إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



كلمة الفيصل في حفل العشاء الذي أقامه على شرف
الرئيس اللبناني شارل الحلو أثناء زيارته للمملكة
(1)

          بسم الله الرحمن الرحيم

          يا صاحب الفخامة، أيها الإخوة، اسمحوا لي في هذه المناسبة السعيدة أن أتقدم إلى فخامتكم وإلى رفاقكم بأطيب الأماني والترحيب بقدومكم المبارك إلى بلدكم وأهليكم وذويكم.

          فخامة الرئيس، إنني حينما أنوب عن شعب هذه المملكة بالترحيب بكم في بلدكم وبين إخوتكم؛ فإنما أعبر عن مشاعر الملايين من سكان هذه البلاد الذين تربطهم بلبنان الشقيق روابط الأخوة والدم والكفاح. إن هذه الروابط يا فخامة الرئيس التي تربط بين البلدين والشعبين ليست ابنة اليوم أو من أحداث الساعة، وإنما لها جذورها القديمة في أيام كانت الشعوب، وبالأخص الشعوب العربية، ترزح تحت نير الاستعمار، وكانت الأمة العربية تتطلع إلى اليوم الذي ترى فيه نفسها حرة مستقلة تحكم نفسها بنفسها، وتسير أمورها حسب إرادتها ومصلحتها. لقد استمر هذا الكفاح سنين، وقد بلغت الأمة العربية ـ ولله الحمد ـ أمنيتها في استقلالها نتيجة لكفاح أبنائها ومثابرتهم على هذا الكفاح، حتى نالوا ما نالوه من حرية واستقلال. وإن التعاون بين أبناء هذه الأمة لا أقول عن أسلافنا لأن فخامتكم وأنا أدركنا بعضاً من هذا الكفاح الذي ارتبطت فيه أماني الشعوب وآمالها، وكان للمرحوم الملك عبدالعزيز، رحمه الله، اليد الطولى في توجيه هذه البلاد للوجهة الصحيحة التي رأى من واجبها أن تقوم به في مساعدة إخوانها، لينالوا حريتهم واستقلالهم في جميع الأقطار العربية، وكذلك في جميع الأقطار التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار والحكم الأجنبي. فإذا كنا يا فخامة الرئيس؛ في تلك الأيام والسنوات رأينا أنفسنا في حاجة إلى أن نتكاتف ونتعاون ويشد بعضنا أزر بعض، فإننا في هذه اللحظات نجد أنفسنا أكثر حاجة وإلحاحاً في أن نقوي من أواصر هذا التآخي وهذا التآزر تجاه ما تتعرض له اليوم أمتنا وبلادنا ومقدساتنا من عدوان آثم غادر، لا يرعى حرمة المقدسات، ولا يراعي قوانين أو أعرافاً دولية أو إنسانية أو أخلاقية، وإنما يسوقه إلى ذلك الغدر والخديعة والمطامع السيئة ليبسط نفوذه، ليس فقط على هذه المنطقة من العالم، وإنما يحاول أن يكون نفوذه شاملاً لجميع أقطار العالم، وهذا ما نراه اليوم أمام أعيننا فيما يظهر في المحافل الدولية وفي البلدان الأجنبية، شرقية كانت أم غربية، إننا نرى النفوذ الصهيوني يتغلغل في كل الإدارات وفي كل المرافق وفي كل الجهات السياسية وغير السياسية، والغرض من هذا هو الحلم الصهيوني القديم الذي أقرّه حكماء صهيون عندما اجتمعوا قبل سبعين سنة ووضعوا لهم مقررات أطلق عليها


1. أم القرى العدد 2197 في يوم 15 شعبان 1387 الموافق 17 نوفمبر 1967

<1>