إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



( تابع ) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في افتتاح الدورة الأولى لمجلس الأمة الجديد

          هذا من الناحية العملية..

          ومن الناحية النفسية، فإنكم لتعلمون أن من يصاب بطلقة رصاص.. تنتابه في ذات اللحظة.. نوع من الصدمة النفسية.. يفقد معها حتى الإحساس بالألم.. لكنه بعد أن تزول آثار الصدمة تبدأ الآلام الحقيقية في الجسم وفي النفس معاً..

          ولقد كانت نكسة يونيه من سنة 1967 ضربة شديدة.. وكان تأثير صدمتها النفسية ممتداً.. وحين انقضى الشعور بالصدمة.. فإن أحاسيسنا بعد ذلك كانت مما لا يمكن وصفه..

          إن أمتنا العظيمة بإيمانها وبصلابتها رفضت الاستسلام في نفس لحظة الإصابة.. وقبل أن ينتابها الشعور بالصدمة..

          وحين انتهت مرحلة معاناة الصدمة النفسية.. فإن أمتنا عادت إلى نفسها وبدأت تستشعر عمق جراحاتها وآلام هذه الجراح..

          كان هناك الشعور بالعار حتى الأعماق..

          وكان هناك استمرار الرفض للاستسلام.. وكان قبل مشاعر الصدمة صادراً من القلب.. لكنه بعد زوال آثارها أصبح صادراً من العقل أيضاً..

          وكان على أمتنا أن تتغلب على انفعالاتها..

          كان على الانفعالات مهما كانت طبيعية وإنسانية أن تتوارى.. وأن تفسح الطريق للعقل.. يبدأ من جديد ويبدأ من الصفر.. ويمشي بسرعة ويمشي بحكمة.. يعيد بناء القوة تحت ظلال الخطر.. ويعيد بناء الحياة في ساحة بدا أن سيطرة الموت عليها قدر لا سبيل إلى نقضه..

          وتلك تجربة بالغة القسوة في حياة الإنسان.. وفي حياة الأمة..

          مواجهة الشعور بالعار والتغلب عليه.. مواجهة اهتزاز الثقة بالنفس واستعادة القدرة عليها..

          مواجهة الضياع والإمساك بالأمل مرة أخرى وتحمل مسئولياته الجسام..

          هذا جانب من صعوبة تلك الفترة..

          وجانب آخر منها هو التناقض الذي يقوم في مثل هذه الحالة، ويجب أن يقوم بين الأولويات وبين الاعتبارات التي تختلف.. بل وتتصادم مقتضياتها..

<2>