إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



كلمة الملك سعود إلى أهالي الجنوب من المملكة
(أم القرى العدد 1524 في 22 ذو القعدة 1373 الموافق 23 يوليه 1954)

          "لقد عزمنا منذ تولينا الحكم أن نزور جميع أنحاء بلادنا، منطقة منطقة؛ لنتفقد شؤونها، ونعلم حاجاتها، ونقدر إمكانياتها، ثم نتصل بالكبير والصغير من أفراد شعبنا، ولنعرف أحوالهم، ونعلم ما تصبو إليه نفوسهم من إصلاح لدينهم، وأنفسهم، وبلادهم، ولنستمع إلى شكواهم، ونحس آمالهم وآلامهم؛ كي نقوم بعون الله وتوفيقه ثم بمؤازرتهم جميعاً بنهضة مباركة شاملة، تتناول الصغير والكبير، والبعيد والقريب بما يرضي الله، ثم يحقق لهم العيش الهنيء، والحياة الرضية، والعلم النافع، والعمل الناجح، وقد زرنا في الشتاء المنصرم بعون الله وتوفيقه المناطق الشرقية، والشمالية، وقلب البلاد، ثم ها نحن ننهي بالأمس زيارتنا الثانية للمناطق الجنوبية، وبعض المناطق الغربية. وبهذه المناسبة يطيب لنا أن نظهر لجميع أبناء شعبنا الكريم مبلغ تأثرنا بما قوبلنا به في كل مكان، منذ حللنا بالخرج، حتى وصلنا أبها في عسير، ومن أبها حتى حللنا مكة المكرمة، فجدة من حفاوة بالغة، وأحاسيس كريمة، كشفت لنا عما تكنه صدورهم نحونا من إخلاص وولاء ومحبة، وما انطوت عليه نفوسهم من آمال جسام، وعزيمة صادقة على النهوض ببلادهم، في ظل كتاب الله، وسنة رسوله، نهضة تضعهم في مصاف الأمم الحية، وترفع من شأنهم في جميع ما يعود عليهم بالخير في الدنيا والآخرة، كما نرغب أن نبدي عظيم امتناننا مما وجدناه في كل مكان من عزيمة صادقة، وهمة بالغة، من الكبير والصغير، لمساعدتنا في هذا الإصلاح الشامل الذي عقدنا العزم بعون الله وتوفيقه على تصميمه؛ بنشر العلم في المدن والقرى، وتسهيل سبل المواصلات، ورفع مستوى الزراعة، وتحسين الصحة العامة، حتى لقد بلغ الحماس بهم أن أعلنوا رغبتهم في مد حكومتنا باليد العاملة للعمل مجاناً، لتحقيق المشاريع التي اعتزمنا القيام بها في بلادهم، مما أثلج صدرنا، وأقر عيننا بأمتنا الناهضة، ووسع في نظرنا آفاق العمل، وبشرنا بمستقبل زاهر باهر، يعم البلاد من أقصاها إلى أقصاها، ولا ريب في أنا وإياهم سنصل بعون الله وتوفيقه، ثم بحسن النية، وصدق الطوية، والتعاون الصحيح، إلى ما تصبو إليه نفوسنا جميعاً من عيش رضي، وحياة هنية. وإن من أبلغ ما أثر في نفسي، وأقر عيني في شعبي، محافظتهم على شعائر دينهم، وعلى تقوى الله في أعمالهم، مما أرجو الله، ثم أدعوهم إلى المزيد منه، والإمعان فيه؛ لأنه لا نجاح، ولا رقي، ولا إصلاح إلاَّ على أساس مبادئنا الدينية، وشريعتنا الإسلامية؛ فهي تضمن لنا جميعاً سعادة الدارين، والفوز بالحسنيين، وعليها بنيت آمالي بهم، ووضعت ثقتي فيهم، وبها أرجو النجاح لهم. والآن وقد عدت لمواصلة العمل فيما أرجو منه رضاء الله، ثم إصلاح شؤونهم، أوجه هذه الكلمة لكل فرد منهم، مع شكري، وتقديري، وامتناني من كل ما شاهدته بين ظهرانيهم من حفاوة، وما لمسته منهم من محبة، وما أبدوه لي من طاعة، معلناً لهم، ولجميع أفراد شعبي الكرام أني باذل كل ما في الطاقة؛ لتحقيق آمالهم التي وضعوها في شخصي، وتنفيذ رغباتهم، التي هي رغباتنا في إصلاح بلادنا وبلادهم، واضعاً نصب عيني، في كل مكان وزمان، ما كان فيه الخير والإصلاح، وعلى الله التوفيق، وبه نستعين".

          سعود