إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر، بمناسبة عيد العمال في شبرا الخيمة

سألت على العدد النهاردة بالضبط، وزير العمل قال لي إن عدد العمال والحرفيين وعمال الخدمات 140 ألف عامل، منهم في التأمينات 120 ألف عامل. أي أن هذه المنطقة تكاد تكون من أكبر المناطق الصناعية الآن.

إزاي نشأت الصناعة في شبرا الخيمة؟ نشأت الصناعة في شبرا الخيمة وقت الحرب العالمية الثانية، وبدأت كمجموعة من المستغلين معظمهم من الخواجات والمتمصرين، وكان مع الحرب هناك طلب على المنسوجات وبدأوا في شراء أنوال قديمة من الأنوال اللي كانت المحلة الكبرى تعتبرها خردة وتبيعها في وكالة البلح، وكانوا الناس بيشتروا المصانع من وكالة البلح ويقيموا مصانع، أي مصانع في إوض أرضها أغلبها كان من التراب مالهاش شبابيك، يمكن مالهاش إضاءة مفيهاش أي مرافق. وكانت الظروف اللي موجودة في هذه الأيام أيام الحرب العالمية الثانية لا تصلح بأي حال من الأحوال للعمل الإنساني أو العمل الآدمي.

          وكان متوسط الأجور ثمانية قروش في اليوم، وحتى المساكن اللي كان بيجدها هؤلاء العمال للسكن فيها في تلك الظروف قريبة من الظروف اللي بيشتغلوا فيها. كلنا نعرف أنه في الوقت ده وبعد كده كانت المساكن بالورديات وكان العمال بيناموا في المساكن لعدد من الساعات ويتركوا مساكنهم لعمال انتهت ورديتهم ليناموا فيها عدد من الساعات، يعني المساكن كانت ورديتين، والعمل كان 12 ساعة يمكن، ومع نضال العمال كما سمعنا، تطورت الأمور. كان يسكن كل أربعة أو خمسة عمال في أودة واحدة، ويصل الحال في بعض الأحيان إلى عشرة واتناشر في الأودة الواحدة، مكنش فيه رعاية صحية وكانت نسبة مرض السل نسبة مخيفة. مكنش فيه أي نوع من أنواع التأمين لأن العامل اللي كان يصاب بالسل كان السل يفتك برئتيه وكان يلقى أيضاً للجوع يفتك بمعدته. هذا الحال كان برغم الظروف اللي أنا اتكلمت عليها اللاإنسانية برغم البؤس المريع برغم الظلم البشع كان مصدر ثراء كبير للمشتغلين لصغار المستغلين ولكبار المستغلين، صغار المستغلين كانوا من المصريين، وكبار المستغلين زي ما قلت كانوا من الخواجات وكانوا من المتمصرين.

          وأما أقول صغار المستغلين كانوا من المصريين، إحنا حاولنا في سنة 64 إن إحنا نأمم مصانع كبيرة في شبرا الخيمة ولكن وجدنا أن فيه استحالة، استحالة إن إحنا نطبق التأميم، لأن معنى التأميم إن إحنا كنا حانأخدها ونؤممها وبنهدها يا بنخلص منها. ولكن أيضاً مكناش نقدر نهد كل هذه المصانع ونخلص منها لأنها كانت بتسبب مشكلة يمكن بالنسبة للناس اللي بيعملوا فيها. وبعضهم أممناه وبعضهم هدناه وبنينا فيه يعني في أمكنته بعض المرافق كمرافق الإسكان. كبار المستغلين من الأجانب كانوا يحصلون من فقر العمال ومن مرضهم ومن استغلالهم في أبشع الظروف على ملايين الجنيهات، خصوصاً في وقت السوق السوداء وظلام الحرب العالمية. مش عايز أقول أسامي، ولكن واحد هنا في شبرا الخيمة بدأ بمصنع استلف 10.000 جنيه من البنك علشان إقامة هذا المصنع، بعد عدة سنوات كانت ثروة هذا الرجل عندما طبقت عليه قرارات التأميم 6 مليون جنيه، وصل به الأمر في وقت من الأوقات لما يقيم أي حفلة من الحفلات في بيته كان يبعت إلى مطاعم باريس علشان يجيب أصناف الأكل بالطيارة، في الوقت اللي كانوا العمال بيموتوا بالسل وبيسكنوا كل عشرة في أودة أو أكثر من عشرة في أودة وكان متوسط أجر العامل في اليوم ثمانية قروش.

<2>