إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



          أما إذا، لا سمح الله، ركبنا رؤوسنا وتجاهلنا كل شيء وادعينا أننا لم نخطئ ولم نقصر، وسرنا في طريق غير معروف مجهول النتيجة، فإنني أخشى أن يكون مستقبلنا أسوأ من ماضينا.

          فالواجب علينا اليوم أن نعيد النظر في أنفسنا أفراداً، وجماعات، وشعوباً، وحكومات، وقادة ونحاسب أنفسنا لنتعظ ولنعتبر بما مر علينا، ولنكرس كل جهودنا في بناء أنفسنا وفي محاولة رد كرامتنا، وتحرير أوطاننا من المغتصبين اللئام الذين انتهزوا هذه الفرصة من فرقتنا، وتناحرنا، وتباين اتجاهاتنا، وسبلنا، فأوقعوا بنا ما أوقعوه من عدوان غاشم ظالم ليس لهم أي حجة في هذا العدوان إلا رغبة التسلط وإظهار الجبروت والتنكر عن كل مبادئ العدل، والحق، والإنسانية، حتى في معاملتهم لأبناء الوطن، الذي شاء لهم القدر، أن يكونوا تحت سلطتهم وسيطرتهم، فإنهم يعاملونهم أسوأ معاملة لم يسبق مثلها في التاريخ حتى في العصور المظلمة. وحتى لما كانت شريعة الغاب هي التي تحكم بين بني البشر. ولكننا لا نزال نأمل ونرجو أن الله، سبحانه وتعالى، يوفقنا وأن نحاسب أنفسنا ونصلح أخطاءنا ونعود إلى بعضنا البعض عودة مؤمنة مخلصة لا يشوبها شك، ولا غرض، ولا حسد، فربما أن الله، سبحانه وتعالى، إذ علم منا النية الخالصة والإيمان الصادق الراسخ، والعودة إليه، سبحانه وتعالى، أن يجعل لنا مخرجاً من هذه الطامة الكبرى، وأن ينصرنا على من يريد سوء بنا، وأن يوفقنا إلى أن نخلص أوطاننا من الغزاة الغاصبين الذين دنسوا مقدساتنا، ودنسوا أوطاننا، وهتكوا حرمات أبناء وطننا، وطننا العزيز فلسطين الجريحة.

          لمن نلجأ؟! وإلى من نمد حبال آمالنا وأمنياتنا؟! إذا لم نلجأ إلى ربنا الخالق، سبحانه وتعالى، المدبر القادر على كل شيء! هل نلجأ إلى الدول العظمى؟!!

          ماذا فعلت فينا الدول الكبرى؟

          هذه نتائج سياساتها ومقرراتها واتجاهاتها نحصدها اليوم. وماذا نريد منهم إذا كانوا يروننا لا نهتم إلى مصالحنا ولا نتعاون فيما بيننا، ولا نخلص لبعضنا البعض، فماذا يا ترى هم يؤملون فينا، أو يحترمون كرامتنا، أو استقلالنا وحريتنا. وفي هذا المعنى يقول الشاعر القديم

إذا كان هذا فعل امرئ بنفسه

فمن ذا له من بعد ذاك يُكرم

          فإذا لم نحافظ على كرامتنا، وتعاوننا، وأخوتنا، ونثبت وجودنا بالعمل لا بالخطب والتصريحات والتهديدات. فمن ذا الذي يلتفت إلينا أو يهتم لأمرنا؟! ما حك جلدك غير ظفرك.

<2>