إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



الفيصل يلقي خطاباً هاماً في الحفل الذي أقامه سموه بمكة المكرمة لحجاج بيت الله الحرام(1)

إخواني حجاج بيت الله الحرام:

          أحييكم تحية الإسلام، وأهنئكم بسلامة الوصول إلى رحاب هذا البيت العتيق، وأرحب بكم أجمل الترحيب، داعياً المولى العظيم أن يكتب لنا وإياكم حجاً مبروراً، وسعياً مشكوراً.

أيها الإخوان:

          فرض الله سبحانه وتعالى حج بيته العظيم على عباده المسلمين لحكمة أرادها جل وعلا؛ ليتعارفوا، وليتآخوا، وليتفاهموا، وليتعاونوا على ما فيه رضى ربهم عليهم.

          في مثل هذه المناسبات أيها الإخوة الكرام يجب على الإنسان أن يتجرد عن كل مادة، وأن يتجه بكل جوارحه إلى ربه الكريم، وأن يرتفع بنفسه وتفكيره عن كل ما يخل بعقيدته، وعلاقاته بربه الجليل. لهذا نجد أن ما جاء به محمد، صلوات الله وسلامه عليه، يدعو إلى أفضل وأحسن ما يمكن أن يفكر فيه لصالح البشرية، ولصالح بني الإنسان في حياتهم وفي معاشهم.

أيها الإخوان:

          لقد طرأ على المسلمين ما جعلهم في مؤخرة الأمم، وما جعلهم نهباً بين أيدي الطامعين، وما جعلهم مستعبدين مستذلين، لا لشيء إلا أنهم حرفوا فيما أراده الله لهم من إيمان بالله، وتوحيده، وعبادته حق العبادة، فأراد سبحانه وتعالى أن ينبههم، وأن يعيدهم إلى ما فيه عزهم وقوتهم وسُؤددهم.

إخواني:

          لقد ورد في الأثر "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ" ونحن نرى اليوم أن الإسلام غريب في أهله قبل أن يكون غريباً في دياره، ويجب علينا أن نواجه الحقائق، وأن نعترف بماضينا، وأن لا نغالط أنفسنا؛ لأننا مسلمون حقاً، ولو كان في هذا القول ما يشوبه، يجب أن نفكر في أنفسنا، وأن نعيد النظر في سلوكنا، ويجب أن نصلح أخطاءنا، ونعود إلى ربنا سبحانه وتعالى، لينصرنا، وليحمينا، وليجعلنا كما كان أسلافنا الأولون خير أمة أخرجت للناس.

أيها الإخوان:

          كثير من المسلمين اليوم؛ وأقولها والمرارة تخنقني، مسلمون بالاسم، مسلمون بالوراثة، وأرجو من إخواني أن لا يتلقوا قولي هذا على غير حقيقته، وإنما قصدت بذلك أن نواجه الحقيقة، وأن نعترف بما نحن فيه اليوم، ولا أخص أمة دون أمة، ولا فردا دون فرد. إذا كنا نريد أن نكون مسلمين حقًا يجب أن نتبع كتاب الله، وسنة رسوله، صلوات الله وسلامه عليه، ولحسن الحظ إن كتاب الله بين أيدينا.

أيها الإخوان:

          إذا كنا نريد أن نكون مسلمين حقاً فيجب أن نتبع كتاب الله، وسنة رسوله، صلوات الله وسلامه عليه، ونحق الحق، إن كتاب الله بين أيدينا، ولم يحرف ولم يبدل، وإن سنة رسوله بين أيدينا، ولم يدخلها تغيير ولا تبديل، فإذا كنا نريد أن نكون مسلمين حقاً فيجب أن نعود


1. أم القرى العدد 2018 في 19 ذي الحجة 1383 الموافق 1 مايو 1964

<1>