إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



الملحق الرقم (4)

البيان الثاني للأمير فيصل (*)

         اتبع الفيصل بيانه الأول، بعد مدة وجيزة، ببيانٍ ثانٍ، صدر في 28 شوال 1342 هـ/أول يونيه 1924م، قال فيه:

ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين

         منذ بضع سنين قام نفر من إخواننا يطالبون باستقلال العرب، وينادون بوجوب اتحاد أمراء العرب، فشكرنا سعيهم، وحمدنا عملهم، وسألنا الله أن يحسن قصدهم، ويرشدهم إلى خير العرب.

         عرضنا عليهم مساعدتنا على أن نضع حداً لمطامع الأجانب، ومداخلتهم في بلاد العرب، فأبوا إلا أن ينفردوا بهذا العمل الخطير، ويأخذوا على عاتقهم مسؤوليته، ويحوزوا هم وحدهم فخر تحرير بلاد العرب، فقلنا: أنجح الله استقلال العرب أياً كان المحرر والمنقذ!

         ولكن ما كاد السيف يوضع في غمده، حتى رأينا الاستقلال والتحرير وصاية وانتداباً، وحتى رأينا شباب العرب وأحرارهم يقادون إلى السجون، ويجلون عن بلادهم، ويمنعون من الإقامة في ديارهم. فهل الاستقلال أن يصبح العرب غرباء في بلادهم، ومرافق الحياة في يد غيرهم؟. ولولا أن الحجاز يجرح شعور المسلمين احتلاله لرأينا الانتداب قد ضرب عليه!

         ظننا أن القوم بعد هذه الكوارث يفيقون من نومهم، ويثوبون إلى رشدهم، فيعتصمون بحبل الله المتين، ويستعينون بإخوانهم لإنقاذ البلاد العربية وتحريرها من كل مغتصب. ولكن القوم مازالوا في طغيانهم يعمهون، ما حرك شعورهم احتلال بلاد العرب، وما آلم نفوسهم ما يعانيه إخوانهم العرب. ولكن استولى عليهم الهلع، وفقدوا الراحة حينما رأوا جارتهم نجداً قوية مستقلة لم تنفذ إليها مطامع المستعمرين، فقاموا يناوؤونها، ويكدرون صفو راحتها، فهل هذا هو التحرير؟ وهل تعدّ هذه الأعمال من وسائل الاستقلال؟

أيها الشعب الكريم

         إن نجداً قد حافظت على استقلالها في جاهليتها وإسلامها، ولم يدنس أرضها قدم أجنبي مغتصب، وستبقى محافظة على حقها، إن شاء الله، ما بقي في شعبها عرق ينبض.

         إن  نجداً تمد يدها لكل من يريد خير العرب، ويسعى لاستقلال العرب، وتساعد كل من ينهض لتحرير العرب واتحاد العرب.

         إن  نجداً ترحب بكل عربي أبي، وتعد أرضها وطناً لكل عربي، سوري أو عراقي أو حجازي أو مصري.

         إن  نجداً لا تطمع في امتلاك أرض خارجة عن حدودها الطبيعية، ولكنها لا تقبل إلا أن تستقل بلاد العرب كلها استقلالاً صحيحاً لا يكون لغير أبنائها سلطان عليها.

الخلافة

         ليست الخلافة من الوظائف الروحية التي يقصد بها مجرد التبرك، ولكنها وظيفة سامية، لجميع المسلمين حق النظر فيها، فليس لجماعة، أو شعب حق البت فيها، من دون أخذ رأي باقي الشعوب الأخرى، ولذلك أنكرنا على الحسين عجلته، واستبداده بأمور المسلمين.

         إن أهل نجد يوافقون إخوانهم أهل مصر والهند في وجوب عرض هذه المسألة على مؤتمر يمثل الشعوب الإسلامية تمثيلاً صحيحاً. وهناك يسند هذا المنصب إلى الكفء الذي يستطيع أن يصون حقوق المسلمين، ويبعث فيهم روح الحياة والنشاط، ويربطهم برباط الأخوة الذي كاد ينحل.

         وهنا لا يسعني إلا أن أشكر إخواننا مسلمي الهند الداعين إلى الجهاد لاستقلال جزيرة العرب وحفظ الخلافة من عبث العابثين.

         ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة.
         الرياض 28 شوال سنة 1342هـ
         فيصل بن عبدالعزيز آل سعود



1. د. منير العجلاني: تاريخ مملكة في سيرة زعيم