الفرصة السعيدة، تعيد إلي ذكرى المرات العديدة، التي ساعدني الحظ فيها بزيارة بلدكم العظيم. لقد كان لي الحظ، أن تعرفت إلى جدك العظيم. وكذلك إلى والدك الراحل العظيم. وها أنا ذا، الآن، أتعرف على جلالتك، والسرور يملأ نفسي، اغتباطاً بهذه المناسبة السعيدة. إن العلاقات الوطيدة بين بلدينا وشعبينا، والتي أسسها جلالة المرحوم الملك عبدالعزيز، هي من أهم الروابط، التي تربط بيننا.

         لقد مضى على هذه العلاقات، ما يزيد قليلاً عن نصف قرن. وكانت هذه العلاقات، على مر السنين، تزداد نمواً واضطراداً. ولو أنه، لسوء الحظ، في بعض الأحيان، يشوب هذه العلاقات شيء من الفتور أو اضطراب؛ ولكن هذه الخلافات، مهما كانت، لم تؤثر على الأساس المتين من العلاقات، التي تربط بين البلدين والشعبين. وإنه من المشهور عن بلدينا وشعبينا، إيمانهم بالله، وتمسكهم بهذا الإيمان؛ وأن العلاقات، التي تبنى على الإيمان والعقيدة الراسخة، هي أمتن العلاقات، التي يمكن أن تدوم. وإنه لمن دواعي سرورنا، أن نرى بريطانيا، في عهدها الحاضر، تتجه الاتجاه الصحيح، في محاولة إعطاء الشعوب حريتها واستقلالها، ومساعدتها على الاحتفاظ بهذه الحرية والاستقلال. وإن هذا الأساس المتين، الذي يربط بين بريطانيا وبين الشعوب العربية، لهو حري بأن يزداد قوة ومتانة، في سبيل خير الجانبين، وخير البشرية؛ وحينما أقول البلاد العربية، لا أخص بها المملكة العربية السعودية، لوحدها، ولكنني أقصد كل الشعوب العربية؛ وهذا، طبعاً، لمن يريد أن يسير في الطريق الصحيح.

         إننا، في عصر اليوم، نتعرض إلى تيارات، وإلى هزّات، تتجاذب العالم، لمصالح ولاتجاهات مختلفة؛ ولكن، علينا، في هذه الأحوال، أن نتحصن بحسن النية، وبالقوة، وبالصبر، لمواجهة هذه الأخطار. وإنني لعلى يقين، أن جلالتكم، وحكومتكم، وشعبكم، لا تريدون إلا الخير والحرية للجميع. ولهذا السبب، وفي هذا الاتجاه، فنحن نرحب كل الترحيب بالتعاون المثمر بين بلدينا، فيما فيه خير الطرفين، وفيما تعود فائدته للبشرية. إنه كان من دواعي سرورنا العظيم، حين التقينا بسمو قرينك الكريم، في بلادنا. ولا بدّ أن سموه، قد روى لجلالتك ما قوبل به، من فرحة شاملة، من قبل الجماهير السعودية. وهذا، طبعاً، ينبع عن ما يكنه الشعب السعودي، إلى هذا الشعب العظيم، من روابط الصداقة والعلاقات الطيبة، التي تربط بين شعبينا وبلدينا.

         وإننا، كذلك، نقدم الشكر لجميع رجال بريطانيا، سواء رسميين أو غير رسميين، الذين يساهمون، الآن، في معاونتنا، في بلدنا، من النواحي الفنية، والخبراء، على النهوض ببلادنا وشعبنا. وإنني لا تفوتني الفرصة، بأن أتقدم إلى جلالتك، وإلى حكومتك، وإلى الشعب البريطاني العظيم، على حسن الاستقبال، الذي لقيناه، منذ وطأنا بلدكم العظيم، في هذا اليوم. وإنني، في ختام كلمتي، لأدعو الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يوفقنا جميعاً إلى التمسك بالعقيدة الصالحة المؤمنة؛ وأن ندعوه ـ تعالى ـ أن يوفقنا جميعاً، بل البشرية أجمع، إلى السعي لما فيه خير العالم، وخير حاضرنا ومستقبلنا. إن كلمة أو عقيدة الإيمان بالله، التي تجمع بيننا، سوف تصل بنا إلى الغاية المنشودة ـ إن شاء الله. وأكرر شكري لجلالتك، وللجميع، على كل ما رأيناه، ولمسناه.


 


(1) جريدة أم القرى، العدد الرقم 2170، الصادر في 3 صفر 1387هـ، الموافق 12 مايو 1967م، ص1.