إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



نداء الملك سعود
إلى المسلمين بمناسبة حلول شهر الصوم المبارك
(أم القرى العدد 1515 في 11 رمضان 1373 الموافق 14 مايو 1954)

بسم الله الرحمن الرحيم
إلى إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها
          
إنني أبتهل إلى الله، بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، أن يوفقنا لصالح الأعمال، وأن يتجاوز عنا، وعن جميع المسلمين، ذنوبنا، وخطيئاتنا، وأن يجعلنا ممن صام الشهر، واستكمل الأجر، وفاز بجائزة الرب، والذي أوصيكم به، ونفسي، تقوى الله، سبحانه وتعالى، في السر والعلانية، وتحليل ما أحل الله، وجاء في سنة نبيه محمد، صلى الله عليه وسلم، وتحريم ما حرمه. وليس بخاف على أحد منكم ما أصاب المسلمين، وحل بهم، ولا شك عندي أن ذلك كان بسبب تخليهم عن مبادئهم الدينية؛ وأعظم هذه المبادئ هو التمسك بكتاب الله وسنة نبيه، واعتقاد ما اعتقده السلف الصالح، الذين تعرفون ماضيهم، وقد نالوا العز والكرامة، وما ذاك إلا بقوة إيمانهم، ومحافظتهم على شرائع الإسلام وشعائره، فنالوا ما نالوا من النصر والتأييد بهذا السبب، وهذا المبدأ الشريف، فعليكم أيها المسلمون، الرجوع إلى الله في سركم وعلانيتكم، وتحليل ما أحلَّ الله، وتحريم ما حرم، والصدق فيما بينكم، وصفاء القلوب بعضكم لبعض، وتوحيد كلمتكم، وجمع صفوفكم في هذا الجو المكفهر، الذي حير كل عاقل من تعقده، وأن تخالف أمور المسلمين فيما بينهم صدمة للإسلام وأهله، فهبوا، أيها المسلمون، إلى تصحيح مبادئكم، واسترجاع مجدكم، وتوحيد كلمتكم، كما قال الله تعالى في كتابه الحكيم:
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُم 1، وعن النبي صلى الله عليه وسلم: المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً فإلى متى؟ إلى أين، أيها المسلمون، هذا التفرق، وهذا التشتت الذي أحدث فجوة في صفوف المسلمين، واستغلها الأغيار؟ كما قال بعض أعداء العرب والمسلمين لما سئل: "بم تستعين على العرب، وهم أكثر منكم عدداً وعدة؟ قال: أستعين عليهم بالتفرقة فيما بينهم".

          وأقول لكم بكل صراحة إن هذا شيء واقع. وبهذه المناسبة فإنني استنهض هممكم، وأذكركم بماضيكم المجيد، الذي سطره التاريخ بأحرف من نور قال الله تعالى: وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.

          ونحن على أتم استعداد للسير فيما فيه عز العرب والمسلمين، فلنضحِّ بالغالي والرخيص في سبيل ذلك، من عقيدة وإيمان، مبتهلين إلى الله، عز وجل، في هذا الشهر المبارك أن ينصر دينه، ويعلي

كلمته، ويذل أعداء الدين، ويجمع شمل المسلمين، ويحفظ كيان هذه الأمة المجيدة، متكاتفين، متحدين.

          وسلام الله عليكم، ورحمته وبركاته.


1 ظهرت في الأصل واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ، فتفشلوا وتذهب ريحكم.