إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، أمام مجلس الأمة

الأعصاب التي تتحمل الصدمة وتقدر على أن تميز وتفرق بين ما هو سطحي عابر، وما هو طبيعي وحقيقي له قوة البقاء والدوام. لقد خسرنا معركة في الحرب بيننا وبين إسرائيل، وهذا محتمل، ولكننا لم نخسر الحرب كلها، لأن ذلك معاد للطبيعة وللتاريخ وللتطور. ولقد كان الدليل الحي على ذلك هو وقفة جماهير أمتنا العربية وراء قائدنا الخالد جمال عبد الناصر، في يومي 9 و 10 يونيه سنة 1967.

        ولم تكن هذه الوقفة فورانا عاطفيا، وإنما كانت هذه الوقفة تعبيرا أصيلا عن طبائع الأمور. وكانت الترجمة الدقيقة لهذه الوقفة أن الجماهير العربية قالت لجمال عبد الناصر، لا عليك من عثرة الطريق، فلنقف ولنبدأ من جديد، ولنتقدم معا، مؤمنين بالله وبأنفسنا، وبإمكانية النصر، مستعدين لتحمل كل تكاليفه وتبعاته. ومنذ ذلك اليوم، حدد جمال عبد الناصر رؤيتنا لالتزاماتنا المبدئية في نقطتين اثنتين كانتا موضع القبول من الجميع.

        ووراء التمسك بهاتين النقطتين وضع شعبنا كل ما لديه مالا وعملا ودما.

        النقطة الأولى هي ضرورة إعادة كافة الأراضي المحتلة نتيجة لعدوان سنة 67، وحتمية انسحاب قوات الاحتلال منها. وكانت هذه الأراضي كما عددها جمال عبد الناصر أمام جماهير أمتنا هي: القدس العربية، الضفة الغربية للأردن،  قطاع  غزة، المرتفعات السورية، سيناء.

        ولم نقبل على الإطلاق بمساومة على الأرض، لأن أرض أي شعب هي عرضه الوطني، كما قال لكم عبد الناصر في هذا المكان.

        النقطة الثانية هي ضرورة الحفاظ على حقوق شعب فلسطين، لأننا لا نستطيع ولا نملك أن نتحدث نيابة عنه، فضلا عن أن نتنازل أو نعطي باسمه.

        إننا لن نكون الجيل الذي يسلم في حقوق شعب فلسطين. وإذا لم نستطع أن نستخلص منها أكثر، فعلى الأقل لا نتحمل قوميا أو تاريخيا أو ضميريا مسئولية التفريط في شيء من هذه الحقوق.

        كانت هذه هي التزاماتنا المبدئية ولازالت هذه هي التزاماتنا المبدئية. وسوف تظل بعون الله هذه هي التزامتنا المبدئية.

        لن يغيرها أحد، ولن تغيرها ظروف، لأن الإيمان بها أقوى من كل الأفراد وأبقى من كل الظروف، فهي ليست مجرد حقوق الأمة، ولكنها إلى جانب ذلك ضرورات المصير.

ثانياً: إن عملنا في سبيل كفالة الاحترام لالتزاماتنا المبدئية لم يتوقف طوال السنوات الماضية لا على أرض المعركة ضد العدو ولا في شرح حقائقها أمام الرأي العام العالمي كله، ولا في محاولة التعاون مع مجتمع الدول في سبيل إيجاد مخرج يصون السلام  قائما على العدل ويستهدي بمبادئ القانون الدولي.

<2>