إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



( تابع ) كلمة الرئيس عبدالناصر في افتتاح المؤتمر الرابع للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب

السلم، بل هي لا تفهم حتى مجرد المعنى الحقيقي للحرية والسلام. بالنسبة لها فإن الحرية تعني السيطرة، وبالنسبة لها فإن السلام الذي تريده هو في الحقيقة الاستسلام لمخططاتها ومؤامراتها.

          إن الأمة العربية لم تغتصب وطناً لشعب آخر وإنما كان وطن أحد شعوبها وهو شعب فلسطين هو الذي تعرض للاغتصاب، والأمة العربية لم تحتل بالقوة المسلحة وبالعدوان أرضاً لدولة أخرى، وإنما توجد الآن أراض من ثلاث دول عربية أعضاء في الأمم المتحدة تحت الاحتلال العسكري لإسرائيل المدعمة بقوى الاستعمار. والأمة العربية احتفظت طوال تاريخها بعلاقات إنسانية حرة مبرأة من كل شوائب الاستغلال والعنصرية مع كل الأجناس والأديان، بما في ذلك اليهود بطبيعة الحال. ومع ذلك فإن العرب الآن تحت الاحتلال الإسرائيلي العنصري مواطنون من الدرجة الثانية في وطنهم الواقع تحت الإرغام والإكراه. هذه هي أرضية الصراع العربي- الإسرائيلي التي هي في الواقع أرضية التناقض بين آمال الأمة العربية وحقوقها المشروعة وبين أطماع الاستعمار ومخططاته ومؤامراته.

          أما مضاعفات هذا الصراع نفسه- فإنها أيها الأخوة- ليست بعيدة عنكم ولا عن فكركم ولا حتى عن تجاربكم فيما تعرفونه من القارات التي جئتم منها جميعاً. ومن الغريب- أيها الأخوة- أن ما تواجهه الأمة العربية اليوم يحمل بصمات أصابع مجرمة، تعرفها كل القوى التقدمية وتستطيع تمييزها وتعرف كيف تحكم عليها. إن اخوتنا من أوروبا يعرفون نوع التعالي العنصري، سواء قامت دعوى العنصرية على أساس اللون أو الدين. ولقد عانت أوروبا من عنصرية النازي ما عانت، ومازال الكثير منه مذكوراً لا ينسى. واخوتنا من أفريقيا يعرفون استعمار الاستيطان، حيث يستباح وطن شعب من الشعوب للقادمين وراء الدعاوى المختلفة، يقيمون المستعمرات بقصد الاستغلال، ثم يحولون هذه المستعمرات إلى قلاع مسلحة يخضعون بها الشعب الذي وفدوا إلى أرضه، ويهددون منها شعوباً أخرى تحيط بهذا الوطن، وتشعر أنها متصلة بشعبه بروابط الأخوة المشتركة مهددة مثله بنفس المصير إذا لم تنتبه وتقاوم.

أيها الأخوة

          إننا نعتبر مجيء هذه الجماعة الممتازة من ممثلي الحركة العمالية العالمية إلى وطننا في هذه الظروف تأييداً واضحاً لإيماننا بوحدة النضال ضد الاستعمار وأدواته وضد الاستغلال ومحاولاته. وهذا التأييد مبعث اعتزاز كبير لأمتنا العربية، كما أنه مصدر عون لها فيما تؤمن به من رسالة السلام القائم على العدل والتقدم المتبرئ من الاستغلال بكل صوره.

أيها الأخوة

          أكرر الشكر لكم والسلام عليكم ورحمة الله.


<2>