إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، فى افتتاح الدورة الثالثة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1977، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 13، ص 86 - 88"

التزاما. فما بني على الباطل باطل، والمجتمع الدولي بأسره، يقف معنا، في رفض هذه الإجراءات وإدانتها واستنكارها، وقفة اجماعية حازمة تجعلها في حكم أعمال القرصنة والخروج على القانون.

          وإذا كان العدو يظن أنه يستطيع، بهذا المسلك المستهتر، أن يفت من عضد الشعب الفلسطيني ويبث في قلبه الرعب، فهو واهم تراوده احلام اليقظة، لان تاريخ هذا الشعب ينبئنا بأن القهر لم يزده إلا تمسكا بحقه، وإصرارا على مقاومة العدوان وردعه، مهما كلفه هذا من تضحيات. ورغم ان هذا الشعب الأبي تعرض لمؤامرات ومخططات متتالية، بحكم موقعه في قلب الأمة العربية، فما حدث يوما ان انتكست حركته، أو وهنت روحه القتالية، أو كسرت شوكته، أو طوعت ارادته، بل انه ظل دائما امينا على ثورته، وفيا لمسؤوليته القومية.

          وأنتهز هذه الفرصة لأوجه من اعماق قلبي، وباسم كل فرد من ابناء الشعب العربي في مصر، تحية خالصة لأشقائنا الصامدين في الأرض العربية المحتلة، الرافضين للاحتلال ومنطقه وفلسفته وكافة الآثار المترتبة عليه، المتمسكين بحقهم في الحياة والحرية والكرامة.

          أيها الأخوة،

          ان المنعطف التاريخي الذي يجتازه كفاحنا المجيد، يتطلب وعيا كاملا بفداحة المسؤولية، واستعدادا لاتخاذ القرار دون ابطاء أو تردد، لان مصائر الشعوب لا تتقرر بتسجيل المواقف وترديد الشعارات الجوفاء، وإنما تتقرر بالعمل الحركي النشط، الذي لا يدع فرصة سانحة إلا استثمرها، ولا بابا مؤديا الى الهدف إلا طرقه، ولا حدثا يقع إلا تعامل معه من منطلق الفعل لا رد الفعل. ولم نر شعبا حقق اهدافه القومية وأمانيه بالسلبية وانتظار ما عسى ان تأتي به الأيام، والإحجام عن اتخاذ المواقف، مهما كانت صعبة تتطلب الشجاعة وإنكار الذات في سبيل المجموع.

          وليس الشعب الفلسطيني مطالبا بالتخلي عن حقوقه أو تقديم التنازلات. فقد اثبت للعالم اجمع رغبته الصادقة في السلام، وحرصه على ان يكون قوة ايجابية بناءة في هذه المنطقة الستراتيجية، كما انه ضحى كثيرا، وحرم من مقومات الحياة، وعاش تحت ظروف مادية ونفسية قاسية لم يتعرض لها شعب اخر في التاريخ المعاصر.

          ولم يعد خافيا على [أحد] ان إسرائيل هي الطرف الرافض المتعنت، الذي يخشى السلام ويضع العراقيل امامه، ويطرح كل يوم شروطا جديدة تجعل احلال السلام في المنطقة احتمالا بعيدا صعب المنال، وليس من المقبول أن تأتي اسرائيل - وهي المعتدي الذي اخرج شعب فلسطين من دياره بالإرهاب وطلقات المدافع - فتحاول استبعاد هذا الشعب عن جهود السلام، كما لو كان طرفا غريبا يحاول ان يقحم نفسه في المعادلة، وهذا قلب للأوضاع لا نقبله ولا نتسامح فيه.

          ان الشعب الفلسطيني هو صاحب القرار في كل ما يتعلق بمصيره وقضيته، وليس لأحد، كائنا من كان، ان

<2>