إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، في جامعة الإسكندرية في ذكرى ثورة 23 يوليه

الإسكندرية فعلاً للسيطرة الحضارية أيضاً على المنطقة. بمعنى أن تخلينا دائماً في إطار التخلف، كلنا كعرب في إطار التخلف. إسرائيل هي العلم، هي الصناعة، هي التكنولوجيا، هي الإدارة، ونبقى جميعاً عالم متخلف. مش بس سيطرة سياسية، وإنما أيضاً سيطرة حضارية. من ورا إسرائيل بتقف أمريكا بكل ما لديها، من إرسال الأسلحة ومن نفوذ في الأمم المتحدة، من منذ ساعة ونص، ومن إمكانيات.

          هل معنى ده إن إحنا نيأس، هو ده المطلوب. المطلوب إن إحنا نيأس أو نتنرفز؟ ونعمل أي عمل، نشط أي شطط. التمزق اللي من داخلنا مطلوب إنه يزيد كمان، علشان ننفجر على نفسنا من داخلنا. لا، أبداً، أبداً إحنا نحمد الله زي ما قلت لكم إنه بعد ست سنوات، وكانوا بيقولوا عليها حرب الستة أيام، بعد ست سنوات، إرادتنا حرة، وتسند إرادتنا قوة حقيقية. إذن نقعد ونتبصر في أمرنا ونشوف مشكلتنا بكل أبعادها وبمنتهى الهدوء. لا نحقق لأعدائنا أبداً هدفهم في أن نفقد أعصابنا أو نتمزق أكثر أو ننفجر على أنفسنا أكثر. ده قدرنا، قدر، وقبلنا دول عظمى قابلت هذا الشعور، ودول صغرى أيضاً قابلت هذا القدر. الدول العظمى قبلنا تعرضت لمثل هذه المعارك، ودول صغرى أيضاً تعرضت لمثل هذه المعارك. نذكر في هذا بولندا، بولندا في سنة 1939 لما هتلر بعث لهم الإنذار، وكان هتلر في ذلك الوقت مش متفوق على بولندا بس .. لا .. هتلر كان متفوق على بولندا وعلى فرنسا وعلى إنجلترا، على كل أوروبا، ليه؟ لأنه من عشر سنين كان بيجهز، وكانت فرنسا دولة من الدرجة الأولى وامبراطورية، بريطانيا امبراطورية ودولة صناعية من الدرجة الأولى. خدوا خمس سنين كاملة ما استطاعوش يدخلوا في المواجهة مع هتلر، برغم انهم دول صناعية من الدرجة الأولى، إلا بعد خمس سنين، من سنة 1939 إلى سنة 1944. على ما حشدوا كل إمكانياتهم. الدول العظمى تعرضت قبلنا لهذا دول صغرى زي بولندا، زي ما باقول لكم هتلر بعث الإنذار وهو متفوق هذا التفوق، ويعلم البولنديين إنه كان لدى هتلر فوق الـ 3000 طيارة وجههم إلى وارسو، ودك وارسو، ورفضت بولندا الإنذار لأن المسألة هنا مسألة مبدأ، هل بولندا تقبل الإنذار يعني بتقبل الموت أو بتقبل أن تسلم في استقلالها، في إرادتها، بتسلم في كيانها، لا برغم إنه معروف إن آلاف الطيارات دي ها تدك وارسو ودكت وارسو فعلاً، ولكن تحررت بولندا بعد ذلك وأعيد بناء وارسو وأعيد بناء بولندا كلها.

          أنا باقول ده ليه، باقول ده لأن الحملة النفسية الشرسة اللي من ضمنها الفيتو اللي من ساعة ونص، هدفه الأساسي إنه يا عرب ايأسوا لا أمل لكم إلا أن تقعدوا مع إسرائيل وتفرض عليكم شروطها.

          هنا بقى مفيش مجال إطلاقاً لأي اجتهاد، لأنه واحدة من اثنين إما أن نقف ونصمد ونتمسك بحقنا كاملاً، وإما أن نؤخذ بهذه الحرب النفسية الشرسة وننهار من داخلنا، ننهار مش برصاص إسرائيل ولا برصاص أمريكا، أبداً ننهار من داخل نفوسنا إحنا نتيجة استجابتنا لهذه الحرب النفسية اللي بتشن علينا.

          وده اللي خلاني دايماً أنادي وأصر على المعركة وعلى الاستعداد وإن ما فيش سبيل إطلاقاً أمامنا إلا أن نقبل هذا التحدي إذا كنا راغبين أن نحتفظ بإرادتنا ونحتفظ بوطننا وبمقوماتنا كاملة.

<4>