إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، أمام مجلس الأمة

        إن قواتنا المسلحة لم تترك العدو دون أن تشتبك معه حتى في أصعب الظروف. ولقد بدأت معركة رأس العش، ولما تمض أسابيع قليلة على يونيه 67، واشتبكت وحداتنا البحرية مع وحداته وأغرقت له أكبر قطع أسطوله ايلات ونحن بعد  في سنة 67.

        وبدأت معارك المدافع ضد مواقعه سنة 68، وكانت سنة 69 هي سنة عمليات العبور لمهاجمة تحصيناته والالتحام مع جنوده وجها لوجه. وفي سنة 70 كانت قواتنا من وحدات الدفاع الجوي تخوض ضده معركة أرادها العدو ضارية وشرسة، وأرادها أصدقاؤه في الولايات المتحدة الأمريكية أن يمكنوه منها متفوقا ومالكا لزمام السيطرة العربية وبرغم ذلك فقد واجه خسائر كبيرة في شهر يوليه من ذلك العام.

        وكانت تضحيات جماهير شعبنا من المدنيين على خط القتال كبيرة فقد أراد العدو أن يتخذ من مدن القناة الثلاث الكبرى السويس والإسماعلية وبورسعيد رهينة تحت رحمة مدافعه. ودفع أهل منطقة القناة ضريبة الوطن كأعظم وأنبل ما يدفع المواطنون من أجل وطنهم.

        كانت قوى الشعب كله وراء الجبهة عملا وإنتاجا وتماسكا ووعيا وإيمانا وصبرا على مستوى لا تستطيع أن تسجله غير الأمم الأصيلة العظيمة العارفة بقيم الحرية والحضارة والإنسانية.

        ولقد كنا ندرك أن الصراعات الكبرى في العصر الحديث ووسائله لا يمكن أن تحدها حدود الميدان أو حدود الوطن.

        ولهذا فإننا خرجنا إلى العالم كله نسعى إليه بوجهة نظرنا ونعرض عليه وجه الحق والحقيقة.

        ولقد أثبتت الأزمة أن لنا أصدقاء في المقدمة وفي موضع الإعزاز لدينا شعوب الاتحاد السوفيتي العظيمة، التي لم تكتف بأن تتفهم، ولكنها سارعت لأن تقدم ما كان صعبا علينا بغيره أن نواصل القتال بقوة وفعالية.

        إن الاتحاد السوفيتي بكل مواقفه معنا في هذه الأزمة وثق صداقة من صداقات التاريخ الكبرى وجعل منها نموذجا ومثالا للإخاء الدولي ولوحدة القوى المناهضة للاستعمار والإرهاب والعدوان.

        كذلك أثبتت الأزمة أن جبهة الشعوب الاشتراكية ومجموعة الدول غير المنحازة وتضامن القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية هي جبهة قوية يمتد عليها خط التحرير الوطني قويا ومنيعا.

        ثم إن الأزمة أظهرت أن الحق له أنصاره مهما كانت العوائق، ويقف شاهدا على ذلك هذا التحول الهام البادي في موقف أوروبا الغربية، وهو موقف أثرت فيه بغير جدال سياسة فرنسا منذ بدء الأزمة وحتى الآن.

        وفي خلال هذا كله فإننا بذلنا أكبر قدر من التعاون الصادق وبكل النوايا الحسنة مع مجتمع الدول متمثلا في الأمم المتحدة بكل المحاولات للبحث عن حل للأزمة قبل أن تصل بتأثيراتها إلى ما يصعب تداركه من مخاطر على السلام العالمى.

<3>