إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات في افتتاح الدورة الجديدة للمؤتمر القومي العام للاتحاد الاشتراكي العربي في الذكرى العشرين لثورة يوليه، في 24/7/1972
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الثاني 1972، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ص 124 - 146"

العربية. رحنا نتقدم كما تتقدم كل الأمم العظيمة وسط المصاعب والعقبات ورحنا ننمو كما تنمو كل الأمم العظيمة بالتجربة والخوض. كنا نتقدم ونصطدم ثم نواصل السير وكنا نمارس وننجح أحيانا ولا ننجح أحيانا أخرى. ولكننا فى كل هذا نضيف رصيد الممارسة إلى تجربتنا الوطنية.

         كانت أول الدروس في ثورة 33 يوليو وقد عبر عنها جمال عبد الناصر فى فلسفة الثورة درسين:

         أولا - إن الشعب وحده هو السيد وهو مصدر كل قوة وصاحب كل سلطة وهو القادر على صنع وفرض التغيير.

         ثانيا - إن التلازم كامل رغم اختلاف الضرورات بين الثورة السياسية والثورة الاجتماعية وعلينا بالمنهج السليم أن نجعل الاختلاف بين ضرورات الثورة السياسية وضرورات الثورة الاجتماعية قوة دافعة للتقدم وليس عقبة عليه برغم أى مصاعب عملية وإنسانية.

         إن الشعب كان عبر قرون طويلة من الظلام والاستعباد على وشك أن يفقد الثقة فى نفسه مع أنه بأصالته وروحه الوثابة لن يفقد الثقة أبدا وكان لابد من تعزيز ثقته بنفسه.

         وفي حين أن الثورة السياسية كانت تفترض حشد كل القوى داخل الوطن فان الثورة الاجتماعية كانت تقتضي عزل الطبقة المستغلة لان نزعات الاستغلال لديها سوف تضعها أرادت أولم ترد وعت أولم تع فى مصلحة قريبة من مصلحة الاستعمار. وتحت شعار كل القوى الوطنية صدر قانون الاصلاح الزراعى الأول ووضعت للتنفيذ الفورى كل الاحلام الضائعة التى تضمنتها خطب العرش قبل الثورة وفيها كهرباء خزان أسوان وبدىء فى برنامج واسع للانتاج والخدمات.

الثورة السياسية

         وتحت شعار كل القوى الوطنية واجهنا قوات الاحتلال البريطانى بطريقة حاسمة أرغمت هذا الاحتلال على أن يحمل عصاه على كاهله ويرحل ثم رفضنا سياسة مناطق النفوذ التي أرادت أن تجعل من مصر حلقة في سلسلة أحلاف الاستعمار الجديد ثم واجهنا باصرار وشجاعة مثل هذه المحاولة في بغداد وقد طرحت بل فرضت بمحاولة انشاء حلف بغداد.

         وشاركنا في انشاء وتطوير فكرة ومفهوم سياسة عدم الانحياز وكسرنا احتكار السلام وتعرضنا لاستفزازات لم تتعرض لها أمة مثلنا من الارهاب فى الحملات النفسية إلى الارهاب بالغارات الوحشية التى أسفرت فيها إسرائيل عن طبيعتها كأداة للاستعمار. اقامها وسط أرضنا لتكون مصدر تهديد وعازلا يقطع وحدة أرضنا العربية مشرقها عن مغربها ثم استنزاف لجهدنا ومواردنا تحت شعار كل القوى الوطنية أيضا.

         خضنا معركة السويس المنتصرة التى أعادت تأكيد البرهان على صحة معتقداتنا الثورية الأصيلة وهى أن الشعب وحده هو القادر على الصمود وعلى النصر وأنه مهما بلغ من جبروت القوى المعادية وميل ميادين القوة لصالحها فان الصمود ممكن والنصر متاح. وان النصر يتحقق اكثر ما يتحقق بحركة الأمة العربية كلها حتى وان كانت هذه الحركة معنوية وأننا بالتعاطف والانتماء جزء من عالم بأسره يعادى الاستعمار وأن الصلة بين الاستغلال الاقتصادى والارهاب الاستعمارى واضحة لا تحتاج إلى دليل.

         تأميم شركة قناة السويس ادى إلى حرب بالقوة المسلحة وأن بناء القوة الذاتية يجب ان يكون مطلب الساعة وكل ساعة. بناء القوة الذاتية يجب أن يكون مطلب الساعة وكل ساعة أمام الشعوب المؤمنة بالحرية وبالمستقبل.

         هكذا خرجنا من حرب السويس إلى فترة من أعظم فترات حياتنا. تمصير ثم تأميم كل المصالح البريطانية والفرنسية على أرضنا. تصد لمشروع أيزنهاور وكان بديلا جديدا لحلف بغداد. الاتجاه إلى التصنيع بتركيز شديد لم تكن تعرفه الأمم النامية وقتها. صلات أوثق بالعالم وبالذات آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية. قبول التحدى مع الشعب السورى جنبا إلى جنب فى مؤامرة غزو أراضيه بواسطة قوات حلف بغداد. تحمل لمسئوليات الوحدة الأولى مع سوريا رغم ما كان يبدو من مصاعبها لأول وهلة وانهار حلف بغداد.

         إن حلف بغداد لم يسقط فحسب تحت الضربات القوية لحركة القومية العربية التى كان يقودها شعب مصر. ولكن السقوط كان أوسع  وأبعد من ذلك. لقد تم فى هذه الفترة تماما سقوط امبراطوريتين كان لهما الحكم والسيطرة على أرضنا.

         الامبراطورية البريطانية في المشرق العربى، والامبراطورية الفرنسية فى المغرب العربى.

         إن الثورة السياسية ضد الاستعمار كان يقرب تحقيق انتصارها وبدت الثورة الاجتماعية تلح باعتبارها المطلب الذى جاء دوره كاملا.

التحول الاشتراكي

         من هذا المنطلق جاءت عملية التحول الاشتراكى العظيم متمثلة في قوانين يوليو المجيدة سنة 61 عندئذ تجمعت فلول الاستعمار المنهزمة وفلول الاستغلال المضروب وتكاتفت الفلول معا فى محاولة يائسة استطاعت فيها تحقيق نجاح جزئى هو انفصال سوريا عن مصر فى سبتمبر 61.

         أيها الإخوة والأخوات..

         فى ضوء هذه التجربة بلور الشعب المصرى خلاصة الممارسة في وثيقة ثانية أضافها إلى الوثيقة الأولى. الوثيقة الأولى كانت

<2>