إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) رسالة الرئيس أنور السادات إلى مؤتمر اتحاد الجمعيات الإسلامية بأمريكا وكندا  

         ويسرني أن أعلن أن هذا هو الذي تتوخاه مصر في معاملاتها وفي سلوكها العالمي.

         وحينما نقول مصر، فإننا نعني القلعة الحصينة من قلاع العروبة، والحصن المنيع من حصون الإسلام. ونعني القلب الكبير النابض للشرق الأوسط. ونعني ميراثاً عظيماً من الحضارة شعت أنواره على العالم كله، ونعني الشعب العريق الذي استطاع أن يجمع بين المسالمة والعزة، وأن يلائم بين التسامح والإباء، وأن يوائم بين الصفح والكبرياء. الشعب الذي يعفو ولكنه لا ينخدع، ويتغاضى ولكنه لا يذل، ويصبر ولكنه لا يستكين. فليس عجيباً أن يشهد التاريخ بأن سلام المنطقة كلها مرهون بسلام مصر. وأن قلاقل المنطقة كلها أصداء لقلاقل مصر.

         لهذا كانت رغبتنا في سلام مصر وفي سلام الشرق الأوسط وفي سلام العالم كله، هي التي أملت علينا أن نصبر، ولكن في يقظة وتحفز، لنسترجع حقوقنا المسلوبة بالحلول السلمية ما استطعنا إلى السلام سبيلاً.

أيها الإخوة

         نشهد الله تعالى والعالم أجمع إننا لسنا دعاة حروب، ولا صناع دمار، وإنما نحن دعاة خير ومحبة وسلام، لأن ديننا يوجب علينا ذلك، ولأن تقاليدنا وأخلاقنا العربية تحبب إلينا ذلك، ثم إن تاريخنا المجيد الحافل يؤيد هذا ويؤكده.

         ولن يستطيع أحد أن ينكر ما بذلناه وما نبذله في الدعوة إلى سلام المنطقة، وفي السعي الدائب المخلص لحل مشكلاتنا بوسائل السلام لا بوسائل الاستسلام التي نرفضها ونأباها.

         والعالم كله يعرف الآن إننا تقدمنا مرات بمقترحات ترمى إلى استرداد أراضينا شبرا شبرا، واسترداد حقوق عرب فلسطين التي لا يمكن أن نفرط فيها بطرق سلمية عادلة لاتخضبها دماء. ولكن إسرائيل أصرت على عنادها، وتمادت في جشعها، وأصمت أذنيها عن صوت العدل والعقل والحكمة، وعن قرار مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة.

         ثم عرض علينا مشروع روجرز فقبلناه، على أنه بداية قد تحقق خيرا لنا وللمنطقة كلها، ولكن إسرائيل تمادت في طغيانها وتنكرت لمشروع  روجرز، فلم يعد سرا أن الأكثرية من دول العالم عرفت حقيقتها وحقيقة إسرائيل، ولم يعد سرا أننا نحظى بتأييد عظيم لاسترجاع حقوقنا المغتصبة في عصر يجب أن تكون السيادة فيه للقانون وإلا خسر العالم جهوده الحضارية والعلمية ورجع إلى شريعة الغاب والمخلب والناب.

         ولكي نؤكد احترامنا المطلق للقانون، ورغبتنا في سلام العالم كله، وفي رخائه. بادرنا باقتراح يكفل هذا، وهو إننا لا نمانع في عودة الملاحة إلى قناة السويس بشروط عادلة أعلناها، وعرفها العالم أجمع،

<2>