إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



كلمة الأمير سعود
في الحفلة الحولية الكبرى، تكريماً لوفود بيت الله الحرام
(أم القرى العدد 1428 في 16 ذو الحجة 1371 الموافق 5 سبتمبر 1952)

          الحقيقة أنني لا أحب أن أطيل في الترحيب بكم؛ لأنه لا يرحب بأصحاب المحل إلى محلهم، ولا بأهل البلاد إلى بلادهم، فليس بينكم غريب، بل كلنا هنا إخوان مسلمون، ديننا واحد، ونبينا واحد وقبلتنا هذه، ولله الحمد، واحدة، ونحن هنا سواء لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى، وليس لي ما أقول في هذه المناسبة السعيدة والفرصة المجيدة، التي نترقبها في كل سنة، بفارغ الصبر، لأننا نلتقي فيها من أقاصي الدنيا، ملبين دعوة الباري جل وعلا في كتابه العزيز وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ (الحج:27). إلا أهلاً بكم ومرحباً إلى أهلكم وبلدكم، ونسأله، تعالى، أن يتقبل منا ومنكم صلاتنا، ودعوتنا، وحجتنا، وعمرتنا، وأن يجمع على التقوى والاتحاد قلوبنا؛ لأننا، ولله مزيد الحمد، كما يظهر لكل إنسان بين هذا الحفل المهيب، والذي تتجمع فيه شعوب الإسلام، على تباين ديارها، واختلاف ملابسها، وشتى ألسنتها، من أقصى الشرق، إلى أقصى الغرب؛ كلنا مسلمون موحدون، بدين واحد، ونعبد إلهاً واحداً، ونتبع نبياً واحداً، ونؤمن بمبادئ واحدة، يجمعنا القرآن في اللسان، والتوحيد في العقيدة، والقبلة في الهدف، فهذه هي مظاهر عزنا في الماضي، وهي مظاهر عزنا في الحاضر، وستظل كذلك لنا في المستقبل، ولن نضل ما تمسكنا بها، واتحدنا على العمل بموجبها، وأخلصنا العبادة لله وحده. وليس لي من نصيحة أخوية، إلى إخواني المسلمين، ومن وفد منهم إلى هذه البلاد، من إخواننا الحجاج، إلا أن أوصي نفسي أولاً ثم أوصيكم بالاعتماد على الله، في جليل أعمالنا وقليلها، وفي الاتحاد، الذي أمرنا الله تعالى به في كتابه العزيز، إذ قال جل وعلا: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا. وكما قال الإمام مالك، رضي الله عنه: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها فإن عز المسلمين في اتحادهم، وفي تعاضدهم، وفي تمسكهم بالعروة الوثقى، وهي كلمة التوحيد، والعمل بموجبها، والعمل أساس كل نجاح؛ لأن الإيمان باللسان، من دون العمل، نفاق ورياء، ولكن إذا أمعن الإنسان النظر فيما عليه المسلمون، أخيراً، لا يستطيع إلا أن يأسف لما آل إليه حالهم، من التباعد والتفكك، وجهل بعضهم بأحوال بعض، ولكن، مما يبشر اليوم بخير، أن البوادر الحاضرة تدل على وعي ديني طيب، وعلى يقظة إسلامية تظهر، اليوم، في كل بلد من بلاد المسلمين، لا يستطيع المتعنتون، إلا أن يعترفوا بأهميتها؛ لهذا فالأمل، إن شاء الله، كبير في أن يكون بعد العسر يسر، وبعد التفرقة اتحاد، وبعد التباعد تقارب، وبعد التنافر محبة وإخاء ووحدة؛ لهذا فإنني مستبشر، إن شاء الله، خيراً بمستقبل المسلمين. وخير ما يزيد في تفاؤلي، هو هذا الجمع الحاشد منكم، فأنتم تمثلون بلادكم في كل مكان بين العالم الإسلامي.