إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



          فما معنى ذلك؟

          ربنا سبحانه وتعالى يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (غافر:60) ما قال ادعوا الأنبياء، ولا ادعوا الملائكة، ولا ادعوا الأولياء والصالحين. فهل نحن مستعدون على أن نخلص العبادة لله تعالى وحده؟ وهل نحن مستعدون أن نقيم فرائض الإسلام كما أنزلت على محمد صلوات الله وسلامه عليه؟ وهل نحن مستعدون أن نطهر أخلاقنا من التحلل، ومن الفسوق، ومن كل ما يشوب أخلاق المسلم؟ إذن هنا نستحق أن نقول نحن مسلمون حقًا.

          أما أيها الأخوان، وأرجو أن تعذروني إذا كان في قولي بعض الشدة، أو بعض الصراحة، إذا كنا نعمل ما ينكره ديننا، ونتكاسل عما يفرضه علينا ديننا من عقيدة، وعبادة، وكل ما يتطلب منا، ومع ذلك نقول: نحن مسلمون! لهذا السبب وصلت أحوالنا إلى ما هي عليه اليوم.

          أيها الإخوة:

          أرجو أن تتقبلوا من أخيكم كلماته بكل رحابة صدر، وأن تحملوها على محمل النصيحة، وليست على محمل الانتقاد أو التهجم، فلم نرد النصيحة إلا لله سبحانه وتعالى ولرسوله ولإخوانه المسلمين.

          لهذا السبب قلت إنه يجب على المسلمين أن ينتخبوا نخبة منهم في جميع أقطار الأرض، ويجتمعوا في هذه البقعة المباركة كل سنة؛ ليتدارسوا أمور المسلمين، وليصححوا ما أعوج منها، وليقووا ما هو ثابت منها، وليسعوا إلى تثقيفنا نحن أخوانكم المسلمين في أمور ديننا، وفي أمور دنيانا؛ لأن دين الإسلام دين ودنيا، وهو دين السياسة، ودين العدالة، ودين كل ما تتطلبه حياة البشر، وهو الشريعة التي سنها ربنا، سبحانه وتعالى، لعباده، وهو أعلم بمصالحهم، وهو أعلم بكل ما يتعلق بحياتهم، ومعادهم. فهل يمكن أن نجد أي شريعة، أو أي قانون وضعي يعمل لمصلحة البشر أكثر مما يعمله القانون الإلهي؟ والدستور الإلهي؟ هذا مستحيل.

          أيها الإخوة الكرام:

          إن إخوتكم في هذه الديار المقدسة يرحبون بكم أجمل ترحيب، ويعملون كل ما في طاقتهم لتسهيل أداء مناسككم، ونحن لا ندعي أننا وصلنا إلى درجة الكمال، ولكننا، بحول الله وقوته، عاملون بكل ما أوتينا من قوة لكل ما فيه راحة وفود بيت الله الحرام، وما فيه تأمين راحتهم، والسهر على أن يؤدوا مناسكهم بكل أمن واطمئنان، وراحة بال، وعلينا أن نبذل ما في وسعنا، ونعمل كل ما في قدرتنا، والكمال لله سبحانه وتعالى في هذه البلاد.

          أيها الإخوان:

          لست في حاجة أن أسرد لكم ما قامت به حكومة المملكة العربية السعودية من أعمال، ولكننا ساعون في إكمال عمارة المسجد الحرام، والانتهاء من فتح الطرق والسبل المؤدية إلى الأماكن المقدسة، ومن انجاز المساكن؛ التي نأمل إذا اتممنا العمل بها أن يكون فيها راحة لوفود بيت الله الحرام.

          أما أيها الإخوان حالتنا في بلادنا فهي ولله الحمد مستقرة، والأمن مستتب، والإصلاحات دائرة في طريقها، وهذا بطبيعة الحال على حسب قدرتنا، والعدالة مضمونة لكل المواطنين، والسهر على شؤون المواطنين متوفر ولله الحمد، والأنظمة التي تحفظ للمواطن كرامته، وتحفظ له عيشه، وتحفظ له عمله بحرية، وكرامة واطمئنان، كل هذا ولله الحمد موجود.

          علاقاتنا بإخواننا العرب في كل البلاد علاقة الأخ بأخيه، فنحن نضمر لإخواننا كل محبة وإخلاص، وعلى أتم الاستعداد للتعاون مع إخواننا العرب في كل ميدان، وكل ما نرجوه أن تكون هذه القاعدة هي محور علاقات البلاد العربية فيما بينها، وأن يسير الجميع في هذا الاتجاه.. وعلاقاتنا مع بقية الدول هي علاقة صداقة. نحن في سياستنا مسالمين، لا نشجع الاعتداء، ونؤكد ونصر على حق كل شعب في تقرير مصيره بحرية واطمئنان.

          علاقاتنا بإخواننا المسلمين سواء كانوا دولاً إسلامية، أو مسلمين في بلد غير إسلامي علاقات الإخوة والمحبة.

          والسعي لتوطيد هذه العلاقات التي يفرضها عليها ديننا وشريعتنا.. لقد شرحت هذا لكم أيها الإخوة لتطمئنوا، ولتلموا بنبذة عما في هذه البلاد، وما هي حالة هذه الدولة.. لأنه يهمكم أمر هذه الدولة كدولة شرفها الله سبحانه وتعالى بالقيام على خدمة هذه الأماكن المقدسة، وخدمة وفود بيت الله الحرام.. فطبيعي أن يكون لها شأن في نفوسكم، وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا إلى أن نتجه إلى ما فرضه علينا من واجب في خدمة ديننا وأمتنا، وأن يرزقنا المزيد من شكره على ما أعطانا من نعمة.. وأن يزيد من فضله على الجميع.

          والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


<3>