إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



خطاب الرئيس أنور السادات في افتتاح الدورة الجديدة للمؤتمر القومي العام للاتحاد الاشتراكي العربي في الذكرى العشرين لثورة يوليه، في 24/7/1972
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الثاني 1972، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ص 124 - 146"

أيها الاخوة والأخوات اعضاء المؤتمر القومى:

         في هذه اللحظة المشحونة بعظمة وجلال تاريخنا الوطني والقومي. في هذه اللحظة التي يبدأ فيها هذا المؤتمر الموقر انعقاده مع مناسبة العيد العشرين لثورة 23 يوليو. في هذه اللحظة التي نؤكد فيها من جديد كما أكدنا دائما في كل الاوقات والظروف قبولا لمسئوليات النضال المصرى والعربى، في هذه اللحظة أتوجه بالحب والاعزاز وبالاجلال والعرفان لروح وذكرى الرجل العظيم الذى فجر الثورة وقاد مسيرتها وأعطاها المبدأ والنهج وجسد فى همته آمال شعبه وأمته وأعطى بغير حساب وأعطى بدون انتظار جزاء أعطى كل شيء.. الفكر، والعرق. والدم أعطى حياته كلها في سبيل أن تكتب لأمته الحياة.

         كان جمال عبد الناصر هو مصمم ومنفذ وقائد ثورة 23 يوليو وهذا البلد لا يعرف بالمعنى الحقيقي للثورة إلا ثورة واحدة هي ثورة 23 يوليو، ان هذه الأمة العربية وهذه شهادة كل مخلص مجرب فيها يعرف ثورة أساسية واحدة هى ثورة الأم لكل التغيرات الواسعة والعميقة التى تشهدها الأمة العربية.

أيها الاخوة والأخوات:

         إنني أدعوكم في هذه اللحظة وقبل أن نبدأ أعمال مؤتمرنا إلى الوقوف باجلال لنضال جمال عبد الناصر ومبادئ جمال عبد الناصر والمثل الأعلى الذى اعطاه جمال عبد الناصر.

بسم الله

ايها الاخوة والأخوات اعضاء المؤتمر القومى:

         كانت الصيحة الأولى التى أطلقها جمال عبد الناصر بعد أن تأكد نجاح ثورة 23 يوليو 52 هى نداءه المشهور " ارفع رأسك يا اخى فقد ذهب عهد الاستعباد".

الشعب هو صانع المعجزة

         واليوم وبعد 20 سنه من النضال الثورى ومن القتال والتضحيات ومن التقدم والانجاز ومن ممارسة التغيير والتحول ومن التجارب الحلوة والمرة فاننى استعادة لصدى ذلك الصوت المخلص الجسور اقول لتبق رءوسنا مرفوعة بالعزة والكرامة لتظل أقدامنا على الأرض ولتصل أحلامنا الى السماء. نحن باذن الله سادة أنفسنا ونحن أصحاب الأمل والعمل ونحن حملة المسئولية مهما ثقلت أعباؤها ونحن النار والنور معا نقود المعركة ونحقق النصر بعون الله وتأكيدا لا رادته الحقة ما بين الصوت الغالى وندائه العزيز قبل 20 سنه وما بين استرجاعنا له اليوم ونحن نحتفل بالعيد العشرين للثورة فان الحقيقة هى الحقيقة والدرس هو الدرس. هذا الشعب هو صانع المعجزة على أرضه وهذا الشعب هو مصدر الالهام لمن حوله. وهذا الشعب هو القاعدة للتقدم وهو الدرع ضد الانقباض ولقد كان ذلك هو جوهر الحقيقة التى توصلت اليها ثورة 23 يوليو.

         ان الثورة لم تكن مؤامرة على السلطة القائمة قبل 23 يوليو، ولا كانت الثورة انقلابا يستهدف احلال مجموعة حاكمة بمجموعة اخرى حاكمة. ولا كانت الثورة انفعالا عاطفيا يتمرد على الاوضاع السائدة أمامه ويريد تحديها مهما كان الثمن.

         واذا رجعنا الى فكر عبد الناصر لوجدنا ان هناك فكرة واضحة فيه لن يلحقها ادنى شك ولم تشبها شائبة فى أى وقت انه لا مفر من قيام ثورة تقوم بتغيير الواقع الاقتصادى والاجتماعى وتصل مصر بالأمة العربية وتربط هذه الأمة بما فيها مصر بقيم وأحلام العصر الحديث.

         ان الطلائع الثورية سوف تخرج من القوات المسلحة لان هذه القوات المسلحة وغالبيتها من أبناء جماهير الشعب العاملة بقيت بعيدا عن الاحزاب واصولها الطبقى وعاء سليما للقضية المصرية وللفكرة العربية.

         أن الدور الثورى للطلائع ليلة 23 يوليو يفرض عليها مهمة واحدة رئيسية هى أن تمسك بالسلطة فى الجيش وأن تأخذ الجيش من طاعة الملك ونظامه القائم على تحالف الاستعمار والاقطاع وان تنضم به الى صفوف الشعب. ان ذلك العمل وحده ينقل قوة الاجبار فى الدولة من سيطرة الملك وتحالفه المستغل الى سيطرة الشعب وآماله الواسعة أى أن هذا العمل وحده يحرر سلطة الشعب من السلاسل والقيود ويعيد اليها حريتها الخلاقة ويضع مصيرها فى يده وذلك ما حدث تماما فى الفترة ما بين ليلة 23 يوليو 1952 الى مساء يوم 26 يوليو 1952.

         ليلة 23 يوليو تمكنت الطلائع الثورية فى القوات المسلحة من أن تمسك بالسلطة فى الجيش وكان خروج جماهير الشعب صباح 23 يوليو 52 إلى تأييدها بغير تحفظ يعنى أن الجماهير بحسها ووعيها فهمت الاشارة وأدركت أن الجيش أصبح لها بعد أن كان أعداؤها يوهمونها أن الجيش عليها وليس لها.

         وفى يوم 26 يوليو وجهت الثورة إنذارها للملك وقد فعلت ذلك بقوة الشعب وليس بقوة الجيش. فعلته بالولاء الحقيقى للسيد الحقيقى على أرض هذا الوطن وليس بالولاء المصنوع أو المفروض للاجنبى الجالس على العرش والذى كان سوس الفساد قد نخر قوائمه.

         وكانت صيحة جمال عبد الناصر بعد ذلك " ارفع رأسك يا أخى فقد ذهب عهد الاستعباد " كانت الصيحة دعوة إلى النور بعد انزياح الكابوس ودعوة إلى الحرية بعد أن تحطمت السلاسل. دعوة إلى المسئولية بعد أن انهارت الحواجز.

         من يومها بدأت المسيرة العظيمة لشعبنا ولشعوب أمتنا العربية. ومن يومها لم تتوقف المعارك ضد مسيرة شعبنا وشعوب أمتنا

<1>