إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



كلمة الملك سعود إلى العالم الإسلامي بمناسبة حلول شهر رمضان
(أم القرى العدد 1760 في 4 رمضان 1378 الموافق 13 مارس 1959)

بسم الله الرحمن الرحيم
          الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد فإني مستهل هذا الشهر المبارك أتوجه إلى الله بقلب المؤمن المخلص، وأساله أن يوزعنا شكر نعمته، وأن يمن علينا بالهداية والتوفيق، ثم أتوجه بعد هذا إلى إخواننا المسلمين في مملكتنا، وفي مشارق الأرض ومغاربها أولئك الذين من الله علينا وعليهم بالهداية للإسلام، وجعلنا من أتباع هذا النبي الكريم، أدعوهم ونفسي لانتهاز هذه الفرصة المباركة، في هذا الشهر المبارك، ليحاسب كل نفسه، ويطبق أعماله على هذه الشريعة المطهرة، فيزداد المحسن منا في إحسانه، ويقلع المسيء منا عن إساءته؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يجعل لنا هذه المواسم من الطاعات إلاَّ لتزكية نفوسنا وتطهيرها، وهو سبحانه غني عنا وعن أعمالنا، وقد جعل لنا هذا الشهر المبارك ركناً من أركان الإسلام، بعد إقامة الصلوات الخمس؛ لنحاسب أنفسنا في أيامنا أثناء صلواتنا، ولنحاسب أنفسنا في كل عام في هذا الشهر المبارك على ما قدمنا ولنستعد لما هو مقبل علينا.

          إخواني لقد جاءنا الإسلام بأعلى المبادئ الدينية من التوحيد الخالص، وبأعلى المبادئ الاجتماعية التي تكفل للبشر سعادتهم وهناءهم، كما رسم لنا أوضح المناهج والسبل في كل أمر نحتاج إليه لسعادتنا في دنيانا وأخرانا، وكلنا يعلم ما لقيت هذه الدعوة الإسلامية من نجاح حتى دان لها نحو نصف كرة الأرض في أقل من عشرين عاماً، وعاش الناس في ظلالها في عدل ورخاء وهناء لا يعرف عصر مثله في عصر من عصور التاريخ، وإن المتتبع لتاريخ الدعوة الإسلامية يرى الجهود المتنوعة التي بذلت لطمس معالم تلك المبادئ، وهدم أسسها الراسخة، يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ، وليس في مبادئ الإسلام وأسسه إلاَّ ما يجعل المسلم في أعلى الدرجات وأسماها، ولكن بعد المسلمين عن فهم حقيقة دينهم أحدث الفجوات في صفوفهم، وأخلى المجال لمن يعملون على تغطية نور الشمس بسحب الشكوك، وإذا رجع المسلمون إلى كتابهم، وسنة رسولهم، وسيرة الخلفاء الراشدين، وجدوا فيها الرائد الراشد البالغ أسمى الغايات في التوحيد الخالص، وفي حياتهم الاجتماعية، ورفع مستواهم، وجعلهم الأعلون في كل مكان.

          إخواني كل ما أدعو إليه هو الرجوع لكتاب الله، وسنة رسوله، وسنة خلفائه الراشدين، نقتفي آثارهم، ونهتدي بهديهم، ونتناصح فيما بيننا للعمل لذلك، سائلين الله أن يلهمنا رشدنا، وأن يقينا شر البطر والأشر، وأن  يمن علينا بعفوه ورضوانه، ويعيننا على صيام هذا الشهر الفضيل وقيامه، وأن يجعل عملنا خالصاً مخلصاً لوجهه؛ حتى نفوز برضوانه في الدنيا والآخرة. والسلام عليكم.