إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات في افتتاح الدورة الجديدة للمؤتمر القومي العام للاتحاد الاشتراكي العربي في الذكرى العشرين لثورة يوليه، في 24/7/1972
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الثاني 1972، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ص 124 - 146"

فلسفة الثورة. والوثيقة الثانية ميثاق العمل الوطنى. كان الميثاق هو المحصلة للتجربة الهائلة من سنة 53 إلى سنة 61 وكان أبرز ما فى الميثاق السلطة السياسية لتحالف قوى الشعب العامل والسيطرة الاجتماعية لسيطرة هذه السلطة السياسية على وسائل الانتاج.

         ولم تتوقف المعارك، أن فلول الاستعمار والاستغلال كانت قد استعادت أنفاسها بعد ضربة الانفصال وفى نفس الوقت فان القوى الثورية كانت قد عززت مواقعها بروح وفكر الميثاق ودخلنا إلى أعنف مرحلة فى الصراع وهى أن حرب سنة 1967 لم تبدأ فى الحقيقة سنة 67 وإنما بدأت قبل ذلك بسنوات. إن معارك الأيام الستة بدأت قبل ذلك بكثير بمعارك ساخنة ومعارك باردة كانت هناك معركة اليمن مثلا ساخنة وفى نفس الوقت كانت هناك معركة باردة تدور هنا في القاهرة حين طلبت الولايات المتحدة سنة 63 حق التفتيش على مصانعنا الحربية بدعوة التأكد من وجود توازن فى القوى المسلحة بيننا وبين إسرائيل. كان ذلك فى وقت حكم الرئيس الأمريكى جون كيندى سنة 63. وحين رفضنا وكان يجب أن نرفض فإن الرئيس الأمريكى جون كيندى أعطى لاسرائيل صفقة من صواريخ هوك. وبدأت الولايات المتحدة تدخل سافرة كمورد للسلاح المباشر لاسرائيل في الوقت الذى كنا فيه قد استطعنا أن نوقف سيل السلاح المتدفق عليها من فرنسا والذى توقف بفعل السياسة الحكيمة للقائد الفرنسي العظيم شارل ديجول. حاولت أمريكا أن تعوض إسرائيل عن فقد المطلب الفرنسي فاذا هى تضغط على المانيا الغربية لعقد صفقة سلاح مع إسرائيل تعطى لها هدية بلا ثمن.

         وحين استطعنا بجهود شاقة أن نجعل المانيا الغربية توقف تكملة الصفقة فان الرئيس الأمريكى وكان فى ذلك الوقت ليندون جونسون، كان كنيدى قد اغتيل، لم يتورع ليندون جونسون عن ارسال ما يكاد أن يكون انذارا لمصر فقد قرر ليندون جونسون أن تدخل أمريكا كمورد سلاح لاسرائيل ليس مجرد مورد مباشر ولكن مورد رئيسي وأساسي بعث مع وكيل خارجيته فى ذلك الوقت (فيليب سالكون) كان ذلك فى سنة 65 رسالة إلى عبد الناصر يقول فيها إن الولايات المتحدة سوف تعطى لاسرائيل بعض أنواع السلاح وإذا ردت مصر على ذلك بشن هجمات دعائية على الولايات المتحدة فان الولايات المتحدة سوف ترد بأن تعطى لاسرائيل المزيد.

         وبدأ الموقف يتصاعد بخطورة وأذكر أننى فى هذه الفترة بالذات وفى سنة 66 أجريت محادثات بنفسى مع الرئيس الأمريكى ليندون جونسون ووزير خارجيته دين راسك وحاولت بكل جهد أن أقنعه بمحاذير ومخاطر هذا الاندفاع الأمريكى الأحمق المجنون إلى تأييد إسرائيل ولكن العيون كانت لا ترى والآذان لم تكن تسمع، كان التصاعد ما زال مستمرا بالخطورة وكانت هناك أمورا كثيرة بيتت بليل ظهرت منها بالتهديدات الموجهة إلى سوريا فى أواخر سنة 66 وأوائل سنة 1967.

         كانت العاصفة على وشك أن تهب، أو لعلى أقول إن الجريمة كانت قد أحكم تدبيرها وجاءت معارك الأيام الستة وكانت نتيجتها نكسة لنا ولكن شعبنا لم يقع من طوله للصدمة ولقد كان هو الذى تنبه قبل غيره إلى حقيقة ما يراد به وإلى أبعاد المؤامرة وهكذا نزل إلى الشوارع في كل مدينة مصرية وكل قرية وكل نجع ونزل إلى الشوارع فى كل عاصمة عربية وكل مدينة وكل مخيم، كانت الجماهير العربية فى كل مكان تطالب بالصمود وكانت الجماهير العربية فى كل مكان تطالب بالاستمرار وكانت الجماهير العربية في كل مكان تطالب بالنضال وأعادت الجماهير العربية تثبيت جمال عبد الناصر على القمة من المسيرة ثقة فى التزامه الوطنى والقومى وثقة فى قيادته وتجربته.

خلاصة 30 مارس

         ومضى شعبنا يعبىء للحرب ويبنى للحياة ومن خلاصة التجربة صاغ شعبنا مرة أخرى وثيقة ثالثة هي بيان 30 مارس سنة 1968 كان ملخص الوثيقة الجديدة هو أن الارادة الشعبية يجب أن تمارس بالحرية عملها سواء فى المعركة أو فى البناء تجربة تغنى الفكر والفكر يضيء الطريق أمام التجربة. هكذا تعيش الشعوب الحرة وتتقدم وهكذا تواجه قضايا الحرب وقضايا السلام. هكذا نقاتل وهكذا نبنى.

سجل العشرين عاما

         أيها الأخوة والأخوات..

         هنا لابد من نظرة اراها ضرورية فى هذا العيد العشرين لثورة يوليو 52 نظرة اراها ضرورية على ما استطعنا تحقيقه حتى يكون السجل واضحا وحتى يكون السجل أمينا. ان هذه السنوات العشرين غيرت صورة مصر الاقتصادية والاجتماعية ولا بد لنا من اطلاعه على هذه الصور حتى نستطيع بالحقيقة وبالحقيقة وحدها تجديد ايماننا وحتى نستطيع بالارقام أن نقيس تقدمنا.

         أيها الأخوة والأخوات..

         لقد تعرضت ثورة 23 يوليو منذ السنوات الأولى وحتى هذه اللحظة لهجوم ضار من جانب الاستعمار والاستغلال ولم يكن مرجع هذا الهجوم حقدا على أشخاص القادة أو خطأ من جانب مصر وانما كان سببه الوحيد أن الثورة فتحت امام الشعب فى بلادنا طريق التقدم الحر والبناء الاشتراكى فقطع شوطا بعيدا فى تصفية التخلف والتخلص من الاستغلال وغدا مركز استقطاب الشعوب امتنا العربية ومثلا جذابا لكثير من شعوب آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية التى عانت وما تزال تعانى من الاستعمار على اختلاف أساليبه ومن أعوانه على تباين مايستترون وراءه من لافتات.

<3>