إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، أمام مجلس الأمة

        في هذا الصدد كانت لنا خطوات محددة. قبلنا قرار مجلس الأمن بتاريخ 22 نوفمبر سنة 67.

        ومددنا يدنا بصدق وشرف إلى السفير جونار يارنج الممثل الخاص للسكرتير العام للأمم المتحدة المكلف بمتابعة تنفيذ قرار مجلس الأمن. وظللنا على اتصال به لم ينقطع، خصوصا طوال سنة ونصف السنة من بداية مهمته، وجد نفسه فيها لا يكف عن الدوران في عوام الشرق الأوسط دون الوصول إلى غاية يستطيع أن يتوقف عندها. مما اضطره بعد العناء إلى تجميد مهمته مؤقتا.

        وفي كل محفل دولي، وفي كل مؤتمر عالمي كان نداؤنا دائما هو نداء السلام. ولم نكن نعلقه بغير شرط واحد هو أن يكون سلام العدل الذي بدونه لا يقوم ولا يدوم سلام. وفي مقابل ذلك من جانبنا كان العدو من جانبه يقوم بما يلي:

        كان يماطل ويتهرب من أي سؤال يوجه إليه عن حقيقة نواياه. وكان واضحا طوال الوقت إصراره على رفض تنفيذ قرار مجلس الأمن والبحث باستمرار عن مخرج للتحلل من بنوده.

        كان يواصل سياسته العدوانية متمثلة في غارات لا يتورع عن توجيهها مجنونة وحاقدة من مصانع ومدارس في مصر، إلى مدن ومخيمات في الأردن، إلى مطارات وقرى في لبنان، إلى قتل وسجن وتعذيب للمجاهدين الصابرين في الأرض المحتلة. كأنما الدنيا خلت له بلا رادع يمنعه وبلا خوف من عقاب يثنيه.

        وبرغم كل ما رأينا وعانينا، ولكي نؤكد للعالم صدق نوايانا، وحرصنا على السلام، إذا كان للسلام طريق. فإننا في شهر يوليه من سنة 1970، قبلنا بمبادرة تقدم بها باسم الولايات المتحدة الأمريكية وزير خارجيتها المستر ويليام روجرز، وكانت أسبابنا في ذلك ما شرحه قائدنا الخالد بنفسه لكم وللشعب وللأمة، وتوقف إطلاق النار على جبهتنا التي تحملت مسئولية المواجهة المستمرة مع العدو لمدة ثلاثة شهور، كان متوقعا فيها إحراز بعض التقدم نحو الحل السلمي للأزمة.

         ولكن ذلك لم يتحقق لأن العدو تعلل بذريعة شبكة الصواريخ المصرية على جبهتنا، وامتنع عن الاتصال بمثل السكرتير العام للأمم المتحدة وانتهت مدة الشهور الثلاثة المقررة، ووضعت الأزمة بكاملها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي أصدرت في 4 نوفمبر الماضي رأيها بمد وقف إطلاق النار المؤقت لثلاثة شهور أخرى، وأكدت تمسكها بتنفيذ قرار مجلس الأمن. كما أنها رسمت طريقا يؤدي بممثل السكرتير العام للأمم المتحدة إلى العودة لاستئناف  مهمته.

        إن إسرائيل أضاعت فترة وقف إطلاق النار الأولى، حتى حصلت على أسلحة ومعدات بغير حدود، تحت حجة استعادة التوازن إزاء ذريعة الصواريخ المصرية. وكررت إسرائيل نفس عملية التشهير والابتزاز، فلم تبدأ الاتصال بممثل السكرتير العام للأمم المتحدة إلا بعد صفقة أسلحة ومعدات ومعونة اقتصادية بلغ حجمها 500 مليون دولار من الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت الحجة هذه المرة هي توفير الاطمئنان النفسي لها قبل أن تتصل بالسفير جونار يارنج. كأنما الولايات المتحدة الأمريكية عكس كل ما تقول وتدعي، تشجع المعتدي، وتمكن له من مواصلة عدوانه.

<4>