إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات أمام المؤتمر القومي للاتحاد الاشتراكي بمناسبة انعقاد دورته الخاصة

والثاني: هو إرادة واعية

         إن الاجتهادات بيننا قد تتنوع، بل انه من الضروري لها أن تتنوع. ولكننا فى النهاية يجب أن نصل إلى الإرادة الواحدة. كما أن المناقشات على أرضنا يجب أن تدور ومن المصلحة أن تدور بغير حواجز. ولكننا جميعاً يجب أن نظل في مدار الوعي الكامل بحقائق الصراع الذي نخوضه والظروف الموضوعية التي نمارس هذا الصراع فيها. ومن ثم نصل إلى تحقيق الإرادة الواعية.

         ومن مشاكلنا ونحن نحاول ذلك أننا نناضل في أجواء بالغة الصعوبة والتعقيد، سواء على المستوى الوطني أو على المستوى القومي أو على المستوى الدولي. وعلى سبيل المثال، فإننا على المستوى الوطني نواجه مشكلة التوفيق بين آمال التنمية وبين ضرائب التعبئة. أو بمعنى آخر بين أحلامنا في السلام من ناحية والتزامنا بالدفاع عن هذا السلام الذي يتمثل في حق الأرض وحق المبدأ. وعلى سبيل المثال أيضاً فإننا على المستوى القومي نواجه مشكلة التوفيق بين مطلب وحدة الصف العربي، وهو هام لتأثيرنا العالمي، وبين مطلب وحدة العمل، وهو حيوي بالنسبة لحشد القوة القادرة على التأثير في ميدان المعركة.

         وعلى سبيل المثال أخيراً، فإننا على المستوى الدولي نواجه مشكلة التوفيق بين إيماننا الذي لا يتزعزع في حقنا وإصرارنا للحصول عليه بكل وسيلة وسبيل، وبين توازنات دولية تواجهها مشاكل أخرى إلى جانب مشكلتنا.

         ويزيد من الإلحاح، بل والإرهاق علينا حقيقة هامة، هي أن الوقت يمر وأن صبر الإنسان له حدود. وأن شحنات الانفعال عوارض مشروعة. وأن البشر مهما بلغ به الوعي الموضوعي لا يستطيع إلا أن يكون بشراً، ولايمكن أن يتحول إلى مجرد آلات.

         وفوق ذلك كله، فإن دواعي المسئولية تفترض، بل وتفرض في كثير من الأحيان قيوداً لا مفر من قبولها، لا مفر من قبولها لكل ما يمكن أن ينشأ عنها من محاذير أو مضاعفات. ولكن يبقى دائماً أن النضال علم وأن الحركة السياسية تخطيط.

         والعلم والتخطيط كلاهما مرهون بالقدرة على الفعل وليس بالاستسلام للانفعال.

         ولقد كنت أحس إلى الأعماق بمشاعر شعبنا وأمتنا خلال الأسابيع الأخيرة.

<2>