إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات أمام مجلس الأمة التونسي بمناسبة زيارته لتونس

        وتمكنت الثورة في مصر من إقامة اقتصاد متين يقوم على أسس قوية وصلبة. وأقامت تنظيما سياسيا تلتقي فيه قوى الشعب العامل تتفاعل ويتفاعل بها.

        وهكذا سارت عجلة التقدم في بلادنا وزاد دخلنا القومي زيادة كبيرة. وبرغم كل تكاليف الحرب التي فرضت علينا. فإننا نجري فى بلدنا تحولا اشتراكيا يحقق تكافؤ الفرص لكل مواطن.

        ولم يكن وقد بدا تصميمنا ووضحت إرادتنا أن يتركنا الاستعمار وشأننا. إذا تصورنا هذا فإننا نكون قد أضفينا عليه صفة لا يمكنه أن يتحلى لها وهى أنه قد تخلى عن أطماعه ورغباته في السيطرة والاستغلال وهذا محال.

        فلم يكن قد مضى على ثورتنا أربع سنوات حتى عاد بكل صلفه وغروره يريد الانقضاض علينا، ويوقف عملية التطور التي ابتدأناها ولكن عجلة التطور كانت أقوى، وهزم المستعمر وركيزته إسرائيل وردوا على أعقابهم.

        ولجأ الاستعمار إلى أسلوب آخر فشن حملات التجويع والحصار الاقتصادي، ولكن مرة أخرى باءت هذه المحاولات بالفشل، فلم يكن أمام الاستعمار والحال كذلك إلا أن يعود إلى العدوان المكشوف، وقامت إسرائيل بعدوانها في الخامس من يونيه سنة 1967، ووضعت يدها على أجزاء من الوطن العربي بالقوة المسلحة واعتبرت أن في ذلك نهاية لنا واستقرارا لها.

        ولكننا الآن وبعد 5 سنوات من العدوان أصبحنا بحمد الله أقوى مما كنا عليه من قبل. فقد أعدنا بناء قواتنا المسلحة درعنا في الصمود وسبيلنا إلى التحرير. وبالرغم من كل ما ننفقه من مواردنا الذاتية على جبهتنا العسكرية. فلم نتوقف في ميادين التنمية الداخلية. ووضعنا برنامج العمل الوطني لمضاعفة الدخل القومي في عشر سنوات وكان شعارنا في ذلك يد تكافح ويد تبني. بل أن السنوات الأخيرة التي أعقبت العدوان شهدت تحركات عربية هامة فتحت آفاقا جديدة أمام إمكانيات العمل العربي الموحد وأعني بذلك قيام اتحاد الجمهوريات العربية بكل ما يمثله من تنسيق للجهود وحشد للطاقات. ولكن المشكلة مع العدو لم تنته. إن الاحتلال قائم بكل ما يمثله من انتهاك لمبادئ القانون والحق والمواثيق الدولية. وبالرغم من كل ما بذل في الأمم المتحدة وفي اللقاءات بين الأربعة الكبار وبالرغم من كل ما قدمناه من مبادرات فإن الأعداء أصروا على عناد ورفضوا إعادة ما اغتصبوه بدون حق، بل يسيرون بمخطط مرسوم من أجل تغيير ملامح الأرض وإزالة طابعها والقضاء على عروبتها على أمل التمكن من اقتطاعها بصفة نهائية.

         ولقد جربنا المحاولات الأمريكية وجاء روجرز ثم ذهب وجاء سيسكو ثم ذهب يذكرون لنا أننا لسنا مطالبين بأكثر مما فعلنا.

        ثم يجيئون في اليوم التالي بمقترحات هي في الواقع قائمة بتنازلات يريدون منا أن نقرها. وياليتهم وقفوا عند هذا الحد بل نراهم في الوقت نفسه يعملون بكل الوسائل على تثبيت هذا العدوان ودعمه بكل أنواع المساعدات العسكرية بحجة التوازن.

        وأنا أقولها هنا.. أي توازن ذلك الذي يتحدثون عنه.. هل هو التوازن الذي يسوي بين المعتدي وبين من وقعوا ضحية للعدوان ولا زالت آثاره قائمة على أراضيهم ؟

<2>