إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، في افتتاح دورة المجلس الوطني الفلسطيني، 28 فبراير 1971
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الأول 1971، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ص 84 - 86"

إن العالم كله ارتضى قرار مجلس الأمن سنة 1967 ومعكم - كما قال الأخ رئيس المؤتمر - كل الحق في أن ترفضوا هذا القرار.

وكنا نعرف منذ البداية أن اسرائيل لا تعتبر ذلك القرار محققا لأهم أهدافها فى العدوان وهو التوسع فى الأرض. ونحن لم نضع قيدا على حركتنا السياسية غير قيدين اثنين:

الأول - هو الانسحاب من كل الاراضي العربية المحتلة سنة 1967.

الثاني - هو الاصرار على حقوق شعب فلسطين كما تحددها قرارات الأمم المتحدة.

واذا كان قرار مجلس الأمن سنة 1967 يشير إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين فإن الحل العادل لا يمكن أن يكون له مرجع غير مجمل قرارات الأمم المتحدة الصادرة فى ذلك الشأن منذ سنة 1947 وإلى اليوم. وغير ذلك فإننا أعطينا أنفسنا ومنهج الثورة وليس مجرد نشوة الثورة - حرية التحرر - وكان هدفنا الأساسي أن تصل اسرائيل إلى حيث تعلن عن حقيقة نواياها وأن تكشف القناع البشع عن مطامعها. وكنا ندرك ولا زلنا أن حربنا مع العدو متعددة الجبهات كما أنها متنوعة الأسلحة وكنا ولا زلنا نرفض أية محاولة لحصر عملنا على جبهة واحدة ونقصر سلاحنا على نوع واحد ونحن نريد إذا أصبح القتال المسلح هو الباب الوحيد المفتوح أمامنا أن نكون في أكثر الأوضاع ملاءمة من الناحية السياسية للدخول في هذا الباب بأكبر قسط من الكفاءة وأكبر قدر من الأمانة وكنا نعتقد ولا زلنا بأن الاطار السياسي الذى نحمل فيه السلاح لا يقل أهمية عن السلاح الذى نحمله نفسه وعن ذكائنا فى استعماله. وهكذا فإن تحرير الأرض كان هو النقطة التى اخترناها للوقفة الحاسمة ولهذا فقد كان ضروريا أن يصل العدو الى درجة الكشف عن مطامعه فى أرضنا وأن يصل العالم إلى درجة اليقين الكامل بأننا فيما نواجهه لا خيار لنا غير القتال. لأنه ليس بيننا من يستطيع أن يتنازل عن أرضه.

***

إننا أيها الإخوة لا نريد أن نسترضي أحدا ولا نريد لأحد أن يسترضينا وإنما نريد أن تكون المواقف كلها على بينة وعلى نور ونحن أيها الإخوة لا نريد أن نفرض وصاية على أحد ولكننا في نفس الوقت لا نقبل وصاية من أحد وإنما نريد أن يكون عملنا مشتركا قائما على استراتيجية متفق عليها مفتوحا للتحرك السياسي على أساس من الثقة المطلقة. أما اننا نثق فى هدفنا أو أننا لا نثق. أما أننا نثق فى بعضنا أو أننا لانثق.

أيها الإخوة..

أريد أن أحدد معكم هنا بعض المواقف المبدئية:

أولا - إن الجمهورية العربية المتحدة تتحمل وتفى بكافة التزماتها تجاه النضال العربي وهي تفعل ذلك بمنطق وضرورة التزامها القومي والدولى لأن الجمهورية العربية المتحدة ثورة ودولة في نفس الوقت.

ثانياً - إن الجمهورية العربية المتحدة قاتلت وأعادت بناء جيشها للقتال وسوف تقاتل دفاعا عن الأرض وعن الحق.

ثالثاً - إن الجمهورية العربية المتحدة لا تستطيع أن تعطى قتالها الشرعى والضرورى إطاره الحقيقي. إلا فى جو من التعاطف العالمى والتفهم الدولى يجعل من قتالها قضية إنسانية، لهذا فإننا نريد أن نجعل من نضالنا قضية تهم الدنيا كلها ولايتحقق ذلك إلا بجهد واسع.

وإذا كان غيرنا يرون أنهم يستطيعون ببساطة أن يصدروا أمرهم للعالم فيطيع أو أنه في مقدورهم أن يفرضوا عليه فيرضخ، فإننا بأمانة لسنا من هؤلاء وبالتالى فإن هدفنا فى هذه المرحلة، وبعملنا السياسي، هدف ثلاثى:

أولا - تعميق التزام الصديق.

ثانياً - تحييد الخصم.

ثالثاً - عزل العدو.

***

رابعاً - إننا اتصالا بذلك نعتقد أن الموقف الوجدانى العربى من قضايانا الراهنة لا يحق له أن يستنفذ نفسه بالاعلان عن ذلك وإنما هو مطالب بالتأثير فى الواقع والتفاعل معه.

إن التحرير لا يتحقق بمجرد الفوران العاطفى أو بمجرد الرغبة فيه وإنما يتحقق التحرير باحتواء منطق العدو وتطويق سياسته وفى هذا الجو فإن التحرير ينجز مهمته.

ولسنا من الذين يقبلون أن يحاسبوا الناس بأقوالهم ولكننا من الذين يريدون أن تكون الأفعال أساس الحساب.

لانقبل بغير ذلك من رفاق نضالنا، ونقبل به من هؤلاء الرفاق فى النضال إذا وجهوه إلينا.

خامساً - أريدكم أن تعرفوا بوضوح أنه ليس هناك شيء اسمه حل مصرى، أو حل فلسطينى أو حل سورى أو حل أردنى وإنما هناك حل واحد وهو الحل العربى.

وفيما يتعلق بنا فإننا رفضنا الحل المصرى وكان متاحا لنا باستمرار. ذلك لأننا نعتقد أنه لا يمكن أن يكون هناك حل جزئى لعدوان وقع على أمتنا كلها ولم يستهدف قطرا واحدا من أقطارها.

سادساً - إنه من المحتمل أن تكون هناك استراتيجيات متعددة فى مواجهتنا للعدو. ولكننا نرى أن من الضرورى والحتمى أن تكون هذه الاستراتيجيات المتعددة كلها صادرة ونابعة من استراتيجية واحدة عظمى تكفل تحقيق الارادة العربية.

ويتحتم على العقل العربى الثورى أن يحدد المراحل اللازمة للتحقيق المستمر والمترابط بين الاستراتيجيات المتعددة وبين الاستراتيجية العربية الواحدة العظمى وهذا هو التحدي الذي نواجهه الآن.

<2>