إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



خطاب الفيصل
في حفلة افتتاح دورة مجلس الشورى سنة 1370
(أم القرى العدد 1338 في 13 صفر 1370 الموافق 24 نوفمبر 1950)

          في الوقت، الذي يقدر فيه مجلس الشورى، على ما قام ويقوم به من الأعمال، لا سيعني إلاّ أن أشكر المجلس على إيضاحه، بالنيابة عني، الأعمال التي قامت أو تقوم بها حكومة مولاي جلالة الملك، فقد أوردها حضرة خطيب المجلس في خطابه، ولا شك أن مسؤولية المجلس مع مسؤولية الحكومة، هما سيان تجاه الله، ثم أمام جلالة الملك، ثم أمام الشعب، الذي علق آماله في المجلس والحكومة. فهذه مسؤوليات تكاد تنوء بحملها الجبال. فإذا وفقنا الله لأداء الأمانة، مقرونة بإخلاص واجتهاد، فلا شك أن هذا من أكبر نعم الله علينا. ولا يمكنني أن أقول أكثر مما أورده خطيب المجلس من الأعمال، التي قامت وتقوم بها الحكومة. ولكن الشيء الذي أريد أن أسجله، بهذه المناسبة، أنها، بحول الله تعالى، منظمة. وليس للحكومة غاية فيما قامت أو تقوم به، سوى المصلحة العامة، التي تستهدفها في كل الأحوال.

          يجوز أن يكون هناك بعض تقصيرات أو أغلاط، تحدث عن حسن نية، ولكن الشيء، الذي نرمي إليه، هو الإخلاص في الأعمال، والدأب على تأدية الواجبات، وذلك كله، بعون الله تعالى، ثم بحسن توجيهات صاحب الجلالة الملك المعظم.

          ومن الأشياء التي اعتزمت عملها في هذا العام، إجابة للرغبات، التي تلقتها من المواطنين والوفود، هو إعادة النظر في التنظيمات والتشكيلات الخاصة بالحج والحجاج: وهذا، طبعاً، يشمل كثيراً مما ورد في خطاب الخطيب، من الشؤون الصحية، والإدارية، والمواصلات، وتوفير أسباب الراحة، التي يشترك فيها الساكنون والضيوف. ونأمل، بحول الله تعالى وقوته، أنه سوف لا يحل الموسم القادم إلاّ وقد اتخذت خطوات واسعة، في هذا السبيل، كذلك، فيما يختص بالنواحي الثقافية، فإن الجهات المختصة سائرة بعزم واجتهاد، نرجو أن يكون مثمراً، وتكون له نتائج طيبة.

          بقيت ملاحظة، وهي التي أوردها الخطيب، برجاء اهتمام الدوائر المختصة، فيما يتعلق بها، من الشؤون، والإسراع في إتمام ما يمكن إتمامه منها، وتلافي القصور والتكاسل، وما أظن أحداً يألو جهداً، في تحقيق هذه الرغبة. وفي الوقت، الذي نرحب فيه كحكومة بملاحظات المجلس، التي مصدرها الإخلاص والرغبة في إعطاء كل شيء حقه، في هذا الوقت، نرجو من المجلس، أن يكون قدوة حسنة، في هذا السبيل، وأن يهتم بجميع الأعمال، ولا شك أنه قائم بالقسط الوافر منها. وإنما في بعض الأوقات، أسمع ملاحظات بتأخر بعض الأعمال لدى المجلس، وهذا، طبعاً، ليس بقصد من المجلس، وإنما لظروف تؤدي إلى ذلك. وهناك ملاحظة بسيطة، أريد أن أطرحها بين أيديكم، كإخوان، وهي أن بعض أعضاء المجلس يأخذون الإجازات، ومنهم من يكررها، ومنهم من يطيلها، وهذا مما يشل، طبعاً، حركة المجلس، وإذا لم تكن الجلسات مستمرة، ولم يكن النشاط موجوداً، ربما يكون ذلك سبباً في تأخر بعض الأعمال، التي يتكون، بحول الله تعالى، في صالح الجميع.

          وهناك بعض الإخوان في مشاغل أخرى، من تجارة أو مؤسسات، ربما تشغلهم عن الواجب الرسمي. أريد أن أطرح هذه الملاحظة لإمكان تلافيها. وعلى كل حال، كلنا مسؤولون، وكلنا سائرون في طريق واحد.

          ذكر الخطيب، في خطابه، ما يجب على الجهة المختصة تلافيه، فيما يختص بالغلاء، وإزالة أسباب الشكوى، وهذا لا أشك أنه رغبة، لا تقتصر على المجلس فحسب، بل إنه رغبة الأمة جميعها.

          ولي ملاحظة بسيطة في الموضوع. فالغلاء ليس حقيقياً، وليست له أسباب موجبة، بل هو مصطنع، وربما كان لفائدة بعض جهات وأفراد، ولكن مكافحة الغلاء لا تكفي فيها جهود المجلس والحكومة أو شخص مسؤول، إذا لم نتضافر جميعاً على مكافحته، والتخفيف من اقتناء واستهلاك بعض الكماليات، وبعض الزوائد، التي ليست الأمة محتاجة إليها، بقدر احتياجها إلى الأغذية. ومن الناحية الثانية، ربما يستغل بعض الأفراد والجهات الفرص،ولكنهم لا يرون من رقابة الأمة ما يوفقهم عند حدهم. فلو استعملت بعض الإجراءات، في هذا السبيل، ربنا تعذر إثبات الشكوى، وذلك لعدم الأدلة، أو لعدم كفايتها، وهذا مرجعه إلى تقاعس الأفراد والمطلعين، عن الإدلاء بما عندهم من معلومات، بشأن الغلاء، وأسجل أن هذا ليس قصوراً من الحكومة أو الجهات المختصة، بل هو من الجميع. فإذا تضافرت الجهود، واتحدت وجهات التعاون، بين الدوائر المسؤولة والجمهور، فإن في اعتقادي أنه سيقضي على هذا الغلاء.

          بقي علينا أن نوجه أنظار الجميع، إلى أن يكونوا عوناً ومساعداً، ليس فقط في أن يتبعوا ما تأمرهم به الحكومة، فهذا حاصل، بل بتنبيه الحكومة إلى كل ما يتعلق بمصلحة العموم والجمهور؛ لأن الشكوى لا تكفي، إذا لم تصل إلى جهاتها المختصة، وهذا لا يكفي، إذا لم يكن الشاكي والمدعي يقرع الحجة بالحجة. ولكن الأقوال والوساوس، التي تخالج بعض النفوس، وهي مفتقرة للبروز، فهي الضعف كله، ويجب على من له حق أن يثبت حقه، وفي ذلك الوقت يصبح التأخر أو الإهمال هو الجرم منصباً على المقصر، وهذا ما

أحببت أن ألفت النظر إليه، حتى لا يكون هناك شيء من اللبس، واعتقد أن المجلس يشاركني في هذا الاتجاه، ومن بعده الأمة، التي أرجو أن يوفقنا الله إلى أن نسمو بها إلى مراقي النجاح.