إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، في اجتماع مجلس الشعب على هيئة لجنة مركزية، 2 يونيه 1971
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الأول1971، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية ط 1980، ص160 - 163"

         لا يزال العدو متركزا عليها منذ أربع سنوات. هذا هو ديننا الوحيد. دين تجاه الأرض. ودين تجاه الشرف ودين تجاه الاستقلال. ونحن بإذن الله الأوفياء بالعهد إيمانا وإخلاصا.

         إن الولايات المتحدة الأمريكية تعلن أن لها سياسة ثابتة وهى السياسة المعلنة الرسمية: سياسة حفظ توازن القوى فى المنطقة ومعنى هذه السياسة أن تكون قوة إسرائيل أكبر دائما من قوة العرب مجتمعة، هذه هي السياسة الثابتة للحزب الجمهورى والحزب الديمقراطى وهى أن تكون إسرائيل دائما فى وضع متفوق على العرب تحت اسم توازن القوى. وأنا كسياسي على أن أضع حساباتي ليس على أساس معركة اليوم التي نواجهها ولكن على أن أضع هذه السياسة وأنا اتطلع إلى مستقبل الأجيال القادمة من أبنائنا وواجبى أن أسلم أمانة هذا البلد للجيل القادم وأنا مطمئن عليه. هذه هي سياسة عبد الناصر الذى مات وهو يبنى الجيش والذى جعل فى مقدورنا أن نقول اليوم لاسرائيل: العمق بالعمق والنابالم بالنابالم.

         وعندما تتحدث الولايات المتحدة الأمريكية عن التفوق العسكرى لاسرائيل فليس التفوق بعدد الدبابات والطائرات إذ لو أعطت لكل إسرائيلى دبابة وطيارة فإننا قادرون على هزيمتها ولكن الولايات المتحدة تزود اسرائيل بكل مستحدثات العصر وبكل أدوات الحرب الالكترونية وبكل فن علم الحرب هو علم يتقدم ويتطور كل يوم دقيقة بدقيقة.

         وقد أعلن جونسون فى سنة 1968 إلى جانب ذلك ان الأسطول السادس الأمريكى هو الاحتياطى الاستراتيجى لاسرائيل وأنه على استعداد للتدخل إذا حصل أى اعتداء عليها، وعلى كسياسي أن أجمع الصورة كلها. ليست صورة المعركة القريبة ولكن صورة الحاضر كله والمستقبل كله. والغزوة الصهيونية التى نتعرض لها لن تنتهى باستردادنا الأرض المحتلة ولكنها غزوة صليبية جديدة ستستمر مع جيلنا وجيل أولادنا ومسئوليتنا كجيل قبل أن نترك المسئولية أن نسلح الجيل الجديد بقوة تجعله قادرا على مواصلة المعركة من بعدنا.

         هذا هو واجبنا حتى لا نترك الجيل المقبل من أبنائنا لاجئين لأننا نسينا واجبنا. أقول لكم إننا بعد انتهاء معركتنا الفاصلة، معركة استعادة الأرض، لن يغمض لنا جفن إلا إذا توافر لنا جيش كامل ومدرب على أحدث الأجهزة الالكترونية لأن هذا هو وحده الذى يحمى وطننا من هجمة صهيونية جديدة.

         ومن أجل هذا كله كان إلحاحى من أجل عقد معاهدة الصداقة والتعاون مع الاتحاد السوفيتى. فالعلم والتكنولوجيا متكاملان عسكريا ومدنيا في دولتين هما الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية وواحدة منهما صديقة وشريفة وقفت معنا في أحلك أوقاتنا ظلاما والأخرى تعلن أنها تضمن توازن القوى لصالح إسرائيل إلى الأبد.

         وأمام هذا لن أتردد دون السعى إلى الصديق ليعطينى العلم والتقدم لمواجهة هذا التحدى الكبير.

         فالاتحاد السوفييتى هو الذى وقف معنا لبناء السد العالى خلال عشر سنوات. وكان هذا هو الرد الحاسم على ما أعلنه دالاس وزير خارجية الولايات المتحدة فى سنة 1956 بأن مصر بلد مفلس لا يستطيع بناء السد العالى ولقد تحمل اقتصادنا بمساعدة الاتحاد السوفيتى بناء السد العالى كما تحمل اقتصادنا بمساعدة الاتحاد السوفيتى بناء 1200 مصنع.

         وعقد معنا الاتحاد السوفيتى الاتفاقية الاقتصادية الأخيرة فى الأشهر الماضية ولمدة خمس سنوات وهى التى يمثل تنفيذها استراتيجية المستقبل والتى سيتحقق عن طريقها الاكتفاء العسكرى والمدنى.

         من أجل مستقبلنا ومستقبل أجيالنا كان إلحاحنا على الاتحاد السوفييتى لعقد هذه المعاهدة ولقد كانت مساعدة الاتحاد السوفييتى شريفة دائما ولم يطلب منا شيئا إطلاقا ونحن ما زلنا على استعداد لنتحدث مع أى إنسان عن السلام ولكننا لسنا مستعدين لأن نفرط لا في معركة اليوم ولا في مستقبل أجيالنا- ونحن لا نخاف ولا نخشى شيئا فإرادتنا ملكنا وليس هناك سلطة في بلادنا غير سلطتنا وليس هناك إرادة في بلادنا غير إرادتنا. ولكن ليست معركة اليوم هى شغلنا الذى يشغلنا فقط ولكنها معركة المستقبل الممتدة أمامنا. وأقول لهؤلاء الذين تعودوا أن يعملوا فى الظلام إنه ليس لهذه المعاهدة ملاحق سرية. لقد تعودنا أن نواجه الأمور في ضوء النهار وأن نكون على مستوى المسئولية نصادق من يصادقنا ونعادى من يعادينا. إن الصديق الذى يقدم صداقته بغير قيود أو شروط يجب أن نشد على يده وأن نؤكد على صداقته، وستبقى دائما إرادتنا حرة باستمرار وعلاقتنا بالاتحاد السوفيتى علاقة الصديق الشريف بالصديق الشريف. ويعاوننا الاتحاد السوفييتى فى معركتنا من أجل تحرير الأرض ومن أجل بناء الدولة العصرية تمكينا لاستقلالنا وحفاظا على إرادتنا.

         لقد كانت هذه المعاهدة ردا حاسما على محاولة التشكيك في مسيرتنا اللى حاولها البعض هنا وانتقلت الى الصحافة وأجهزة الاعلام العربية فمسيرتنا كما هى. وهى تتدعم أكثر وأكثر بالنسبة للمعركة وبالنسبة لبناء الفرد والدولة العصرية القائمة على العلم والإيمان. فقد اخترنا الطريق الاشتراكى والحل الاشتراكى ولن نحيد عن هذا الطريق أبدا. ولن نفرط في المكاسب الاشتراكية لعمالنا وفلاحينا وسنعمل على تحقيق المزيد منها. وسنبنى الحرية التى تنطلق فيها ملكات المثقفين وطاقات وقدرات العاملين وسنقف صفا واحدا نساند ظهر جنودنا البواسل على خطوط  القتال الذين يقفون بشرف ونحن وراءهم على استعداد لبذل كل تضحية.

***

         واختتم السيد الرئيس حديثه مشيرا إلى حرق أشرطة التسجيل التى تمس الشرف والعرض وقال إننى شعرت وأنا أشارك في حرق هذه الأشرطة أننى أحرق معها كل قيد على كل ملكة من ملكات شعبنا وأفتح الطريق لكل واحد منا لكى يسهم بنصيبه في المعركة، لأنها معركة أرضنا جميعا، وفي البناء.

<3>