(تابع) رد الرئيس أنور السادات على رسالة بعث بها إليه مناحم بيجن، رئيس حكومة إسرائيل
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1980، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 16، ص 284 - 289"

الأعمال في المفاوضات، فهناك جانب موضوعي وعملي لا يقل عن هذا أهمية، وهو ان كلا الطرفين يجب أن يكون منفتحا، وأن يرجئ اصدار قرار أو اتخاذ إجراء معين إلى أن تنتهي المفاوضات، لان جميع الإجراءات أو التصرفات يجب أن تكون انعكاسا صادقا لمحصلة المحادثات، وليس الإرادة التحكمية التعسفية لطرف واحد، وعلى الطرف الذي يتصرف بحسن نية أن يبذل قصارى جهده للحفاظ على الموضوع في حالة حياد طوال سير المباحثات، حتى يتمكن المفاوضون من التوصل إلى حل موفق بكل حرية وبروح التبادل والمشاركة، وعلى الأطراف كذلك ان يتمنعوا عن أي إجراء أو تصرف يقصد به أو يمكن أن يترتب عليه أن يحدد سلفا نتيجة المفاوضات، تلك هي القابلية للتفاوض كما أفهمها.

          بعد هذا، أرى لزاما علي أن أحسم عدة نقاط أشرتم إليها في رسالتكم وأنا أفعل هذا ليس فقط من أجل الحقيقة، بل من أجل السلام والتفاهم بين شعبينا، وهذا هو الأهم، وكعهدكم بي، فسوف أقصر حديثي على ذكر الحقائق بأسلوب موضوعي، آملاً أن يمكننا هذا من رؤية الأحداث وانعكاساتها بوضوح، وفي كل هذا، فانني متأثر بالبقعة الفريدة التي أقف عليها، فقد بدت لي الخواطر التي أطرحها عليكم الآن وأنا أقف على قمة جبل موسى اتلو القرآن وأعبد الله في تلك البقعة من أرض مصر الطيبة التي شهدت مولد رسالة عظمى، وإذ كنت أرتل القرآن في هذه البقعة التي لا مثيل لها، ازداد يقيني عن أي وقت مضى بأن مبادرتي للسلام كانت مهمة مقدسة، لقد بدأت قصة بني إسرائيل على أرض مصر، ويبدو أن الارادة الالهية العليا شاءت أن تكون نهاية القصة في مصر أيضا، وهذا قدر مصر وشعبها، وتلك هي المهمة المقدسة التي وكلت إليه، وما كان هناك شعب آخر أكثر جدارة منه على أدائها.

          والآن، دعنا نستعرض معا الحقائق التالية..

          أولاً - أن الصيغة التي اتفقنا عليها في كامب ديفيد فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية لا تشكل تسوية نهائية. وهذا ثابت، ليس فقط من منطوق إطار السلام في الشرق الأوسط، بل أيضا على أساس ان جميع الأطراف في كامب ديفيد لم يكونوا يملكون ان يفرضوا حلا على الشعب الفلسطيني، وتذكر انني قررت هذا في أول لقاء جمعنا هناك، ومن ثم فان ما اتفقنا عليه كان مجرد ترتيب انتقالي لفترة محدودة، ويترتب على هذا أن كافة الأحكام والترتيبات الخاصة بتلك المرحلة الانتقالية هي أحكام وترتيبات مؤقتة بطبيعتها، ومن الخطأ القول بأن

<2>