خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في افتتاح الدورة الأولى لمجلس الأمة الجديد

خطاب الرئيس جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة
في افتتاح الدورة الأولى لمجلس الأمة الجديد
القاهرة، 20 يناير 1969
جريدة " الأهرام ": العدد الصادر في 21 يناير 1969

أيها الأخوة المواطنون.. أعضاء مجلس الأمة

          أهنئ مجلسكم الموقر.. وأعتقد أنه سيكون عند حسن ظن جماهير قوى الشعب العاملة به.. وأثق أنه سوف يقوم بالدور الفعال المنتظر منه في ظرف من ظروف النضال الوطني يفرض على أي مواطن منا أن يقدم كل ما عنده.. وافضل ما عنده فكراً وجهداً وإيماناً وتضحية..

أيها الأخوة المواطنون.. أعضاء مجلس الأمة

          لقد مضى وقت طويل من آخر مرة أتيح لي فيها شرف الحديث في هذا المكان. ومع أن هذا الوقت في حساب الأيام يقل عن أربعة عشر شهراً.. فإنه في حساب الأحداث أبعد من ذلك بكثير.

          إن بعض الأحداث بعمقها تأخذ من الحياة ما هو أكبر من مجرد حساب الأيام.. ومنذ الوقت الذي كان لي فيه شرف الحديث هنا.. يوم 23 نوفمبر من سنة 1967.. إلى هذا اليوم 20 يناير 1969.. جرت الحوادث متتابعة متزاحمة خطيرة وبعيدة الأثر

          إن تلك الفترة كانت من أصعب الفترات في تاريخنا.. ولا أبالغ إذا قلت أن هذه الفترة كانت أصعب من أيام الهزيمة نفسها في يونيه سنة 1967.. سواء من الناحية العملية أو النفسية..

          من الناحية العملية فإن أي بناء يمكن أن يتهدم بالانفجار في لحظة واحدة، ولكن إعادة البناء بعد ذلك لا يمكن إتمامها في لحظة واحدة..

          وعندما وقعت الهزيمة العسكرية- سريعة خاطفة- فلقد وجدنا أنفسنا أمامها بعد ستة أيام نواجه أمراً واقعاً.. لكن تغيير هذا الأمر الواقع بعد ذلك.. لا يمكن تحقيقه في ستة أيام أو ستة شهور.

          يتهدم البناء بضربة واحدة.. لكن إعادة بناءه تتم حجراً بعد حجر.. وتقع الواقعة المفاجئة في مثل لمح البصر.. ولكن تغيير واقعها يحتاج من العمل والصبر إلى طاقة لا يملكها غير المؤمنين بقضاء الله.. والواثقين في عدالته..

<1>