إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



مصالح المواطنين، وتذود عن حقوقهم، وتقوم بالتعاون مع المحاكم المختلفة للدولة، مقام الحارس الأمين الذي يدافع عن المظلومين، ويضرب على أيدي الظالمين.

          رابعاً: ولما كانت نصوص الكتاب والسنة محددة ومتناهية، فيما وقائع الأزمنة وما يستجد للناس في شؤون دنياهم أمور متطورة غير متناهية، ونظراً لأن دولتنا الفتية تُقيم حكمها - والحمد الله - على أساس الكتاب والسنة، نصاً وروحاً، فقد أصبح لزاماً علينا أن نمنح الفتيا عناية أكبر، وأن يكون لفقهائنا وعلمائنا - حملة مشاعل الهدى - دور إيجابي فعال في بحث ما يستجد من مشاكل الأمة، بغية الوصول إلى حلول مستمدة من شريعة الله، ومحققة لمصالح المسلمين، ولذلك كله فقد قررت حكومة حضرة صاحب الجلالة تأسيس مجلس للفتيا، يضم عشرين عضواً، من خيرة الفقهاء والعلماء، ليتولى النظر فيما تطلب الدولة منه النظر فيه، وما يوجهها إليه أفراد المسلمين من أسئلة واستشارات، وليكون أداة قوية لتنوير الأذهان، وتذليل العقبات التي تتعرض سبيل التقدم السليم.

          خامساً: إن حكومة صاحب الجلالة لتشعر شعوراً تاماً بواجبها للعمل بكل جد واهتمام لنشر دعوة الإسلام، وتثبيت دعائمه، والذود عنه، قولاً وعملاً، وقد عملت وستعمل على اتخاذ كل الوسائل لتحقيق أداء هذا الواجب الشريف.

          سادساً: ولما كانت الخصيصة الأولى لهذه الأمة الإسلامية المجيدة إنها خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ولحرص الإسلام على هذه الوظيفة السامية فقط بينت الشريعة فضلها، وفضل من يقوم بها، وألزمته بأن يدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن يبذل جهده ليعمر قلوب الناس بالحق والخير والمحبة، ولهذا فقد قررت حكومة صاحب الجلالة أن تقوم حالاً بإصلاح وضع هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بما يتمشى مع الأهداف السامية الرفيعة التي وضعت أساساً من أجلها، وبما يضمن اجتثاث بواعث المنكر من قلوب الناس، ما استطعنا لذلك سبيلاً.

          سابعاً: وتشعر حكومة صاحب الجلالة أن من أهم واجباتها النهوض بالمستوى الاجتماعي للأمة، وقد قامت الدولة بأدوار هامة وفعالة في هذا الحقل، فضمنت لشعبها العلاج والدواء بالمجان، في داخل المملكة وخارجها، وفعلت مثل ذلك بالتعليم، وجعلته مجاناً في جميع مراحله، بل ومنحت الكثير من الطلبة مكافآت مالية سخية، تعينهم على متطلبات العيش، وابتعثت على حسابها آلاف الطلبة في شتى حقول العلم والمعرفة ولجميع أنحاء المعمورة، وأعفت كثيراً من المواد الغذائية من الرسوم الجمركية، بل ومنحت إعانات ضخمة لتخفيف أسعارها للمستهلكين، وجاء أخيراً نظام الضمان الاجتماعي، ليجعل الدولة مسؤولة مسؤولية كاملة عن معيشة كل شيخ وعاجز ويتيم وامرأة ممن لا مورد أو عائل لهم شرعاً، ولن يمضي وقت طويل حتى يصل إلى كل محتاج ما يكفيه ويضمن له العيش الكريم.

          وعندما تقدم الدولة لطائفة العمال فيها نظاماً يحميهم من البطالة؛ نكون بذلك قد وصلنا إلى المستوى الاجتماعي الذي لا يزال حلماً يراود كثيراً من دول العالم المتحضر، وحققنا فعلياً أهداف العدالة الاجتماعية الحقة، دون أن تطغى الدولة على حريات الناس الفردية، أو تسلبهم أموالهم وحقوقهم.

          ولن تقتصر حكومة صاحب الجلالة على تيسير الكفاية لشعبها وتأمين فرص العمل له، بل إنها تسعى جادة إلى إجراء تعديلات هامة في شكل الحياة الاجتماعية، وإلى توفير الوسائل للتسلية لجميع المواطنين.

          ثامنا: وتؤمن حكومة صاحب الجلالة بأن التطور الاقتصادي التجاري والاجتماعي، الذي ساد مجتمعنا في السنوات الأخيرة، لا يزال في كثير من محمولاته يفتقد التنظيم، ولذلك فإن مجموعة كبيرة من الأنظمة الهامة ستأخذ طريقها تباعاً إلى الصدور، بحيث تصبح الدولة بعد فترة غير طويلة ولديها تراث تنظيمي شامل، يساعد على تقدم النشاط، وسرعة الحركة، واجتذاب رؤوس الأموال، وسوف تنشيء الدولة أجهزة مستقلة، تتولى تطبيق مختلف الأنظمة التي تصدرها، وسيكون كل ذلك متمشياً مع شريعة الله الخالدة، ومحققاً لمصالح الأمة العليا.

          تاسعاً: أما الانتعاش المالي، والتطور الاقتصادي، فهو شغل الحكومة الشاغل، وإلى جانب الاحتفاظ بالمركز المالي القوي الذي تمتاز به المملكة بين مختلف دول العالم، فقد اتخذت حكومة صاحب الجلالة، وسوف تتخذ، إجراءات هامة وحاسمة لوضع برامج إصلاحية ملموسة، ينتج عنها انتعاش دائم للحركة الاقتصادية، ولتكون هذه المملكة في مستوى عال من المعيشة لكل أفرادها، ومن أهم ما سيبرز إلى حيز الوجود قريباً، إن شاء الله، برنامج ضخم للطرق، يربط جميع أطراف المملكة ومدنها ببعضها البعض، وسنبذل عشرات الملايين من الريالات لدراسة مصادر المياه، وتوفيرها للزراعة، والشرب، وسوف تبني الحكومة السدود اللازمة لحفظ مياه الأمطار، وتوفير المراعي. وسوف تمد الصناعة الخفيفة والثقيلة، بعون فعال، يحميها ويجذب رؤوس الأموال إليها.

          وستكون المملكة السعودية بحول الله في القريب دولة صناعية، ولها اكتفاء زراعي ذاتي، تتعدد مصادر دخلها، وتتنوع، مما يسهل لها القيام بواجباتها نحو شعبها الكريم.

<2>