إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



إليهما، ونحكمهما في أمرنا، ونخضع لهذا الحكم بطواعية، وبنفوس طيبة؛ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (النساء:65).

          أيها الإخوان:

          إن دين الإسلام دين المحبة، ودين الأخوة، ودين الوفاء، ودين العزة، ودين الكرامة، دين العدالة، ودين المساواة، ودين السماحة، ولا أظن فيه أي مكرمة تخطر على قلب بشر لم يحتويها دين الإسلام، الذي أنزل على، محمد صلوات الله وسلامه عليه، فماذا نريد؟! هل نريد خلاف ذلك؟ إذا كنا نشكو من قصور فينا، أو ضعف، فهذا لا يمنع أن نؤمن بالله، وأن نخلص العبادة له، سبحانه وتعالى، وأن نعتمد عليه، ونسعى في نفس الوقت لتسهيل نواسكه، ولسد الثغرات التي تعترض مجرى حياتنا، ولأن الإسلام أكبر مشجع على ذلك، وأكبر داع له.

          هناك من يقول إن الدين الإسلامي أو تحكيم الشريعة الإسلامية فيه تعطيل، أو فيه بعض العجز، مما يتطلبه البشر للتقدم والرقي والتطور، كما تطلق عليه الألفاظ اليوم، فهل هذا صحيح أيها المسلمون؟

          حاشا لله، بل دين الإسلام هو دين التقدم، وهو دين التطور، وهو دين القوة، ودين العزة، وهو دين الكرامة، هذا إذا كنا نعتبر هذه الأشياء على حقيقتها، أما إذا كان المقصود من ذلك خلاف ما تعبر عنه هذه الألفاظ، أو إن هناك معان مستترة وراء هذه الحجب والستر التي نعلق بها هذه الألقاب، فدين الإسلام ينكرها. إن الإسلام يحارب الرذيلة، دين الإسلام يحارب الخيانة، دين الإسلام يحارب النقض بالعهود، دين الإسلام يحارب الظلم؛ ظلم وعدوان العبد لأخيه العبد؛ لأننا كلنا عباد الله. ليس فينا أحد أشرف من أحد، وليس فينا أحد أكرم من أحد إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (الحجرات:13) فإذا رجعنا إلى أنفسنا فلننظر ماذا نحكيه للناس، وماذا نعمل للناس، وماذا نعامل به الآخرين؟ فهل نحن نعاملهم بالمبادئ التي نص عليها كتاب الله وسنة رسوله؟! أما إذا كنا نريد أن نتسلط على الناس، وأن نستعبدهم، وأن نذلهم باسم أننا موكلون أو مفوضون، أو نتصرف فيهم كيف نشاء، فحاشا لله أن يكون ذلك من الإسلام.

          إن للولاية حقها، وللولاية احترامها، وأن للحاكم حقه واحترامه لو اتبع كتاب الله وسنة رسوله، أما إذا خالف ذلك فقد سقطت ولايته.. فهل عاملنا أيها المسلمون بعضنا البعض على هذا الأساس؟!

          أيها الإخوان: فكما تعرفون من كتب للحج، كل الحج للتعارف وللتآخي وللتعاضد. فهل طبقنا شيئًا من هذا؟!

          يأتي المسلم من أقاصي الأرض؛ ليلتقي بأخيه المسلم الآخر من أقاصي الأرض من ناحية أخرى، فهل تعارفنا على بعضنا البعض؟! وهل التقينا ببعضنا البعض؟! وهل عرفنا أحوال بعضنا البعض؟! وهل تساءلنا فيما بيننا ماذا حل بالإسلام اليوم؟! هذا هو أول واجب علينا، فلذلك فكلكم مدعوون، ومدعوون من كتاب الله وسنة رسوله لأن تتعارفوا، وأن تتحابوا، وأن تتساءلوا فيما بينكم عن أموركم وشئونكم، وعن أحوالكم في كل ما يتعلق بحياتكم ومعاشكم، ليس في بقاع الأرض بقعة أفضل من هذه البقعة.

          أيها الإخوة:

          ففي الإمكان استغلال هذه الفرصة في أن يتقدم منكم نخبة من المسلمين، ويجتمعوا كل عام؛ ليتدارسوا أمر المسلمين في شتى مشارق الأرض ومغاربها، ولينظروا ماذا يجب على المسلمين أن يفعلوه؛ سواء في علاقاتهم بين بعضهم البعض، أو في علاقاتهم مع غيرهم، وأنا لا أقول بأنه يجب على كل مسلم في بلده أن يثور، أو يحدث أي اضطراب، فدين الإسلام لم يدع إلى ذلك، وإنما دعا إلى الدعوة بالحكمة، والعمل بالحق، فاتقوا الله ما استطعتم.

          أيها الأخوان:

          لست في مجال لأعدد الآن ما عليه المسلمون الآن في أقطار الأرض، فكلنا نعلم حالة المسلمين، وكلنا نعلم ماذا وصلنا إليه من نقص، ومن قصور، ومن تراخ فيما أوجبه الله سبحانه وتعالى علينا، فعلينا أن نتدارك ذلك، وأن نسعى لتلافي هذا النقص، وأن نعمل جاهدين، ولكن، قبل هذا كله، يجب علينا أن نعرف أنفسنا قبل كل شيء، يجب على كل فرد أن يعلم ما هي علاقته بربه، سبحانه وتعالى، يجب على كل فرد أن يعلم ماذا أداه مما فرضه الله سبحانه وتعالى عليه من أركان الإسلام وواجباته ونواهيه، فإذا كنا نريد أن نكون مسلمين حقاً فيجب أن نتبع ما جاء به محمد، صلوات الله وسلامه عليه، بوحي من ربه، فهل نحن أيها الأخوان عازمون على أن نطهر أنفسنا من أدرانها، وأن نتجه بإخلاص إلى الله، سبحانه وتعالى، وأن نخلص العبادة لله وحده لاشريك له.

          الله سبحانه وتعالى؛ أكرم بني البشر فدعاهم لأن تكون علاقتهم به سبحانه وتعالى وحده دون أي وسيط، وبلا شفيع، ولا يتوسط للشفاعة عند الله، سبحانه وتعالى، بعد محمد، ولكنه، صلى الله عليه وسلم، قال: قاتل الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجدا فلا تتخذوا قبري هذا من بعدي مسجدا.

<2>