إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



(تابع) خطاب استقالة الرئيس جمال عبد الناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة

          إنني بذلك لا أصفي الثورة، ولكن الثورة ليست حكراً على جيل واحد من الثوار. وإني لأعتز بإسهام هذا الجيل من الثوار.

          لقد حقق جلاء الاستعمار البريطاني وحقق استقلال مصر وحدد شخصيتها العربية وحارب سياسة مناطق النفوذ في العالم العربي، وقاد الثورة الاجتماعية وأحدث تحولاً عميقاً في الواقع المصري. وأكد تحقيق سيطرة الشعب على موارد ثروته وعلى ناتج العمل الوطني واسترد قنال السويس ووضع أسس الانطلاق الصناعي في مصر وبنى السد العالي ليفرش الخضرة الخصبة على الصحراء المجدبة، ومد شبكات الكهرباء المحركة فوق وادي النيل الشمالي كله وفجر موارد البترول بعد انتظار طويل، وأهم من ذلك وضع على قيادة العمل السياسي تحالف قوى الشعب العاملة الذي هو المصدر الدائم لقيادات متجددة تحمل أعلام النضال الوطني والقومي مرحلة بعد مرحلة وتبني الاشتراكية وتحقق وتنتصر.

          إن ثقتي غير محدودة بهذا التحالف للعمل الوطني، للفلاحين والعمال والجنود والمثقفين والرأسمالية الوطنية، إن وحدته وتماسكه والتفاعل الخلاق داخل إطار هذه الوحدة قادر على أن يضع بالعمل، وبالعمل الجاد وبالعمل الشاق، كما قل أكثر من مرة معجزات ضخمة في هذا البلد ليكون قوة لنفسه ولأمته العربية، ولحركة الثورة الوطنية، وللسلام العالمي القائم على العدل.

          إن التضحيات التي بذلها شعبنا وروحه المتوقدة خلال فترة الأزمة والبطولات المجيدة التي كتبها الضباط والجنود من قواتنا المسلحة بدمائهم سوف تبقى شعلة ضوء لا تنطفئ في تاريخنا وإلهاماً عظيماً للمستقبل وآماله الكبار.

          لقد كان الشعب رائعاً كعادته - أصيلاً كطبيعته - مؤمنا صادقاً مخلصاً. وكان أفراد قواتنا المسلحة نموذجا مشرفاً للإنسان العربي في كل زمان ومكان.

          لقد دافعوا عن حبات الرمال في الصحراء إلى آخر قطرة من دمهم وكانوا في الجو - وبرغم التفوق المعادي - أساطير للبذل وللفداء وللإقدام والاندفاع الشريف إلى أداء الواجب أنبل ما يكون أداؤه.

          إن هذه ساعة للعمل وليست ساعة للحزن، إنه موقف للمثل العليا وليس لأية أنانيات أو مشاعر فردية.

          إن قلبي كله معكم. وأريد أن تكون قلوبكم كلها معي.

وليكن الله معنا جميعاً أملاً في قلوبنا وضياءً وهدى.


<6>