إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، أمام مؤتمر رؤساء الدول والحكومات الأعضاء في منظمة الوحدة الأفريقية

سفر وبحث وحوار. ومع ذلك لم يجدوا لدى زعماء إسرائيل إلا آذانا صماء، وأطماعاً في الأرض، واغتصاباً لحق شعب فلسطين. فلا عجب من قرار أفريقيا بأن المبادئ ليست محل مناقشة. والحريات ليست محل مساومة. إن الانسحاب التام من كل الأرض المحتلة التزام واجب الأداء لا يخضع لشروط، وأن شعب فلسطين له حقه في تقرير مصيره. بل لا يمكن أن تحول القوة دون تحقيقه. في الوقت الذي يدفع فيه أعوان الحرية فرص السلام، تسعى قوى الإرهاب والتوسع إلى تجميد الأوضاع، وتسوف في كل حق عادل، وتجمد كل خطوة لتحقيق تقدم نحو السلام المتمثل في إقرار المجتمع الدولي. بل تصميم على إخراج الحل من شرعية القانون بعيداً عن التنظيم الدولي والذي اختاره العالم منذ نهاية الحرب الثانية، ليكون ملاذه وملجأه من مخاطر حرب مقبلة لن تبقي ولن تذر.

          ولا عجب أيضاً من أن تعبئ مصر كل طاقاتها في جميع الميادين السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والدفاع من أجل تحرير الأرض واسترداد الحق، لأن ذلك هو الأساس الوحيد للسلام العادل والدائم الذي يسمح بتكريس كل جهودها للتطور والتقدم والرخاء. ونحن في هذا واثقون من تعاطف وتعاون كل الدول الأفريقية.

          إننا في هذه الآونة العصيبة من تاريخ نضالنا نواجه قدرنا، وقد عزمنا على أن نبذل كل تضحية من أجل تحقيق حرية أبناء شعبنا وأن نكفل لهم مستقبلاً آمنا حراً.

          إنني أتوجه إلى الله العلي القدير بأن يهبنا جمعياً الحكمة والصلابة كي نستمر في إعلاء كلمة الحق وأن نواجه بها جميع التحديات مهما بلغت قوة وشراسة العدو. وعندما يأتي الوقت الذي يتعين فيه على كل أمة من الأمم أن تواجه قدرها، فإنها لا بد وأن تواجه بحزم وإيمان، وإلا لما استحقت الحياة بين الأحرار.

          إن ذهاب مصر في الأيام المقبلة لمجلس الأمن ينطلق من هذه السياسة ويهدف إلى تحريك القضية من جمود يفرض عليها ويدفع بالحل السلمي إلى تكملة مسيرته ليحقق الأمن والاستقرار في منطقة مهد الأديان والسلام.

          ومن هذا المنطلق، فإن جمهورية مصر العربية لواثقة من أن كل القوى التي تعمل في أرجاء العالم كله للسلام العادل وتتطلع لعالم أفضل، سوف تتحمل مسئولياتها في هذه المرحلة الخطيرة، وأنها ستعمل بعزم وإخلاص معنا جميعاً على تحرير هذه القارة من مشاكلها ومعوقاتها من أجل تحقيق مبادئ الحرية والكرامة والعدل.

          إن تراب مصر من تراب أفريقيا، وحريته من حريتها، وسيادة مصر من سيادتها.

<3>