إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



كلمة الرئيس عبدالناصر في افتتاح المؤتمر الرابع للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب

كلمة الرئيس جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة
في افتتاح المؤتمر الرابع للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب
القاهرة، 29 يناير 1969
جريدة "الأهرام": العدد الصادر في 30 يناير 1969

أيها الأخوة

          يسعدني باسم هذا المجتمع المصري الذي تبنيه قوى الشعب العاملة وفي الطليعة منها الفلاحون والعمال- أن أرحب بممثلي الحركة العمالية العظيمة التي هي الآن من أقوى التيارات القائدة للتقدم العالمي. وإني لأتوجه بالشكر للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب الذي أتاح لنا بمؤتمره الرابع الفرصة للقائي بهذه الجماعة الممتازة من ممثلي الحركة العمالية العالمية والحديث معهم وتبادل الرأي وإياهم في كثير من القضايا المشتركة.

          وفي الحقيقة- أيها الأخوة- فإنكم إذا كنتم تزورون وطن الأمة العربية في وقت أزمة من أشد أزماتها وهي ظرف اختبار مصيري، فإن موضوع الصراع الأصلي وراء هذه الأزمة ليس بعيداً على الإطلاق عن القضايا المشتركة التي تشد اهتمامنا معاً.

          إن الأرضية الأصلية وراء الصراع العربي- الإسرائيلي هي في الواقع وعلى وجه الدقة أرضية التناقض بين الأمة العربية الراغبة في التحرر السياسي والاجتماعي وبين الاستعمار الراغب في السيطرة وفي مواصلة الاستغلال. وفيما مضى فلقد كان سلاح الاستعمار ضد الأمة العربية هو سلاح التمزيق، وبعد حربين عالميتين ومع تعاظم الإيمان بالوحدة العربية، فلقد لجأ الاستعمار إلى إضافة سلاح التخويف إلى سلاح التمزيق، وكان أن استغل في ذلك الدعاوى الأسطورية للحركة الصهيونية. وهكذا سلم وطناً من أوطان الأمة العربية غنيمة مستباحة للعنصرية الصهيونية المدججة بالسلاح لكي يتم تكريس تمزيق الأمة العربية وليتحقق تخويفها باستمرار عن طريق إيجاد قاعدة في قلبها لتهديدها، فضلاً عما يتبع ذلك من استنزاف كل إمكانيات القوة العربية في صراع محكوم فيه تاريخياً. ولقد زاد من حدة التناقض بين الأمة العربية والاستعمار ظهور الحركة التقدمية العربية بقيادة الفلاحين والعمال العرب، الأمر الذي دفع الاستعمار إلى مغامرات عنيفة ومخيفة عبرت عن نفسها سنة 1956 بالعدوان المشهور ضد مصر والذي عرف فيما بعد بحرب السويس، ثم عبرت عن نفسها مرة ثانية سنة 1967 التي عرفت فيما بعد بحرب الأيام الستة التي هي في الحقيقة مقدمة حرب لم تنته حتى الآن.

          وبرغم كل المحاولات التي بذلتها القوى المحبة للحرية والسلام، فإن هذه الحرية مازالت معلقة ومازال خطرها الداهم يحيق بآفاق الشرق الأوسط، والسبب أن قوى الاستعمار وعملاءها لا تريد الحرية ولا تريد

<1>