إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



( تابع ) كلمة الملك فهد بن عبد العزيز إلى النواب اللبنانيين في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الطائف
المصدر: د. عبد العزيز حسين الصويغ، "الإسلام في السياسة الخارجية السعودية"، الرياض، ط1، 1992، ص 260 - 262.

مستعصية على الحل شريطة أن تتوفر الرغبة الأكيدة لدى كافة الأطراف المعنية لإنقاذ لبنان من دوامة العنف والتدمير وأن تتجاوب الأطراف مع مساعي السلام المخلصة الهادفة إلى تحقيق الوفاق الوطني اللبناني باعتباره وسيلة رئيسية لتحقيق السلام المنشود في لبنان.

         وفي إطار تلك القناعة توصلت اللجنة إلى منظور متكامل يشكل أساساً واقعياً لحل الأزمة. وشعوراً بالمسؤولية التاريخية تجاه لبنان، ومحاولة لتقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء اللبنانيين فقد ارتأت اللجنة إعداد مشروع وثيقة الوفاق الوطني لعرضها على حضرات النواب الكرام لمناقشتها لعلها تلقي قبولهم وتحقق الأهداف التي أقرها مؤتمر قمة الدار البيضاء وفي مقدمتها تحقيق الوفاق بين اللبنانيين المبني على إقرار الإصلاحات الدستورية وإجراء الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة وفاق وطني للحفاظ على وحدة لبنان وعروبته واستقلاله وسيادته وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كافة التراب اللبناني بهدف حماية أمنها واستقرارها بقواتها الذاتية وإعادة أحياء الدولة اللبنانية كاملة بكافة مؤسساتها الدستورية والأمنية والعمل على تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي وتنفيذ القرار 425 والقرارات الدولية القاضية بإزالة الاحتلال الإسرائيلي إزالة تامة وشاملة.

         وانطلاقاً من ذلك كله جاء بيان اللجنة الأخير الصادر في جدة بتاريخ 16 / 2 / 1410هـ الموافق 16 / 9 / 1989م ليعبر عن تلبية أخوية صادقة لنداء الشعب اللبناني الذي كادت المأساة أن تفتك به وقد دمرت دياره واطفأت بالموت والدمار عاصمته التي قدمت للعروبة وقضاياها كل ما تستطيع من بذل وعطاء.

         جاء بيان اللجنة والجهود المضنية التي بذلها مندوبها السيد الأخضر الإبراهيمي والتجاوب السريع من قبل الأطراف المعنية ليضع الأزمة اللبنانية على طريق الحل بعودة الأمن تمهيداً للسلام والوفاق وإحياء مؤسسات الدولة اللبنانية في ظل السيادة والاستقلال والوحدة.

         إن الإجماع على دعم أعمال اللجنة الثلاثية العربية العليا لم يكن لبنانياً فحسب ولا عربياً فقط، بل إن القوى الدولية بمختلف مواقعها أيدت وآزرت مشكورة أعمال اللجنة وتوجهاتها.

         لقد بات واضحاً للجميع بعد انقضاء السنوات الأربع عشرة أن الحرب لم يؤد ولن يؤدي إلى أية نتيجة. ولو أننا حاولنا أن نحصر بالأرقام كل ما أنفق على عدة الحرب في لبنان خلال تلك السنوات لفاق ذلك جميع التوقعات وتجاوز كل التصورات.

         فلا الديار التي دمرت.. ولا الأراضي التي أتلفت.. ولا الأموال التي أهدرت.. ولا الأجساد التي شوَهت..ولا الأرواح التي أزهقت.. ولا الأسر التي شردت.. بقابلة لأي حصر.. فكيف بالقلوب التي عصرها الحزن وبالمآقي التي حرقها الدمع؟

         ولكن كما أن للحرب عدتها.. فإن للسلم عدته.. عدة الحرب الشك، وعدة السلم الثقة عدة الحرب التنابذ، وعدة السلم التعاون.. عدة الحرب البغضاء، وعدة السلم المحبة عدة الحرب التخريب، وعدة السلم التعمير.

         والآن بعد ان انتقلت القضية من ساحة المحاربين إلى مائدة المتحاربين، فلقد حان وقت الانتقال من التراشق بالمدافع والتهم إلى التسابق على صناعة السلام بالحكمة والتبصر وبالفكر المستنير والرأي الرشيد.

<2>